عادل إمام .. التهمة ممثل

  • مقال
  • 03:36 مساءً - 26 ابريل 2012
  • 1 صورة



عادل إمام

امر بعيني على الأخبار اليومية، نظرة سريعة على العناوين تحمل الذاكرة المرئية خلالها كلمات منفردة تحمل كم هائل من التعقيد، أعود بنظري حتي أتأكد، نعم نفس الكلمات ونفس المعني "تأييد حكم الحبس على عادل إمام"، لا أفهم اقرأ الخبر لعل وعسي، نعم أعرف القضية من قبل، لكن كنت أتخيل أن الطعن المقدم أمر مفروغ منه، وسيتم تبرئة إمام، لازلت وسط محاولتي للاستيعاب، أفهم أن عادل إمام سيتم حبسه، لكن لا أفهم لماذا؟! لأنه جسد دور إرهابي في أحد أفلامه، هكذا يقول الخبر، أتذكر الفيلم جيداً، أبتسم عندما أتذكر مشهد إمام وهو يحاول إقناع مصطفي متولي (الذي يجسد دور هاني القبطي بالفيلم) بضرورة الحكم بالشريعة الإسلامية وتنحية النصاري جانباً وهو لا يعرف أنه قبطي، وأضحك حين تطل ملامح وجه إمام على ذهني وهو يكتشف أن هاني (مصطفي متولي) قبطي، أتذكر أيضاً مشاهد النهاية بالفيلم والتي يحاول فيها إمام حماية العائلة التي عاش في كنفها لفترة من الزمن لظروف خارجة عن إرداته، أتذكره وهو يحاول حمايتهم من الأفكار المتطرفة التي كان يؤمن بها والتي كانت العائلة نفسها سبباً في تغيرها، أعود مرة أخري لمحاولة الفهم البائسة الخبر يؤكد أن عادل إمام الممثل سيتم سجنه بسبب دور مثله في أحد أفلامه، أتذكر طفولتي عندما كانت تجتمع الأسرة لمشاهدة أحد أفلام الرعب، ألتصق بأمي لتطمئني بعدها "انتِ خايفة ولا أيه! دول بيمثلوا"، إذاً يا أمي هل يحاسبون الممثلين على تمثيلهم!

أعود لأري تعليقات القراء على الخبر وكالعادة الآراء منقسمة بين معارض للحكم وتحجيم حرية المبدع في تقديم فنه بالطريقة التي يراها، وبين مؤيد للحكم، لكن ما استوقفني بشدة هو التعليقات من نوعية "أحسن" أو "دا يستاهل الشنق"، اتسأل عن عقلية القارئ الذي يتمني الشنق لممثل لم يفعل سوي أنه مثل مئات الأفلام التي أضحكته هو شخصياً من قبل، هل كان هذا الشخص هكذا طوال الوقت يري أن عادل إمام يستحق الشنق؟ هل شاهد يوماً الشاب المستهتر بهجت الاباصيري وهو يقول " كل واحد يخلي باله من لغلوغه" هل ضحك وقتها؟ هل إبتسم حتي؟وهل تغير موقفه الآن؟ طب هل وصله وقتها نفس الشعور الغريب بالكره واللي يخليه يوصل لمرحلة تمني الشنق لممثل؟!
هل عاش مراحل من عمره يحلم فيها بقصة حب رومانسية كتلك التي عاشها إمام في الزنزانة ومنديل سعاد اﻷخضر، عادل لم يستكثر على المسجون الحب في حين أن البعض حالياً يسكثر هذه المشاعر الطيبة بين المرء وزوجه، هل صرخ معه مرة احنا بتوع الأتوبيس، هل شاركه ذات يوم أزمة كراكون في الشارع، أو نادي نداءه الشهير "الكباب الكباب لا نخلي عيشتكو هباب"، هل رأي يوماً في شمس الزناتي قدوة في نصرة المظلوم، أو أحرز يوماً "جول" عظيم في ماتش بالشارع ليدعوه زملاؤه ب الحريف، هل رأي يوماً نموذج للحرامي التائب الذي يعيش دوماً على أمل أن ترفع عنه تهمة المشبوه، أو هل أعجبه يوماً دهاء إبراهيم الطاير؟

الواقع سواء اتفقنا أو اختلفنا يبقي عادل إمام قيمة فنية كبيرة وفنان حاول بكل جهده إسقاط الضوء على الظواهر اﻹجتماعية المختلفة الموجودة بمجتمعه حتي ولو كان بتوجيه من اﻷنظمة السابقة، سيظل أيضاً مثال حي لتسلق سلم النجومية من أوله، فمن دسوقي أفندي في " انا وهو وهي" مروراً بالكمبارس سامح في " نص ساعة جواز" وحتي أصبح بما هو عليه اﻵن من نجومية، هذه النجومية التي قد يقدرها البعض بإنها نتاج جهد وموهبة ويراها البعض اﻷخر إنها صناعة نظام سابق، إلا أن المؤكد أن من يحاولون تكمييم فمه اﻵن لا يعنيهم النظام السابق بقدر ما يعنييهم فرض حصار على الفن واﻹبداع بشكل عام، وبقدر ما يريدون تقويض هذا الفن الذي كان دائماً وابداً بالمرصاد ل طيور الظلام، لن أقول أنه رمز لا يستحق اﻹهانة أو العقاب إن اخطأ، لأنني ببساطة ضد التأليه والفرعنة، لكن اتسأل بصدق عن الخطأ الذي إقترفه ليعاقب عليه، هل أصبح الفن والتمثيل تهمة !

السؤال هو متي وأين سخر عادل إمام من الإسلام وهل لأنه جسد أشخاص وتناولهم بطريقة ساخرة كما هو متوقع من اي ممثل كوميدي ساخر هل بذلك يكون قد سخر من الأسلام ككل، هل يستطيع أي شخص أن يؤكد لي أن الاسلام الدين اﻷلهي العظيم يمكن أن يمثله أشخاص مهما كان تعمقهم بالدين!! وهل لو ظهر علينا إمام غداً ليعلن أنه سيتناول شخصية نائب مجلس الشعب "البلكيمي" صاحب عملية التجميل في فيلم سينمائي، هل سيستطيع السيد.عسران وقتها رفع قضية ضد إمام يتهمه فيه بإزدارء الإسلام؟ وكيف بالأساس وصلنا لهذه المرحلة من الإزدواجية لنري شخصاً يدافع عن الإسلام من كل قلبه وهو يضع صورة لبروفايل "فيس بوك" خاصته قد يعتبرها البعض خليعة، كيف وأكثر المنادين بحبس إمام ﻷنه تجرأ وتناول شخصية المسلم في أعماله هما من ذهبوا للسينمات بمجرد نزول فيلم شارع الهرم ليشاهدوا جسد دينا وهو يهتز على إيقاع مبتذل لمغني تملأ نغمات أغانيه هواتفهم المحمولة!!

للحق لقد أُصبت بكم كبير من اﻹحباط عندما قرأت الخبر ليس لأنني واحدة من مريدي عادل إمام الممثل، ولكن لما يُمارس على الفن من تضييق وخناق، لكن أكثر ما ضايقني فعلاً هو تعليقات البعض والتي تنم عن قدر كبير من اﻹزدواجية والرجعية، هل كانت هذه الصفات متأصلة دائماً بداخلنا أما أنها صفات مكتسبة جديداً.

وصلات



تعليقات