حمدًا لله على السيارات السريعة!

  • مقال
  • 02:00 مساءً - 29 مايو 2013
  • 1 صورة



بوستر دعائي لفيلم Fast & Furious 6

لم أكن يومًا من المهاوييس المخلصون لسلسلة The Fast & the Furiuos منذ أول ظهور لها عام 2001 في جزئها الأول، فهي كانت – ولا زالت – سلسلة مصنوعة خصيصًا لعشاق السيارات الذين فقدوا عقلهم في هذه الهواية، وأنا لست منهم. لكن على الرغم من هذا لا أستطيع إنكار أني - مثل الجميع - أحببت بعض الأشياء في الأفلام الأولى... الفتيات الحسناوات، السيارات الرشيقة، فين ديزل، وفوق كل هذا أجواء السباقات السفلية الغير قانونية التي تعرف عند الغرب بالـ Underground Racing، وهي السباقات التي تجرى في شوارع المدينة الناعسة ليلاً، الخالية تمامًا إلا من رجال الشرطة التعساء وبعض الذئاب الذين يخرجون للتسلية والمتعة الجامحة. هذه الأجواء المشحونة بالإثارة، ولذة الخروج عن القانون كانت سر نجاح السلسلة وحب الناس الكبير لها، فهي قدمت بشكل أخاذ اقتبس منه الجميع بعد ذلك، حتى في عالم ألعاب الفيديو.

لكن مع مضي الزمن، وتراكم الأجزاء الواحد تلو الآخر حدث تغييرين ملحوظين في خط سير السلسلة من حيث التناول البصري والسردي أثرا فيها بشكل واضح، وهما للغرابة كانا يحدثان بالتوازي وفي اتجاهين معاكسين على الرغم من عدم ارتباطهما ببعض. لكن مجموع تأثيرهما جعل بالفعل آخر أجزاء السلسلة مختلف شكلاً ومضمونًا عن الجزء الأول في كل شيء.

وللغرابة أيضًا فإن هذين التغييرين كان أحدهما سلبيًا بينما الآخر إيجابي... ولنبدأ بالإيجابي أولاً.. تذكروا معي The Fast & the Furious الجزء الأول. من تابع عنقود الأفلام بإخلاص سيذكر الاستخدام المفرط للكمبيوتر جرافيك في صنع السيارات في مشاهد المطاردات الرئيسية في الجزء الأول، وهو الأمر الذي أثار حفيظة الكثيرين وقتها رجوعًا إلى العام 2001، خاصةً كون هذا الجيل الذي ظهرت له السلسلة تربى على أفلام حركة التسعينات التي كانت تنفذ فيها المؤثرات البصرية أمام الكاميرا مباشرةً (فيما يعرف بالمؤثرات الفيزيائية)، بمعنى أن يجلس سائق بديل خلف مقود السيارة ويقوم بنفسه باختراق الحائط مثلاً.. هذا الأمر مكلف للغاية بالطبع، وهذا الامر الذي لم يشأ صانعوا الجزء اﻷول في حدوثه، أن تتضخم ميزانية العمل.. وهذا لأن الفيلم كان إنتاجًا ضعيفًا في الأساس يخاف عليه من الفشل، ولم يكن أحد يتوقع له هذا النجاح الكبير ولا هذه الشعبية الكاسحة. لذا كان البديل السهل المتاح هو اللجوء لصنع كل شيء بواسطة الكمبيوتر جرافيك، وهو التناول الذي جاء مبتذلاً للغاية، وكاد أن يئِد السلسلة في مهدها (أنقذ الأمر وقتها السيارات الرائعة، والفتيات الجميلات، وكاريزما فين ديزل بالطبع).

استمر الحال هكذا في الجزئين التاليين، ثم بدأ الأمر يختلف رويدًا رويدًا.. بدأ الاعتماد على الكمبيوتر جرافيك يقل ويزيد الاعتماد على تنفيذ المشاهد حية أمام الكاميرا.. حتى وصلنا إلى الجزء السادس الذي لن ترى فيه سيارة مسرعة في سباق أو مطاردة وتشعر ولو للحظة انها كارتونية بعض الشيء، لأنها ليست كذلك بالفعل.

التغيير السلبي كان دخول المسدسات إلى اللعبة، في الأجزاء الأولى بُني السيناريو على عوالم السباقات السفلية الغير قانونية، واهتم للغاية بتفاصيل تعديل السيارات، وتطويرها، والتغزل فيها، وهو الأمر الذي يسيل لعاب أي عاشق سيارات مخضرم. ولهذا السبب كتب النجاح للسلسلة واستمراريتها. لكن مع توالي الأجزاء بعد ذلك زادت الطلقات النارية، وزادت اللكمات، ومطاردات المجرمين، حتى أنك إذا قمت بتغيير العنوان، وبعض الأبطال، ربما ستشعر أنك تشاهد أحد أجزاء Die Hard.. فالعنف أصبح فائق، وجديرًا بفيلم جريمة.

ولهذا السبب ربما كان أفضل مشاهد Fast & Furious 6 هو ذلك الذي قدم لنا فيه المخرج جاستن لين سباق (من بتوع زمان) وليس مطاردة، وجعل طرفي السباق هما "دوم" شخصيًا وحبيبته"ليتي" تلك التي ظنها الجميع قد ماتت لكنها فقط فقدت ذاكرتها ولم تعد تعرف أحد. (بالمناسبة تبع هذا المشهد مباشرةً مشهد آخر للمواجه بين "دوم" وشرير الفيلم "شو"، المشهد قدم بابتكار كبير وأغلق كأفضل ما يكون، للآسف لن أتمكن من سرد التفاصيل حتى لا أفسد الفيلم لمن لم يشاهده بعد).

وماذا بعد كل هذا التحليل الطويل الممل؟ ماذا عن الفيلم الجديد نفسه؟

حسنًا، الفيلم إجمالاً ممتع للغاية، مليء بالنكات، وروح الدعابة فيه طازجه، وبه بعض الدراما الجيدة.. لكنه أيضًا طويل للغاية، وله سقطاته ومبالغاته.. أهم تلك السقطات والعيب الرئيسي للفيلم هو الـ Anti-climax في نهاية الأحداث، أو عكس الذروة، سُبة الدراما وجوهر سوقيتها.. فالفيلم ينتهي فعليًا مع مطاردة الطريق السريع، تلك التي تضمنت دبابة! هذه بالمناسبة واحدة من أعنف المطاردات في تاريخ السينما وأكثرها كلفة... أما كل ما أتى بعد ذلك هو تطويل لا داعي له على الإطلاق، خاصةً وأنه تضمن مفاجأت عديدة جاء بعضها موفقًا وأكثرها غير ذلك، فكانت مقحمة بشكل فج، وهي معظمها يتعلق بدوافع بعض الأبطال لذا لا يمكن إعطاء أمثلة عليها ولا الخوض في تفاصيلها، مرة أخرى حتى لا أفسد الفيلم لمن لم يروه... الحل الوحيد أن تذهب وتشاهد الفيلم بنفسك، وتعود لتشاركني برأيك!

وصلات



تعليقات