يبدو أن "خالتي اللتاتة" - تلك الشخصية الوهمية - التي أخترعها أحمد مكي في السيناريو والحوار الذي كتبه بمعاونة أحمد الجندي و عمر طاهر لفيلم طير انت قد شاركت بقوة في لجنة تحكيم مهرجان القاهرة السينمائي الدولي في دورته الـ34 ، وعملاً بمثل "اللي يعوزه البيت يحرم على الجامع" قررت منح جميع الجوائز الرئيسية في المهرجان لمصر، دون النظر إلى ما يضفيه هذا على مصداقية المهرجان وعالميته، في سابقة لم تحدث في بلد مضيف لأي مهرجان من قبل.
ولإيمانها القوي بمثل " القرد في عين أمه غزال" منحت فيلم الشوق جائزة أحسن فيلم على الرغم من عيوب التصوير الخارجي القاتلة فيه، والسيناريو المترهل، معتبرة إياه "أعورا وسط عميان"، بعد تصريحات متضاربة عن ضعف أفلام المهرجان وكأننا نحن الذين قمنا بإختيارها.
وعلى الرغم من إنحياز بعض النقاد للفيلم - لأغراض أخرى غير النقد طبعاً - إلا أن إختياره للمشاركة في المهرجان هذا العام سيبقى خطأ لن يغفر له، فما بالك بإختياره كأحسن فيلم فيه - على الرغم من الغضب العارم الذي إجتاح لجنة التحكيم يوم مشاهدة الفيلم - وكذلك - تصريح عزت أبو عوف عن ندمه لإختيار الشوق للمشاركة في المسابقة الرسمية - ولكن لأن "كلام الليل مدهون بزبدة يطلع عليه النهار يسيح" فقد قررت اللجنة منح الفيلم الجائزة بليل وهم نائمون.
وسبق هذا جريمة أخرى أرتكبتها اللجنة بمنح الفنان عمرو واكد جائزة أحسن ممثل مناصفة مع الممثل الإيطالي أليساندرو جاسمان البطل الحقيقي للفيلم، على الرغم من مشاركة عمرو كدور ثان، ولكن لأن "زيتنا في دقيقنا"، تم إقتسام الجائزة بطريقة بدت حتى مخجلة على المسرح لحظة تسلمها.
أما عن منح الفنانة سوسن بدرجائزة أحسن ممثلة، فلم يخف عن عين منذ عرض فيلم الشوق أنها صاحبة الجائزة، وطريقة التسول التي ابتكرتها عن وعي بالتغير الذي حدث في المجتمع المصري، فصار الشحات يأمر من يقابله ويعامله بقسوة تقترب من قسوة بلطجية الإنتخابات والمواطن المسكين يضع يده في جيبه ويخرج ما فيه النصيب، دون أدنى مقاومة تذكر تماماً كما يصوت في الإنتخابات ، وأعتبر البعض الأخر أدائها لشخصية المرأة الفقيرة التي مسها الجن أداءً عبقرياً تستحق عليه الجائزة عملاً بمثل "خبطتين في الراس توجع" ، ويكفيها عملها في هذا الفيلم .
أما نقطة الضوء الأهم في تلك الجوائز فهي حصول فيلم ميكروفونعلى جائزة أحسن فيلم عربي وهي جائزة يستحقها ويستحق أكثر منها بكثير، وتشهد قاعات عرض سينما فاميلي في المعادي على الفارق بين فيلم - الشوق - هرب متفرجيه من القاعات فور إنتهائه وتبقى بعض الأهل وأصحاب المصالح، وفيلم - ميكروفون - التف الجمهور حول صناعه والابتسامة والسعادة تعلو وجوه الجميع .
عزيزتي لجنة تحكيم مهرجان القاهرة السينمائي في دورته الـ34 ، رجاء أعلنوا مسؤولية "اللتاتة" عن تلك النتائج التي ستضر بسمعة مهرجاننا الدولي، وثقوا تماماً أن سلاحها الوحيد هو " اللي إختشوا ماتوا".