678 إنتصار للمرأة وسط مجتمع يحولها إلي جاني

  • مقال
  • 04:52 مساءً - 14 يناير 2012
  • 2 صورتين



صورة 1 / 2:
المخرج محمد دياب
صورة 2 / 2:
بشري في دور فايزة أحد البطلات الثلاث للفيلم

مشهد تخيلي:فتاة وحيدة تمشي في شارع مظلميغلفه السكون، فجاءة يظهر أحدهم مقتنعاً تماماً بحقه في الإعتداء على الآخر وتخطي حدوده، ليخترق حدودالآخرين من حوله. غالبا ما ينتهي المشهد بتحرش سواء جنسي او لفظي ، لكنه دائما ماينتهي، ويظل حبيس المشهد، وحبيس الظلام حتي وان حدث في عين الشمس. انتهي المشهد.

في الحقيقة تقابلنا اشياء في الحياة كثيراً ما تربكنا، تربك أفكارنا،سلوكنا وحتي مبادئنا، فيلم 678أربكني، انا المؤمنة بحق الفرد في فرصة إخري مهماكان جرمه، انا الرافضة للعنف وأنبذه بشدة، ارتبكت معاييري واحكامي، ووجدتنيمتعاطفة وأدافع عن حق "فايزة" بطلة الفيلم، في الدفاع عن نفسهاوجسدها بالطريقة التي تراها مناسبة لردعأي عدوان أو انتهاك لجسدها وحدودها الخاصة بها. ضد أي غائر لا يعي معني الحرمة،ولا يفهم معني للحدود، يجد وببساطة،التبريرات الكافية والمقنعة لفعلته دون أيشعور بالذنب، والحق أن هذه التبريرات تصبح لا تحمل أي معني أمام مجرد أحساس يتسرب للمرأة، أي أمرأة،بالضعف وعدم الأمان وربما بعضا من الغربة وسط مجتمع يُحملها أكثر مما يُحمل الجانيمن ذنب.

المفاجأة كانت أن مخرج ومؤلف الفيلم رجل، رجل عرف أو حاول أن يعرف كيف تفكرالمرأة، كيف تشعر، وكيف تتألم في صمت، بسبب جهل مجتمع يحملها مسئولية التحرشبها، فتخشي أن تخبر أحد انه تم التحرش بها خوفا من فضيحة، ليست موجودة بالفعللكنها وهم رسمه وصوره عقلها بسبب معتقدات مجتمعها وعقائده.

لا أذكر أن هناك أعمال فنية تناولت هذه الظاهرة من بعيد أو قريب، بل اكادأذكر أفلام ومشاهد بعينها تحض على التحرش الجنسي حتي لو بطريقة غير مباشرة. لذلكسعدت حين سلط المخرج والمؤلف الشاب محمد دياب الضوء على المشهد التخيلي المذكور آنفا، واستطاع ان يوظف الفنأو مهنته في كشف الجرح الغائر في مجتمعه، وفي إخراج هذا المشهد للنور، لنتمكن بعدذلك من حله أو ربما من بتره أذا استدعي الأمر، لكن الغير مقبول هو تجاهل هذهالمشكلة، وغض الطرف عنها، وكأنها لم تكن.

من غير المنصف أيضا فتح هذا النقاش وعدم ذكر "نهيرشدي" الشجاعة من وجهة نظري، والتي أستقي منها دياب ملامح شخصية أحد بطلاتهالثلاث "نيللي"، وربما تكون قصتها هي الملهم للفيلم ككل، نهي هي أولفتاة في مصر تأخذ خطوات جدية في حادثة تحرش جنسي، حيث تم الإعتداء عليها، ولم تدعهي الموضوع يمر مرار الكرام كما يحدث يوميا ربما مئات المرات، بل أصرت علي تحريرمحضر ضد المعتدي، ومنه إلي قضية، حصلت فيها بحكمضده، وقتها أبهرتني نهي بقوةشخصيتها وشجاعتها، لكن للأسف شاب هذا الأنبهار شائبة، فقد ظهرت وقتها فيأحد برامج الفضائيات بملابس فضفاضة لتؤكد أن هذه الملابس هي ما كانت ترتديه وقتوقوع الحادث لها، لتؤكد لي أيضا على وجود خلل وأن المجني عليه هو المطالب بسوقتبريرات وأدلة لكسب تعاطف الناس معه، وهو الإرتباك الواضح في تفكير المجني عليهبسبب ضغط المجتمع ومنظوره للمسألة، وهو ماحاول دياب إظهاره في أحد مشاهد الفيلم،حين تبدأ الثلاث بطلات في إلقاء التهمة والمسئولية على بعضهن البعض، دون محاولةالتفكير في تحميل المسئولية كاملة للمعتدي، وهو في حقيقة الأمر ما يجب أن يكون.



تعليقات