اليوم نتحدث عن إعلانات الأفلام.. بوابة نجاح العمل أو جحيمه، المجس الذي تقيس به شركات الإنتاج حالة الجمهور. معظمنا يحب مشاهدتها، لكن البعض يكره أن تحرق له الأحداث فيفضل تجنبها. يُطلق عليها أحيانًا خدعة الثلاثون ثانية، تلك التي تدس السم في العسل. المقدمات الإعلانية التقليدية عادةً ما تتضمن مشاهد مشوقة من الفيلم يُعاد مونتاجها من قبل مونتير محترف لتشكل Trailer جذاب. لكن في بعض الأحيان، تقوم الستديوهات الكبيرة بإنتاج إعلانات يتم تصويرها خصيصًا دون اللجوء إلى استخدام أي لقطات من الفيلم الأصلي.
هناك حقيقة واحدة بخصوص تلك المقدمات الإعلانية التمهيدية أو الـ Teaser Trailers المصنوعة خصيصًا، فهي عادةً ما تُنتج لتسويق فيلم ضخم، مبهر، مليء بالخدع البصرية.. هذه الأفلام الكبيرة - ذات الميزانية الخرافية - هي الوحيدة التي تسمح بمثل هذا الترف.
على مر السنوات، وعبر تاريخ السينما الطويل، شاهدنا العديد من المقدمات الإعلانية التمهيدية الخاصة.. تعال اليوم معنا في هذه الرحلة القصيرة للتعرف على أفضل ما قدم منها.. إذا لم تكن قد شاهدت تلك المقدمات الإعلانية قبل ذلك فأبشر، فسوف تشاهد هنا لقطات جديدة لم تشاهدها من قبل لأفلامك المفضلة!
العام: 1998
لو حدث أن كنت من رواد دور العرض في العام 1997، فبالتأكيد أنت ممن يحملون ذكرى قوية لهذه المقدمة الدعائية الأقوى على الإطلاق في رأي الكثيرون.. نعم الفيلم نفسه كان خيبة أمل عظيمة، وهو ما اتفق عليه كلٍ من الجمهور العادي ومهاويس جودزيللا على حد السواء.. وهذا نظرًا لسذاجة السيناريو، وكم الهفوات، والاستسهال الواضح في حبكة العمل، ناهيك عن تغييره لشكل الوحش من الفيلم الأصلي.
كل هذا السوء جاء مع الآسف بعد مقدمة دعائية رائعة التنفيذ جعلت الجمهور يتحرق شوقًا لرؤية الفيلم.. فماذا تتوقع بعد أن ترى جولة في متحف للتاريخ الطبيعي تشاهد فيها الهياكل العظمية العملاقة لدينوصورات ما قبل التاريخ، أكبر الكائنات التي خطت على وجه الأرض، وعندما تتوقف عند أحد أكبر وأخطر مفترسيها، تدخل قدمًا هائلة من أعلى الكادر لتسحق عظامه وكأنه نملة لا وزن لها!
هنا التجسيد الأمثل لعبارة Size Does Matter.
العام: 1991
قام المخرج جيمس كاميرون بتصوير الجزء الأول من فيلم The Terminator بميزانية شبه صفرية (6 ونصف ملايين دولار أو أقل قليلاً)، واستطاع فيه أن يقدم إنجاز معجز بكل المقاييس على المستويين البصري والسردي، ليتحول الفيلم بعدها إلى أيقونة حقيقية محققًا نجاحًا جماهيريًا هائلاً في صندوق التذاكر، ونجاح نقدي مماثل.. لذا قررت شركة TriStar المنتجة للفيلم صناعة جزء ثانٍ له على الفور، لكن ببذخ هائل هذه المرة.
100 مليون دولار كاملة هي ميزانية الجزء الثاني من الفيلم، ولك أن تعرف أنها كانت الميزانية الأعلى في التاريخ في ذلك الوقت.. بالتأكيد مع كم هائل من الأموال مثل هذا، تمكن كاميرون من صناعة استطراد فائق بكل المقاييس، وفيه قدم كل ما أراد تقديمة دون معوقات من أي شكل.. ليخرج الفيلم في النهاية كأحد أفضل أفلام الخيال العلمي، بل واحد من أفضل الأفلام في تاريخ السينما ككل.
على هامش هذا البذخ الإنتاجي، تمكن كاميرون من صناعة هذه المقدمة الإعلانية الفريدة التي تأخذك في رحلة للتعرف على كيفية تصنيع المدمرين من الموديل T-800 في مصانع الآلات المستقبلية، والتي قامت بتحضير الجمهور إلى أن أشياء أكبر وأخطر من كل ما مضى على وشك الحدوث.
العام: 2009
أن تستكمل سلسلة لها شهرة كبيرة ومريدين بالملايين مثل Star Trek، وتعيد تقديمها إلى عشاقها مرة آخرى بعد فترة توقف تزيد عن 11 سنة، هي ليست بالمهمة السهلة بالتأكيد.. لذا أراد جيه جيه أبرامز مخرج الفيلم الجديد التركيز في هذه المقدمة الإعلانية على تقديم شئ آلفه وأحبه المشاهدين كي يضمن تعاطفهم.. فمع عبارة Under Construction أو تحت الإعداد، يبرز اسم USS Enterpraise سفينة الفضاء الأشهر في تاريخ الأفلام، ويعرف الجمهور أن الأجزاء الجديدة ستعود إلى البدايات، إلى الأحداث التي وقعت قبل عصر السلسلة القديمة.
link]
العام: 2002
إحدى المقدمات الإعلانية التي أحاطتها ظروف خاصة جدًا.. فيلم Spider-Man طرح في دور العرض عام 2002، لكن قبلها بعام كامل تم تجهيز هذه المقدمة الإعلانية التي تبدو للوهلة الأولى كأي فيلم حركة تقليدي، مع سرقة بنك وهروب اللصوص في طائرة مروحية.. لكن سرعان ما تعلق الطائرة في خيوط عملاقة لشبكة عنكبوت معلقة بين برجي مركز التجارة العالمي بنيويورك.. معلنة عن قدوم أحد أكثر شخصيات الكوميكس إثارة إلى الشاشة الكبيرة!
كل هذا جميل، لكن لسوء الحظ تم سحب هذه المقدمة الإعلانية من دور العرض بعد أحداث 11/9، لأن كما ذكرنا شبكة الرجل العنكبوت كانت معلقة بين برجي مبنى التجارة، وهو ما شعرت الشركة المنتجة بأنه قد يجرح شعور المشاهدين ويذكرهم بالمأساة.. أيضًا كان هناك بوستر تمهيدي للفيلم يعرض البرجان تم سحبة هو الأخر من السوق.
العام: 1993
معظم المهتمين بسينما الخيال العلمي يعرف جيدًا أو على الأقل جدًا قد سمع عن استراتيجية سبيلبرج العتيدة في إخفاء أبطاله (أقصد بالطبع ديناصوراته وكائناته الفضائية ومسوخه) عن المشاهدين لأطول فترة ممكنة، ويتركهم يقضمون أطراف أظافرهم من التشويق، كي يكون للظهور الأول وقعه الكاسح عليهم.
هذه الاستراتيجية بدأها سبيلبرج مع فيلم Jaws عام 1977 ولم تخيب أبدًا من حينها.. لذا حين قام الرجل بتحويل رواية مايكل كرايتون الشهيرة "الحديقة الجوراسية" إلى فيلم سينمائي، لم يكن بالتأكيد ليعطي الجمهور لمحة واحدة لأي من الديناصورات في هذه المقدمة الإعلانية.. بدلاً من هذا قام سبيلبرج بالتركيز على كيف تمكن العلم من إعادة خلق الديناصورات، منذ اكتشاف البعوض المحفوظ في الكهرمان الذي يحمل دماؤهم، إلى استخراج الدنا واستنساخهم. كل هذا دون أن نرى أي ديناصور واحد على الشاشة.
وحتى في الفيلم نفسه، قام سبيلبرج بحجب ديناصوراته طيلة الساعة الأولى بالكامل، باستثناء لمحات سريعة وخاطفة. في الحقيقة يستطيع سبيلبرج أن يشعل حماس الجمهور دون أن يقدم له أي شيء في الواقع، فقط يستخدم كل ما لديه من خبرة ليجعلك ملتصقًا بالمقعد، حتى يأذن لك هو بمشاهدة وحشه في الوقت الذي يحدده.
العام: 1960
هي جولة خلف الكواليس أكثر منها مقدمة دعائية.. ألفريد هيتشكوك شخصيًا يصحب المشاهدين في رحلة إلى نزل "باتس" الذي تدور فيه وحوله أحداث الفيلم. لكل من يتذمرون أن بعض الإعلانات تحرق الأحداث أحيانًا، من الأفضل ألا تشاهدوا هذا الإعلان - إذا كنتم لم تشاهدوا الفيلم بعد -، فهو يتفوق على جميع المقدمات الإعلانية من هذه الناحية.. شرح تفصيلي لموقع التصوير وللحبكة بشكل مبالغ فيه، وهو الشئ المستغرب جدًا من هيتشكوك أستاذ التشويق.
link]
العام: 1985
تعمد المخرج روبرت زيميكس الأناقة في مقدمته الإعلانية لفيلم Back tothe Future، الفيلم الذي أضحى بعدها واحد من أهم وأمتع وأنجح أفلام الخيال العلمي على مر العصور. تبدأ المقدمة الإعلانية كما لو أنها إعلان عن أحذية Nike الرياضية، وبعدها نرى لقطات قريبة ومتوسطة لأجهزة إلكترونية معقده داخل سيارة، لتغير رأيك وتظن أنه إعلان لإحدى السيارات.. وفي النهاية عندما يقوم الممثل مايكل جي فوكس بأداء جملته الوحيدة المقتضبة الغير متوقعة، عرف المشاهدون وقتها أنهم أمام فيلم سيكون له شأنًا كبيرًا.. خاصةً مع وجود اسم مثل ستيفن سبيلبرج في مقعد المنتج (لاحظ أن المخرج روبرت زيميكس في العام 1985 لم يكن بعد بذات الشهرة التي هو عليها الآن، في الحقيقة كان Back to the Future هو فاتحة الإنطلاقة بالنسبة له).
link]
العام: 2007
جميع أعمال المخرج الأمريكي الشهير مايكل باي تعتمد في الغالب على الإبهار.. والإبهار فقط.. حتى أن معظم النقاد يعتبرونه مخرج أجوف يصنع أفلامًا للأطفال.. قد يكون هذا صحيحًا في العموم، لكن ربما باستثناء هذه المقدمة الإعلانية. هنا لا نرى الكثير.. لا معارك عنيفة، ولا تحطيم لمدنًا بأكملها، ولا روبوتات عملاقة.. بل على العكس نرى رحلة علمية إلى المريخ تبعث بإرسالها الآخير إلى الأرض قبل تحطمها على يد كيان مجهول، في رسالة تؤكد إننا سنكون في خطر داهم قريبًا.. المقدمة الإعلانية أعطت المشاهدين انطباع عن أن الفيلم سيكون مصبوغًا بصبغة علمية رصينة.. وهو بالتاكيد ما لم يكن صحيحًا في النهاية.
link]
العام: 1999
عندما تقوم الشركة المنتجة بتسويق فيلم ليس خيالًا علميًا، ولا يحتوي على مؤثرات بصرية مذهلة، عادةً ما تقوم بإنتاج مقدمة دعائية عادية مكونة من لقطات الفيلم. خاصةً عندما يكون مخرج الفيلم هو فرانك دارابونت صاحب The Shawshank Redemption ومن بطولة توم هانكس.. هذان اسمان ليسا في حاجة إلى دعاية إضافية.. لكن وارنر بروس بدلاً من أن تلجأ للبديل السهل، قامت بصنع ما هو أصعب وأغرب، وبالتالي، جاء أكثر روعة.. هل تتوقع أن يركز إعلان فيلم يقوم هانكس ببطولته على فأر! هذا ما لم نره من قبل!
link]
العام: 1991
هذه المقدمة الإعلانية نادرة المشاهدة أتت ذكية وسريعة للغاية، في الواقع هي أفضل طريقة ممكنة لتقديم "عائلة أدامز" الغير طبيعية إلى جمهور السينما للمرة الأولى.. ملحوظة بسيطة: الممثل الشهير كريستوفر لويد الذي لعب شخصية "فيستر أدامز" في الفيلم ليس موجود في هذا الإعلان، شخص أخر بدلاً منه قام بالظهور السريع الخاطف هنا.
link]