تنبع اتجاهاتك في الحياة من الطريقة التي تعلمت بها كيف ترى العالم من حولك، من الافتراضات الشعورية واللاشعورية التي تفترضها في كل دقيقة يومياً، من تفسيراتك الخاصة بك التي كونتها بناءً على خبراتك السابقة، ويمكن أيضاً تغيير هذه الاتجاهات طالما لم تنجح معك، ويمكن تنمية اتجاهات جديدة تُزيد من إصرارك والتزامك، وهناك الكثير من الفنانين الذين لم يشعروا بالسعادة في حياتهم فقرروا في لحظة ما تغييرها بما يتوافق مع مواهبهم و إمكانياتهم، ومن هذه الشخصيات التى عدلت أتجاهاتها..
دكتور يحيي الفخرانيرغم دراسته لمجال الطب لكن طارده حلم التمثيل، والرغبة في أن يصبح ممثل، مع أنه لا يمتلك مقومات الممثل التقليدي.. فالجميع قال له في البداية صعب.. مستحيل.. لن يتقبلك الناس، ولكنه كان يتميز بإرداة غير عادية وإصرار.
لم يكن يحمل عند ظهوره في منتصف السبعينيات ملامح الوسامة التي ميزت نجوم عصره، الذين ظهروا معه أو سبقوه، في وقت كانت الوسامة هي جواز المرور للعديد من الفنانين، الذين نجحوا في اثبات ذاتهم وحظوا بمكانة لدى الجمهور. لكنه نجح في اختراق ذلك الحاجز ببساطة أدائه، وابتسامته التي لم تفارقه في بداية ظهوره على الشاشة، من خلال الادوار التي أداها فلفتت أنظار الناس إليه، وإلى موهبته، التي قدمت لهم شيئا مميزا عما اعتادوه، لينجح في التربع على عرش النجومية، ويحظى بتقدير الجماهير. إلا أن من أكثر الأسباب التي ساعدت على تألقه، هو رغبته في احترام ذاته ونقل هذه الصورة إلى الجماهير، ولهذا كان شديد الحرص على انتقاء أدواره التي علقت في أذهان الجماهير ولم تفارقها.
أن الطريقة الوحيدة لكي تصبح نجما كما تستحق، هي أن ترحب بالتغيير وتسعي إلية باستمرار، يجب أن تطور نفسك باستمرار وأن تجيد في عملك الجديد أكثر من عملك السابق، سر نجومية "الفخراني" هو أنه في كل مرة قادر على أن يمتلك تصفيقنا وإعجابنا ودهشتنا في كل دور جديد، حيث يتخطى حاجزاً أعلى، ومن الواضح أن "الفخراني" أدرك مبكراً أن نجاح المسلسل التليفزيوني مرتبط بفترة زمنية حيث يلتهم المشاهدون المسلسل بعد الآخر، ولهذا تتعدد الشخصيات الدرامية التي يقدمها للناس في كل عام هناك دائماً مساحات إبداع خاصة يمسك بها "الفخراني" في كل دور يؤديه، وأيضاً هناك تحد وإصرار وتمرد دائم من "يحيى الفخراني" على يحيى الفخراني كما رأينا فى مسلسل الخواجة عبد القادر، بدايةً من اختيار الموضوع والفترة الزمنية، وطريقة الأداء كل هذه مخاطر تحملها يحيي الفخراني من أجل التمرد على شخصية شيخ العرب همام التى حققت نجاح موازي لشخصية عبد القادر.
بينما نجد أن نجومية " عادل إمام" السينمائية أخذت الكثير من جرأته في الاختيار فهو يخشى دائماً أن يقدم مغامرة لم يتعودها الجمهور، ولهذا فإن "عادل" ليس لديه في رصيده هذا التنوع رغم أنه يمتلك موهبة منفردة في فن الأداء والتعبير والتقمص، إلا أن خوف "عادل إمام" من شباك التذاكر خصم الكثير من جرأته، ووضع أيضاً قيوداً على الممثل "عادل إمام" بسبب النجم "عادل إمام".. الممثل يريد الانطلاق.. النجم يخشى أن يتعارض ذلك مع رغبات الناس!! ولذلك جاء مسلسل فرقة ناجي عطا الله مشابه لأعماله السابقة، ففي بداية الحلقات وجدنا أنفسنا أمام شمس الزناتي مرة أخري، ثم استمر فى تقديم نفس الشخصيات المحببه له، فبالرغم من قدراته الفنية العالية ولكننا لم نري عادل إمام جديد، ولكننا وجدنا مزيج من شخصيات عادل إمام الفنية مثل شمس الزناتي وجمعة الشوال وغيرها من شخصيات. خاصة أن المؤلف يوسف معاطي هو المؤلف المفضل لدي عادل إمام في السنوات الأخيرة. علينا إدراك أن مسلسل ناجي عطا الله حصل على نسبة مشاهدة واهتمام أكثر من مسلسل الخواجة عبد القادر، بناءً على الإحصاءات موقع تويتر وغيرها من نسب المشاهدة على مستوي الوطن العربي، ﻷن الجماهير كانت فى حالة اشتياق لعادل إمام بعد غياب دام أكثر من 25 سنة منذ مسلسل دموع فى عيون وقحة. و قد يكون فرقة ناجي عطالله أخر مسلسلاته و يعود بعدها ليكمل مشروعاته السينمائية.لقد كانت هناك محاولات من السينمائيين لكي يجد "الفخراني" على خريطة السينما لنفسه مكاناً مميزاً، وقدم الفخراني عدداً من الأفلام الهامة مثل " خرج ولم يعد"، " الكيف"، " للحب قصة أخيرة"، " عودة مواطن"، " أرض الأحلام"، لا تجد عند الفخراني أفلاماً حققت إيرادات مرتفعة باستثناء "الكيف" حيث شاركه البطولة " محمود عبد العزيز"!!لكن هذه الأفلام على ضآلة عددها اعتبرت من أفضل الأفلام في تاريخ السينما المصرية! وفي السنوات الأخيرة ابتعد "الفخراني" عن السينما ولم تشفع له نجومية التليفزيون ولا القاعدة الجماهيرية العريضة التي حققها في البيوت، بل إنني أعتقد أنها لعبت دوراً عكسياً لأن الناس تعودت أن ترى "الفخراني" متاحاً على الشاشة الصغيرة بلا مقابل .في الحقيقة لم ينتصر الخواجة عبد القادر على العقيد ناجي عطا الله، ولكن قدم كلاً منهما حالة فنية نابعة من تاريخة وإفكاره ورؤيته للحياة، فكلاً منهما متميز فى مناطق وكل إنسان يدفع ثمن اختياراته.