حياتها تصلح فيلماً سينمائياً تراجيدياً يخرجه مخرج الروائع حسن الإمام.. فما بين طفولة مرفهة وزيجات فاشلة، مروراً بمحاولات للانتحار، ثم اتهامات بحيازة مخدرات ودخول السجن، سارت حياة شريرة السينما الفنانة زوزو ماضى.
وفى ذكرى ميلاد الفنانة التى اشتهرت بتقديم المرأة الأرستقراطية فى جميع أعمالها، نتذكر فصول حياتها المأساوية.
النذر الذى دمر حياتها
طفولة مرفهة.. لعل ذلك أفضل وصف لطفولة "فتنة داوود سليمان"، حيث ولدت لأسرة ثرية وراقية فى بنى سويف تمتد أصولها إلى الشاعر اللبنانى إيليا أبو ماضى، وكان ميلادها فرحة لا توصف للأب والأم، بسبب موت خمسة أبناء لهم من قبل، لذا كانا يخافان عليها بشدة، ويحرصان على تلبية جميع مطالبها، فالتحقت بالمدارس الفرنسية، وكانت لها مربية سويسرية علمتها الإنجليزية، الفرنسية والألمانية، وبالإضافة لإتقانها اللغات الأجنبية، كانت تكتب القصص والأشعار باللغة العربية، وتراسل الصحف والمجلات، وتنشر إنتاجها وخواطرها فيها، فعاشت سنوات سعيدة مليئة بالحرية والانطلاق، وتوقعت أن تسير حياتها على هذا النحو، إلا أن هذا لم يحدث، ففى سن الرابعة عشر أجبرها والدها على الزواج بابن عمها نيقولا الذى يكبرها بسنوات عديدة بسبب "نذر" قديم، حيث كان قد نذر نذراً عند ولادتها، وهو أن تتزوج من ابن عمها إذا قدر لها الحياة، ولم ترحل مبكرا كأشقائها، ورغم رفضها للزواج ومحاولتها للانتحار، إلا أن والدها أصر على تلك الزيجة، فتزوجته وأنجبت ابنتها إيفون وابنها أنطوان.
التمرد على التقاليد
لم تستطع زوزو ماضى التأقلم مع الحياة الهادئة، وممارسة دورها كزوجة وأم، فقررت التمرد على هذه الحياة، وكانت أولى خطوات التمرد عندما ذهبت إلى النادى الرياضى فى بنى سويف مرتدية " شورت" مثير، ولعبت مباراة تنس مع مدربها مما أثار الاستهجان، وانتشرت القصة فى المحافظة، ولكنها لم تهتم أو تبالى، ولم يتوقف الأمر عند ذلك فقط، حيث قررت اقتحام مجال التمثيل، وذلك عندما قرأت إعلانا بجريدة الأهرام للمخرج محمد كريميطلب فيه فتاة لتجسد شقيقة الفنان محمد عبد الوهاب فى فيلم يحيا الحب فقررت التقدم للاختبار، وبالطبع لم توافق أسرتها على هذا الأمر، فهربت للقاهرة تاركة زوجها وأبنائها، وتقدمت للاختبار ونجحت فيه، وقدمت الدور بنجاح، فعرض عليها أدواراً آخرى، واشتركت فى حوالى فيلمين بعد ذلك، حتى علمت أن والدها أصيب بالأمراض بسبب معايرة الناس له بها، وبعدها توفت والدتها، فقررت العودة لعائلتها وأعلنت توبتها عن التمثيل، ولكنها لم تستطيع الاستمرار كثيراً، فأخذت ابنائها وعادت للقاهرة مرة أخرى لتبدأ مسيرتها الفنية.
الأرستقراطية اللعوب
منذ بداية عمل زوزو ماضى فى الفن، حصرها المخرجون فى دور المرأة الأستقراطية بتنويعات مختلفة، فأحيانا تقدم المرأة اللعوب التى تخطف الرجال، أو القوادة التى تسعى وراء المكاسب المادية، أو الزوجة الخائنة، وعندما كبرت فى السن أصبحت تقدم دور الحماة الشريرة أو زوجة الأب القاسية، ومن أشهر أفلامها التى جسدت فيها تلك الشخصيات الأسطى حسن مع فريد شوقى و هدى سلطان إخراج صلاح أبو سيف، سيدة القصر مع عمر الشريفو فاتن حمامة إخراج كمال الشيخ، الطريق المسدود مع فاتن حمامة و أحمد مظهر وإخراج صلاح أبو سيف، وغيرها من الأفلام.
ولم يقتصر مشوارها الفنى على السينما فقط، إذ قدمت مسرحيات عديدة مع الفرقة القومية ثم فرقة رمسيس مثل أوديب ملكاً، الست هدى، قطر الندى، بنات الريف، كما اشتركت فى بعض المسلسلات مثل كيف تخسر مليون جنيهمع عادل إمام و نبيلة عبيد، بستان الشوك مع أحمد زكى و سمية الألفى، القاهرة والناس مع نور الشريف و صفية العمرى.
خلف القضبان
إذا كانت زوزو ماضى واجهت الحظ السيىء فى زيجتها الأولى، فإنه استمر معها فى الزيجات التالية، حيث تزوجت رجل أعمال إنجليزى يدعى " وندل ثابر" وبعد فترة سافر لقضاء بعض الأعمال فى سوريا ولبنان، ثم أذيع أن الطائرة فقدت ولم يعثر لها على أثر، فطالبت شركة التأمين المسئولة بتعويض إذا ثبت أنه توفى، ولكن الزوج المفقود عاد سالماً، وحدث الطلاق بعد فترة قصيرة، أما الزيجة الثالثة فكانت الأسوأ، حيث التقت رجل أعمال يدعى " كمال عبد العزيز" فى أحد السهرات الفنية، وتزوجته بعد عشرة أيام من معرفتها به، ولم تكن تعلم أى شىء عن حقيقة عمله، وبعد تسعة أشهر فقط من الزواج ألقى القبض عليها وزوجها ضمن عصابة لتجارة وتهريب المخدرات، وقضت 9 شهور فى الحبس الاحتياطى، إلى ان برأتها المحكمة، أما زوجها فحكم عليه بالمؤبد، وطلبت منه الطلاق، لتكون تلك الزيجة الأخيرة فى حياتها.
محاولة للانتحار
لم تتوقف مأساة زوزو ماضى عند الزيجات الفاشلة فقط، إذ واجهت أزمة كبيرة مع ابنتها إيفون فى منتصف الخمسينات، بسبب عصيان الابنة لها، وسهرها وسفرها المتكرر مع أصدقائها، فحاولت زوزو ماضى منعها من تلك الحياة المستهترة، إلا أنها لم تستمع إليها، بل وثارت عليها وتركت المنزل، فلم تتحمل الأم هذا الموقف، وابتلعت عدد من الأقراص المنومة بغرض الانتحار، ولكن تم إنقاذها فى اللحظات الأخيرة.
ملهمة إبراهيم ناجى
من هى ملهمة إبراهيم ناجى التى كتب من أجلها قصيدة الأطلال؟ قيل كثيرا أن الفنانة زوزو حمدى الحكيم كانت ملهمته التى أحبها بشدة، وكتب من أجلها تلك القصيدة، إلا أن كثيرين أكدوا أن زوزو ماضى ملهمته الحقيقية، منهم الكاتب صالح جودت الذى كان رئيساً لتحرير مجلة الهلال، فكتب مقالاً قال فيه " ذات يوم من عام 1948 كنت بنادى بيت الفن أنا والفنان محمود السباع والمطربة فتحية أحمد والمخرج فؤاد الجزايرلى والشاعر إبراهيم ناجى وآخرون نستمع إلى جانب من ذكريات إبراهيم ناجى، فراح يتحدث عن زوزو ماضى بشكل خاص جداً، وأدركنا نحن جميعاً يومها مشاعره نحوها التى لم يستطع كتمانها، مضيفاً "بعد عام من هذه الواقعة وجدت ناجى فى حالة من الضيق الشديد حينما علم بزواجها من مليونير إنجليزى ولم تستمر هذه الزيجة طويلا"، كما أكدت الفنانة زوزو ماضى نفسها فى حوارها مع طارق الشناوىفى مجلة روزاليوسف عام 1980 هذا الأمر، وطلبت منه الاستشهاد بأميرة ابنة ناجى التي أعلنت فى أكثر من مناسبة أن زوزو ماضى ملهمة أبيها لقصيدة الاطلال وقصائد أخرى مثل قصيدة عاصفة الريح، وليست الفنانة زوزو حمدى الحكيم كما هو شائع.
النهاية
استمرت حياة زوزو ماضى ما بين نجاح فنى وفشل فى الحياة الخاصة، وفى أواخر حياتها أصيبت بقرحة المعدة، وسافرت فى نهاية عام 1980 للخارج منتقلة بين باريس وسويسرا للعلاج، حتى رحلت عن عالمنا فى 9 أبريل عام 1982 تاركة تاريخ فنى لا ينسى.