كرم مطاوع.. فارس المسرح الذى هزمه السرطان

  • مقال
  • 02:28 مساءً - 9 ديسمبر 2013
  • 1 صورة



كرم مطاوع.. فارس المسرح الذى هزمه السرطان

الكتابة عن فنان كبير مثل كرم مطاوع بها قدر من الصعوبة، لأنه كان فناناً متعدد المواهب، فهل نتحدث عنه كأحد أهم مخرجى المسرح فى الستينات والسبعينات، أو كأستاذ أكاديمى متمكن تخرج على يديه العديد من الفنانين، أم ممثلاً مبدعاً قدم عشرات الأعمال السينمائية والتلفزيونية التى لا تنسى، فقد كان موهبة متفردة استطاع أن يترك بصمة فى تاريخ الفن المصرى.
وفى ذكرى وفاته السابعة عشر نتذكر مشوار هذا الفنان العظيم الذى وُصف بفارس المسرح المصرى.

البداية من روما
دائماً ما تظهر موهبة أى مبدع منذ الطفولة، وهكذا كان الحال مع كرم مطاوع، حيث عشق التمثيل منذ الصغر، فكان يقلد أفراد عائلته، ويتابع العروض المسرحية التى يقدمها طلاب مدرسته، ورغم التحاقه بكلية الحقوق، لم يستطع الابتعاد عن التمثيل، ولكنه أدرك أن الموهبة وحدها لا تكفى، فالتحق بالمعهد العالى للفنون المسرحية أثناء دراسته بالكلية، وتخرج من كلية الحقوق ومعهد التمثيل فى نفس العام، ونظراً لتفوقه، فقد كان الأول على دفعته، نال بعثة لدراسة الإخراج فى إيطاليا استمرت 5 سنوات، وهنا كانت نقطة التحول فى حياته، حيث اطلع على الاتجاهات المسرحية الحديثة، وعاد لمصر أستاذاً فى معهد الفنون المسرحية، كما عُين مديراً لمسرح الجيب، وبعدها مديراً للمسرح القومى، وقد برزت موهبة كرم مطاوع فى أولى المسرحيات التى أخرجها عقب عودته وكانت بعنوان " الفرافير" من تأليف يوسف إدريس، وحققت نجاحاً جماهيرياً ونقدياً كبيراً، واعتبرها كثير من النقاد محطة مهمة فى المسرح المصرى، وتوالت بعد ذلك المسرحيات مثل يس وبهية ل نجيب سرور، الفتى مهران ل عبد الرحمن الشرقاوى، والتى قام بالتمثيل فيها بجانب الإخراج، شهر زاد ، محاكمة رأس السنة ، جواز على ورق طلاق وغيرها من الأعمال التى تعالج قضايا اجتماعية وسياسية، وتخرج عن الأطر المألوفة.

ولم يقتصر إبداع كرم مطاوع على المسرح المصرى فقط، إذ سافر للجزائر وعمل أستاذاً لطلبة المعهد الوطنى للفنون الدرامية، وتخرج على يديه فنانون جزائريون أصبحوا روادا للمسرح فيما بعد منهم جمال مرير ، حميد رماس، عيد مصطفى وغيرهم.

ثأر الله
لا يمكن الحديث عن المسرح فى حياة كرم مطاوع دون أن نذكر مسرحية "ثأر الله" أحد أحلام كرم مطاوع التى لم يستطع تحقيقها، حيث كتبها عبد الرحمن الشرقاوى بجزأيها " الحسين ثائراً " و" الحسين شهيداً " عام 1969، وفى عام 1972 اتفق معه كرم مطاوع على تحويلها لعمل مسرحى، وبدأوا بالفعل فى عمل البروفات، ولكن حدثت أزمة كبيرة مع الأزهر نتيجة لاعتراضه على تجسيد الشخصيات التى تنتمى لآل البيت ضمن أحداث المسرحية، فتم الاتفاق على حل وسط، وهو أن يبدأ الفنان عبد الله غيث الذى يجسد شخصية الإمام الحسين كلامه بعبارة "قال الحسين"، وأن تفعل أمينة رزق التى كانت تجسد شخصية السيدة زينب ذلك أيضاً، وقام كرم مطاوع بدعوة عدد من الصحفيين والكتاب والمبدعين لمشاهدة البروفة مع المسئولين على الرقابة على المصنفات الفنية، وعدد من علماء الأزهر.

وعلى الرغم من أن المسرحية كانت عملاً رائعاً تأليفاً وإخراجاً وتمثيلاً بشهادة كل من شاهد العرض الخاص، إلا أن الأزهر لم يسحب اعتراضه، فلم تعرض المسرحية ولم تسجل، ورغم محاولات كرم مطاوع بعد ذلك لعرضها، إلا أن محاولاته لم تنجح.

أدوار قليلة مؤثرة
إذا كان الفنان كرم مطاوع حقق نجاحا طاغيا على المسرح، واُعتبر من أهم مجددى المسرح الحديث، إلا أن هذا النجاح المسرحى لم يكن بنفس القدر فى السينما والتليفزيون، ولكن هذا لا ينفى أنه كانت له العديد من الأدوار الهامة، بداية من دوره فى فيلم " سيد درويش" وهو أولى بطولاته المطلقة أمام هند رستم وإخراج أحمد بدرخان، حيث يروى الفيلم قصة الموسيقار العظيم منذ نشأته فى الإسكندرية، حتى وفاته المفاجئة يوم عودة سعد زغلول من المنفى، مستعرضا أهم المحطات فى حياته وأهم ألحانه وأغانيه، وأيضا دوره فى فيلم " إضراب الشحاتين" أمام لبنى عبد العزيز، وإخراج حسن الإمام، والذى يحكى قصة إضراب عمال أحد المصانع نتيجة سطوة صاحب المصنع، والتحام مجموعة من الشحاتين معهم فى النضال، أما أهم أفلامه فى وجهة نظر كثير من النقاد فهو " المنسى" مع عادل إمام و يسرا وإخراج شريف عرفة، حيث قدم دور المليونير أسعد ياقوت أحد رجال الأعمال الذى يقيم حفلة صاخبة ليعقد فيها صفقة كبيرة مع أحد الشخصيات المهمة، وبالإضافة لتلك الأفلام العظيمة، اشترك فى بعض الأفلام التى يمكن أن يطلق عليها أفلام تجارية أو مقاولات، مثل " المشاغبات الثلاثة" مع ليلى علوى و إلهام شاهين، " أنا والعذاب وهواك" مع وليد توفيق و صابرين، " الذكاء المدمر" مع إيمان و مجدى وهبة، وفى التلفزيون قدم مسلسلات هامة منها " آرابيسك"، " برديس"، " الحرملك" و" ناس ولاد ناس" والذى شهد الظهور الأول للفنان أحمد حلمى.

الأستاذ
يمكن أن نطلق على الفنان كرم مطاوع لقب الأستاذ، فقد كان لايبخل بنصيحة أو جهد على أحد من زملائه أو تلاميذه، وكانت له القدرة على إخراج كل الطاقات الإبداعية من الفنانين، لذلك قالت عنه الفنانة محسنة توفيق فى أحد حواراتها أن كرم مطاوع له الفضل الأول فى نجاحها على المسرح، مضيفة أنه أحد المخرجين المجددين، ولا يقل عن يوسف شاهين فى السينما، ومالا يعرفه الكثيرون أن كرم مطاوع كان سبباً فى اتجاه الفنانة سعاد نصرللكوميديا، فقد كان أساتذها بالمعهد، وكانت تقدم مشهداً تراجيدياً فى مسرحية يس وبهية فى مشروع تخرج إحدى طالبات المعهد، ولكنه رأى فيها ممثلة كوميدية، فطلب منها أن تركز فى الكوميديا لأنه المجال الذى ستنجح فيه، وهو ما تحقق بالفعل.

3 زيجات
كعادة كثير من أهل الفن، تزوج كرم مطاوع أكثر من مرة، الأولى كانت من الإيطالية " ميريث فالجوم" التى التقاها أثناء دراسته بإيطاليا، حيث جمع الحب بينهما، وتزوجا وأنجبت له ابنيه التوأم عادل وكريم، وبعد انتهاء دراسته عادوا لمصر، وعملت زوجته مذيعة بالبرامج الموجهة بالإذاعة، ولكنهما انفصلا بعد عدة سنوات، أما الزيجة الأهم فى حياته فكانت بالفنانة سهير المرشدى، حيث استمر زواجهما حوالى 20 عاماً، وأثمر عن ابنتهما الفنانة حنان مطاوع، كما أثمر عن أعمال مسرحية رائعة مثل " الفتى مهران"،"ليلة مصرع جيفارا"، "يا طالع الشجرة" و" إيزيس" التى حققت نجاحاً أسطورياً، واستمر عرضها لفترات طويلة، وعرضت فى أكثر من بلد عربى، ولكن بعد حوالى 20 عاماً من تلك الزيجة الناجحة وقع الانفصال، دون أن يذكر أحد الأسباب التى أدت لهذا الانفصال، أما آخر زيجاته فكانت بالمذيعة ماجدة عاصم، ولكن بعد شهور قليلة من الزواج اكتشف إصابته بالسرطان، وتم الطلاق بينهما بعد حوالى عام.

محنة المرض
كتب المرض كلمة النهاية فى حياة كرم مطاوع، حيث أصيب بمرض السرطان فى الكبد، ورغم سفره للعلاج فى الولايات المتحدة، إلا أن هذا لم يكن له تأثير فعال، فعاد لمصر واشتدت عليه الآم المرض، وتم نقله للمستشفى، حيث وقفت بجواره زوجته السابقة ورفيقة عمره سهير المرشدى حتى توفى يوم 9 ديسمبر 1996.



تعليقات