عزت القمحاوي يكتب : أوبـرا وينفري ''استبداد الشيكوﻻتة''

  • مقال
  • 04:06 مساءً - 26 مايو 2011
  • 8 صور



صورة 1 / 8:
هل يكمن "سر أوبرا" في خوفها القديم من تاريخ مهدد لم تمحه ثروتها التي تخطت المليار دوﻻر. الخوف الذي يظهر فجأة في تراجع صوتها أو في القهقرة المذعورة لنظرتها
صورة 2 / 8:
أوبرا مع رئيس امريكا أوباما وميشيل زوجته ، "بمجرد إعلان تأييدها لباراك أوباما زادت شعبيته"
صورة 3 / 8:
أوبرا مع الكاتب اﻻمريكي جامس فيري "تهب أوبرا في وجه ضيفها كعاصفة، أو تقتحمه بنظرة محقق حازم"
صورة 4 / 8:
تسخر أوبرا من اﻻقنعة المفروضة عليها، بقدر ما تفخر بما حققته من نجاح جعلها قادرة على الدفاع عن النساء المقهورات.
صورة 5 / 8:
أوبـرا وينفري ''استبداد الشيكوﻻتة''
صورة 6 / 8:
الفتاة التي عاشت حياة بائسة عنوانها الرئيسي تحرش ذوي القربي: العم وزوج الأم وابن العم، صارت نموذجاً للحلم اﻻمريكي في أبهي صوره
صورة 7 / 8:
صورة 8 / 8:

هذه اﻻغنية اختارتها أوبرا ، هذا الكتاب رشحته أوبرا، هذه الحمية الغذائية تتبعها أوبرا، هذه الرياضة تمارسها أوبرا، هذه النجمة حاورتها اوبرا، وهذا المرشح الرئاسي تدعمه أوبرا!

ماذا في أوبرا وينفري يجعلها المرأة الأشهر في العالم، والثالثة في قائمة أكثر مئة امرأة مؤثرة في القرن، واﻻعلامية الأكثر دخلاً على سطح الكوكب؟!

الغريب أنها تحقق كل هذ النجاح بعد الخمسين،السن التي تصلح فيها المرأة بالكاد للرمي، حسب منطق صناع الصور.
ماذا هنالك، أكثر من ذكاء العينين والجاذبية الجنسية للوجه، وذكورية الصوت التي تلعب علي المناطق المسكوت عنها في الجمهور من الجنسين؟

هذه الفضائل لانعدمها في نساء كثيرات حولنا، كما أنها لدى أوبرا تصبح مهددة دفعة واحدة، عندما تظهر بقامتها الربعة في لقطة شاملة، فتبدو بلا خصر في ملابس فضفاضة كملابس الحوامل أقل من العادية. أم أمريكية سوداء فقيرة، أنهكتها كثرة العيال، وأصبحت معنية بتوسيع طرقهم في الحياة أكثر من عنايتها بتنحيف خصرها !! هل يكمن سر أوبرا في هذه العادية نفسها؟

هل يكمن في خوفها القديم من تاريخ مهدد لم تمحه ثروتها التي تخطت المليار دوﻻر. الخوف الذي يظهر فجأة في تراجع صوتها أو في القهقرة المذعورة لنظرتها. تهب أوبرا في وجه ضيفها السياسي الكبير كعاصفة، أو تقتحمه بنظرة محقق حازم، وفي اللحظة التي يستسلم فيها مذعوراً تجفل هي مثل طفل يمسك بالريموت كنترول ، ويكتشف أنه يسيطر على اللعبة ويوجهها أينما شاء، وحالها يقول بدهشة : أنا من تفعل هذا؟!

تنطلق أوبرا مع ضيوفها من الفنانين وكبار النجوم الذين صاروا يتملقونها، لكن من السهل اكتشاف أن الفرح، ليس سوي طبقة رقيقة تكنسها نسمة الصمت فتبدو من تحتها قسوة اﻻغتصاب ومرارة التشرد، وربما ليقينها بأنها نجمة مرحلة ستنتهي وجزء من لعبة، حيث يستمر ظلم الزنوج في أمريكا بفضل التعويض الوهمي من خلال الدفع بنجوم سود في كل مرحلة، من بيلي هوليداي ومحمد علي كلاي إلى مايكل جاكسون إلي أوبرا.

بمجرد إعلان تأييدها لباراك أوباما زادت شعبيته ، وفي لقاء ظهرت فيه مع اوباما أثناء حملته اﻻنتخابية ، كانت عشرات الالاف الحاضرة جمهورها هي ﻻ جمهوره، تجلت عليهم كملكة، وشرعت تقطع الممر أمامه بحذر ﻻعب سيرك ، يمشي علي حبل مشدود ، متأرجحاً بين مشاعر الخوف والظفر وسط عاصفة من التصفيق.

"لست هنا لأطرح عليكم ما أفكر به، بل بالاحري لأطالبكم بأن تفكروا" قالت ككل المبشرين، الذين ﻻ يعرف الاتباع دائماً بم يفكرون في لحظات كهذه، لكنهم يتركون دائماً اﻻنطباع بأنهم يفكرون ويرون أبعد، وبهذا تكون رسالتهم الحقيقية" لقد فكرت بإخلاص نيابة عنكم، وإن فكرتم ستصلون إلي النتيجة نفسها".

دهشة أوبرا في تلك اللحظة هي في اﻻستجابة المذهلة من الجمهور، والحقيقة التي تعرفها جيداً هي أن الريموت كنترول في يدها يعمل بكفاءة مثيرة للدهشة، لتأمر جمهورها الحبيب بالتصويت لصالح رجل يعرف أين نحن وأين ينبغي أن نكون.

حدثتهم عن الأمل، وذكرتهم بتضحيات مارتن لوثر كينج، وهي تعرف أن اوباما لم يضح وأنه حتي ليس أسود بما يكفي، وفي غمزة لكل شانئي أوباما الذين يعتبرونه أصغر وأقل خبرة من أن يكون رئيساً لأمريكا، قالت إن الخبرة في كواليس الحكومة أقل أهمية من الخبرة في دروب الحياة.

إن كان اﻻمر كذلك وهو كذلك حقاً بدليل صعود رجل محدود القدرات الذهنية مثل بوش ، فلماذا ﻻ تترشح أويرا نفسها رئيسة لأمريكا؟

هذا ما ﻻ يمكن أن تقدم عليه، لن الترشيح معناه أن تغادر البرواز متمردة علي قواعج لعبة التعويض الوهمي للسود من خلال الشاشة وأبسط ما سيترتب على هذا التمرد أن تعود بشراً عادياً، وبعد أن كان حلم كل أمريكي أن يعرف أوبرا يصبح سؤال كل امريكي :ماذا تعرف أوبرا؟

تدرك أوبرا بشكل أوضح من باراك أوباما أن الناجحين من السود في المجتمع اﻻمريكي عليهم البقاء كطبقة من الشيكوﻻتة تزين قالباً من الحلوي البيضاء، وﻻ سبيل إلي التغلغل من السطح إلي عمق القالب.
أوبرا مطمئنة، بلاشك، إلي حقيقة أنها نجمة هذا العقد أو العقدين في صناعة الترفيه السوداء التي تعطي إيحاء كاذباً بالعدالة، مثلما كان للملاكم محمد علي كلاي عقده ولمايكل جاكسون عقده.

الفتاة التي عاشت حياة بائسة عنوانها الرئيسي تحرش ذوي القربي: العم وزوج الأم وابن العم، صارت نموذجاً للحلم اﻻمريكي في أبهي صوره، وهي سعيدة بهذا، ﻻ تخفيه، بل تتحدث عن نبوءة جدتها بأنها ستكون ذات شأن، وقد تحققت النبوءة، وصارت شهيرة وبمقدروها أن تحدث بنعمة الله عليها.

في إحدي حلقات البرنامج كانت تتحدث عن العناية بالشعر وكيف أن هذه المهمة أكثر كلفة بالنسبة للنساء السود، لأنهن يحاولن تغيير طبيعته الخشنة. وتسألها ضيفة من مقاعد الجمهور إن كان شعرها طبيعياً، فترد عليها بأنها ستجعلها تتحسسه في الفاصل، مؤكدة أن شعرها كان سيبدو بالمظهر ذاته إذا كان لديها خبيرا تجميل يلازمانها طوال اليوم.

تسخر أوبرا من اﻻقنعة المفروضة عليها، بقدر ما تفخر بما حققته من نجاح جعلها قادرة على الدفاع عن النساء المقهورات.

من يتابع حلقات أوبرا يكتشف اهتمامها ليس فقط بالنساء المقهورات من اﻻزواج بل من الزمن أيضاً، عندما يرزقن بأطفال معوقين، تقدم مشاكل بيضاوات، لكنها تكون بكامل احتشادها العاطفي عندما يتعلق الأمر بامرأة سوداء.

أوبرا السلعة الرائجة لمظهر العدالة العرقية، قررت اﻻعتزال متخلية عن مئتين وستين مليون دوﻻر سنوياً تتقاضاها عن برنامجها الذي تشاهده 112 دولة ، وقد استطاعت بحضورها أن تبيع للأمريكيين وللدنيا حلم أرض العسل واللبن وراء المحيط، بأفضل مما فعل الحكماء من الؤساء الأمريكيين، ودعك من الحمقي.

جزء من كتاب "ذهب وزجاج" للأديب عزت القمحاوي



تعليقات