مابين الحزن والفرح لمحة من الجمال، هكذا تعودت الدنيا، أن تعطينا وترينا الجانبين، لنشعر بالجمال، هذا هو تماما ما شاهده الوسط الفني في شهر رمضان الحالي، حيث شهد رحيل الفنان حسن الاسمر، أحد من ارتدوا زي الحزن من خلال فن الموال المصري الاصيل، ومن خلال بعضا من أشهر أغانيه وعلى رأسها أغنية "كتاب حياتي" التي شكلت في وجدان كل أجيال السبعينيات والثمانينيات ركنا خاصا ومظهرا عاما للحظة ألم مروا بها وتركت فيهم مرارة الحزن الاليمة، وبرحيل الأسمر المفاجيء عقب اختفاء مفاجىء عن الساحة الفنية لسنوات، فقد الغناء الشعبي في مصر أحد من يقدرون فعلا على امتاعنا به دون اسفاف يشبه الحمار والعنب.
وكما أعتادت الدنيا ، أعقب رحيل الفنان الحزين، رحيل علامة الجمال الرسمية للسينما المصرية، مارلين مونرو العرب، أو تلك الفنانة الرائعة التي قال فيها بعض المهتمين بالسينما العربية من الغرب أن مارلين مونرو هي هند رستم الغرب، تلك الفنانة التي أعطت فن الاغراء قيمة لم تستطع فنانة أخرى بلوغها، وحازت على اجماع قلما يشهده فنان في الوسط الفني، ومن منا بقادر على أن ينسى هانومة شاهين، أو معشوقة اسماعيل ياسين، أو فاتنة عمر الشريف و رشدي اباظة في صراع في النيل، والتي رحلت بعد غياب اخر واعتزال فني، يحمل في ثناياه قيمة احترام الفنان لذاته، في زمن يتسول البعض فيه الظهور، رحلت جميلة السينما المصرية تاركة خلفها قيمة يندر أن تعود.
وفي مواصلة لرحلة الدنيا الأبدية ودائرتها التي لن تنتهي ، رحل عنى الفنان الجميل طلعت زين، صاحب البهجة، والذي يحمل بداخله قلبا منح السعادة لكل من حوله، وأغنيات كانت في التسعينيات مثالا للبهجة، وصناعة الفرح لدى مستمعيها، بعد غياب مفاجىء أيضاً سبق الرحيل، ومعاناة مع المرض عجزت أن تمحو ابتسامة هذا الفنان الاسمر الجميل من على وجهه، رحل طلعت لتغيب الابتسامة عن وجوه محبيه، وتبقى ابتسامته التي بثها عبر فنه سنوات طويلة .
يجمع فنانينا الراحلين الغياب قبل الرحيل، غياب اجباري للاسمر في زمن لم يعد له، وغياب اختياري لهند احتراما لقيمتها الفنية، وغياب قهري لطلعت لصراعه مع المرض الخبيث، فشل الغياب في أن ينسينا اياهم، وسيفشل الرحيل ايضاً لأنهم باقين ما بقي الفن.