الرجل الذي سُجن 27 عاماً، قاد خلالها الثورة الأفريقية ضد العنصرية، وخرج ليصبح رئيساً للجمهورية!
قصة ملهمة لواحد من أهم رجال القرن العشرين، نيلسون مانديلا، رمز الحرية والثورة، الذي رحل قبل ساعات في هدوء، تاركاً خلفه سنوات عمره الخمسة والتسعين لنحكي عنها كثيراً.
ومن بين ما حُكِي، كان هناك تلك الأفلام السينمائية التي ألقت الضوء على حياته، وفي محاولة وداع لائقة لأحد رموز أفريقيا عبر تاريخها، نحاول في هذا الموضوع أن نتناول سيرته عبر الأفلام السينمائية التي جسدت مراحلها المختلفة.
كان أول تلك الأفلام هو الفيلم التلفزيوني Mandela، إنتاج عام 1987، قبل حتى أن تذيع شهرة "مانديلا" إلى هذا الحد ويصبح رئيساً لجنوب أفريقيا وينال "نوبل" للسلام، كان هناك حكاية أهم عن ثائرٍ ظل في السجن لما يزيد عن العقدين من أجل مناهضة العنصرية وقيادة الحركة العمالية ضد الظلم الحكومي، ورغم ذلك لم تمنعه أسوار السجن العالية من أن يكمل دوره ويستمر في دراسة القانون، ليصبح قائداً لملايين السود من داخل زنزانته.
تلك القصة جذبت الممثل " داني جلوفر" لأداءها على الشاشة في هذا الفيلم التلفزيوني البسيط، مركزاً على سنوات الخمسينات في حياة "مانديلا"، تلك التي حملت صخباً كبيراً قبل سجنه عام 1962.
طريق الحرية الذي وصل إلى القصر:
بعد ذلك بدأت المرحلة الختامية، الأكثر درامية، من حياة "مانديلا"، عندما خرج من السجن عام 1990، ليقود مفاوضات الفصل العنصري وإقامة انتخابات متعددة الأعراق، ثم لحظة الانتصار الأهم حين حدث ذلك عام 1994 وصار "مانديلا" هو أول رئيس أسود لجنوب أفريقيا.
ذلك الجزء من حياة "مانديلا" كان محور الفيلم الثاني الذي دار حول سيرته، كان فيلماً تلفزيونياً أيضاً، حمل اسم Mandela and de Klerk، قام ببطولته الأسطورتين سيدني بواتيه في دور "مانديلا"، و مايكل كين في دور "فريدريك دي كليرك"، رئيس جنوب أفريقيا الذي أصدر قراراً بالإفراج عنه.
ركز الفيلم على العلاقة المعقدة بين الرجلين، حيث "دي كليرك" الذي سعى لخروج "مانديلا" من السجن، ليصبح منافساً له على رئاسة الجمهورية عام 1994، وبعد فوز "مانديلا" قرر تعيين "دي كليرك" نائباً له.
هوليوود لأولِ مرة:
بعد عشر سنوات كاملة، وبالتحديد عام 2007، قررت هوليوود أن تتناول حياة "مانديلا" من جديد، في فيلمٍ سينمائي وليس تلفزيوني هذه المرة، Goodbye Bafana الذي يسرد من وجهه نظر "جيمس جورجي"، حارس السجن الذي اقتيد إليه "مانديلا" عند سجنه عام 1962، وكيف غيّرت العلاقة بينه وبين هذا السجين المفوه في علاقته بالعالم ورؤيته للحقوق الإنسانية للسود في جنوب أفريقيا.
أخرج الفيلم المخرج الدنماركي الكبير، الذي فاز بجائزة السعفة الذهبية في مهرجان "كان" مرتين، "بيلي أوجست"، بينما قام ببطولته " جوزيف فاينز"، وجسد شخصية "مانديلا" الممثل " دينيس هايزبرت".
هوليوود كمان وكمان:
بعد ذلك بعامين، جاء الفيلم الأهم الذي يتناول سيرة "مانديلا" في هوليوود Invictus، جيث وقف وراءه المخرج الكبير كلينت إيستوود، وجسد شخصية "مانديلا" الممثل " مورجان فريمان".
على عكس أغلب الأفلام التي تناولت سيرة الرجل، لم يهتم "إيستوود" بمرحلة النضال والثورة من داخل أسوار السجن، أو بالمفارقة بين خروجه من هناك وفوزه برئاسة الجمهورية، بل بدأ بعد ذلك: محاولته الحقيقية لتوحيد جنوب أفريقيا بعد سنين طوال من الفصل العنصري.
فيلم "إيستوود" يدور حول استعدادات المنتخب الجنوب أفريقي للركبي لبطولة العالم عام 1995، ووقوف "مانديلا" وراءهم، لأن الفوز بها سيعني توحيداً حقيقياً لكل الأعراق في جنوب أفريقيا، ويلقي الفيلم الضوء على العلاقة بين الرئيس السبعيني، حينها، وبين قائد المنتخب الوطني "فرانسوا بينار"، الذي جسد دوره " مات ديمون".
رشح "فريمان" لجائزة أوسكار أفضل ممثل في دور رئيسي عن أداءه لشخصية "مانديلا"، وخلق الصورة السينمائية الأكثر أيقونية للثائر الأفريقي العظيم.
وخلال الأعوام الأخيرة قدمت هوليوود فيلمين آخرين يتناولان حياة "مانديلا"، الأول هو "ويندي مانديلا" عام 2011، والذي يتناول حياة زوجة الزعيم، ملقياً الضوء على طفولتها ثم علاقتها به وسنوات التحمل الطويلة وهو في السجن، ولعبت بطولة الفيلم النجمة الحاصلة على جائزة الأوسكار " جينفر هادسون"، بينما جسد دور "مانديلا" الممثل تيرانس هوارد.
أما آخر فيلم دار عن حياته كان Mandela: Long Walk to Freedom، والذي يتناول رحلته كاملة منذ أن بدأ العمل في مناهضة العنصرية وحتى تقاعده عن العمل السياسي، وقام ببطولته الممثل " إدريس ألبا"، وللمصادفة فإن الفيلم قد عرض يوم 29 نوفمبر الماضي بشكل محدود في الولايات المتحدة، وقبل أيام من وفاة الثائر الذي سار طويلاً في درب الحرية، ومات في النهاية بعد أن حقق كل شيء تمناه.