تدورفكرة الفيلم حول شخصية تعرف بقدرتهاالمتميزة على تزوير الوثائق والمستنداتمن "شيكات،وتأشيرات، ووثائق ملكية، وغيرها"،وتلقب بـ" القنصل"ويقومبهذا الدور الفنان خالد صالح، الذي يسجنلمدة طويلة ثم يطلق سراحه من السجن قبلانتهاء مدة محكومتيه، وذلك بسبب حسن سلوكهداخل السجن.
يحاولشخص متدين التقرب من القنصل، ويساعده حالخروجه من السجن، مدعياً أنهابنه " ابنالقنصل"حيثيقوم بالدور الفنان أحمد السقا، الذييرسم خطة لإقناع القنصل بصدق روايته،وكذلك بحسن خلقه ودينه، و يخدعه مستعينابفتاة تقوم بدورها " غادةعادل"تدعيأنها فتاة ليل، وذلك بهدف الوصول إلىالمكان الذي خبأ فيه "صفائحالذهب"قبلأن يسجن.
شخصيةابن القنصل الذي يجسدها أحمد السقا تعبرعن شخصية طفل كان والده شريكاً للقنصل،ولكن الأخير أنكر حقه بعد وفاته، فيعملابن القنصل على استرداد حق والده بالتعاونمع عشيقة القنصل الذي جسدت دورها الفنانة سوسن بدر، وابنتها "غادةعادل"زوجةابن القنصل.
امتازالفيلم بحبكة درامية بسيطة الفكرة، صيغتفي أداء سينمائي مقنع، وتمكن الحبكةالسينمائية من تحقيق عنصر المفاجأةللمشاهد بطريقة يصعب التكهن بها فزادتمن قدرة الفيلم على الإقناع، فالخياراتتفتح أبوابها تجاه نهاية محددة للفيلم،وذلك لكونها بسيطة ومكررة بشكل أو بآخرومستنسخة عن فيلم " حرب أطاليا". غيرأن الخاتمة تشكل عنصر مباغتة يصعب التكهنبها.
أداءالفنانين ولا سيما خالد صالح وأحمدالسقا تميز بالقدرة المذهلة على الإقناعواستقطاب ذهن المشاهد خلال فترة الفيلمكاملة، والسيطرة على مخيلته التأمليةوالتصويرية، وكأن ذهن المشاهد لا يستطيعأن يتخيل سوى ما يرى من تفاصيل القصة.
امتازالفيلم ببساطته وخفة ظل فكرته، وجماليةحيلته، وباعتقادي فقد شكلت المادةالسينمائية نموذجاً فريداً في السينماالمصرية، وأضافت رصيداً للفنان المتألق"أحمدالسقا"،وكذلك للفنان "خالدصالح"، واستطاعتالحبكة الدرامية بتفصيلاتها وعموميتهاأن تكون قوة خفية ساهمت في خلق علاقةمشتركة ومتينة مع المشاهد على مدار مدةعرض الفيلم، وذلك بفعل الإقناع الدراميالذي انساب مع المتلقي إلى ذروة الميلودراما،والتي نجحت في جلب تعاطف المشاهد مع كلتاالشخصيتين المتناقضين والإعجاب بهما علىحدٍ سواء، حيث نما التصاعد الدرامي معكلتا الشخصيتين ومع المتلقي بقدر متساوٍإلى أن وصلت بالمشاهد إلى النشوة الجماليةفي الأداء السينمائي، خلقت في وعي المشاهدصوره جعلته يشكل بذائقته الحسية عنصراًمن عناصر هذا العمل.
تميزالفيلم في قدرة الشخصيات الرئيسة والثانويةفي العمل بشكل متواز، وبغض النظر عن عددالمشاهد ومدتها في جذب انتباه المشاهد،فقوة الظهور اللحظية للشخصيات الثانويةفي عدد معين من المشاهد أضفت على العملرونقاً مميزاً، ووظفت في مكانها بشكلمحدد دون أن تفرض نفسها على سياق العملوجوهره، بل على العكس تماماً كانت إحدىميزاته الإيجابية.
الشكلالسينمائي المتألق في هذا الفيلم قد عانىمن خلل في تفاصيل افتراضية قد تؤثر علىالسياق الدرامي، فمثلاً الفترة الزمنيةالتي اختارها "عصام"للبدءبالتقرب من القنصل في الستة الأشهر الأخيرةمن مدة محكوميته غير مبررة، فما الذي كانسيفعله "عصام"لولم يخرج "القنصل"قبلقضاءه لكامل مدة محكوميته؟ وما هيالسيناريوهات الأخرى المحتملة؟ فهل كان"عصام"سينتظرهعشرات السنين ليسترد حقه؟ وكيف ستكونالمعالجة الدرامية لو توفي "القنصل"داخلالسجن؟.
ومعذلك، فإن هذا الفيلم للفنان أحمد السقا،والذي عرض قبل عام تقريباً، نال بجدارةالاستحسان والرضا من قبل المشاهدينوالنقاد على حد سواء، على عكس فيلم" الديلر"،الذي عانى من فتور وهدوء درامي، وخلق حالةمن التكرار ساهمت في تكوين مساحة واسعةمن الملل لدى المشاهد قبل أن يصل به بفعلعدد من المؤثرات إلى عنصر النشوة الدرامية،كمان أن هدوء الأداء السينمائي ساهم فيقتل جمالية المواقع التي تم تصوير الفيلمفيها.