بعد سنوات في الظل وأدوار ثانوية في أفلام عديدة، سطع نجم الفنان محمد هنيدي كنجم الكوميديا الأول في مصر بعد نجاح فيلم البطولة الجماعية " إسماعيلية رايح جاي" ليمر بمرحلة ازدهار فني وتوهج استمرت لسنوات قليلة قبل أن يخفت بريق نجمه سينمائيًا.
بداية ظاهرة محمد هنيدي كانت في فترة لا تُعد مُزدحمة بالأفلام الكوميدية في منتصف التسعينات، فكانت أفلام المُقاولات بجانب أفلام الحركة هى الأكثر إزدهاراً قبل أن ينجح محمد هنيدي في تحويل الدفة نحو الأفلام الكوميدية أو ينجذب الجمهور للكوميديا كملل من الألوان الأخرى أو ربما هما العاملين معًا، في ذلك الوقت لم يكن هناك العديد من الأفلام الكوميدية فكانت رغبة المُشاهد في فيلم كوميدي تدفعه بشكل تلقائي نحو أفلام محمد هنيدي قبل أن يلحق به الراحل علاء ولي الدين صاحب الوجه الطفولي والذي حقق نجاحًا ربما فاق نجاح هنيدي قبل أن يخفت نجميهما بسطوع نجم أحمد حلمي و محمد سعد.
سطوع نجم أحمد حلمي ومحمد سعد أثر بشكل كبير على هنيدي ومعه علاء ولي الدين لأن الثنائي الأول أكثر إقناعًا في الأدوار الرومانسية الكوميدية بعكس الثنائي الأخر الذي اعتمد على الكوميديا بشكل رئيسي رغم وجود قصص رومانسية في أفلامهما، إلا أنها لم تكن مُقنعة، فمن النادر أن يكون أحدهما فارس أحلام الفتيات في مصر، الأمر الذي جعل الاهتمام يتحول تدريجيًا نحو الأفلام الرومانسية الكوميدية بدلًا من الأفلام الكوميدية فقط وبالتالي يقل الاهتمام بهنيدي وعلاء ولي الدين.
في البداية سحب الراحل علاء ولي الدين البساط من تحت قدمي هنيدي في عام 2000 بفيلمه " الناظر" الذي حقق نجاحًا مُبهرًا وشهد نفس العام فشل أو خفوت نجم هنيدي بفيلمه " بلية ودماغه العالية" قبل أن يعود هنيدي للقمة بفيلمه " جاءنا البيان التالي" للقمة من جديد في العام التالي الذي شهد فشل فيلم علاء ولي الدين " ابن عز" عندما أراد الخروج من دور شاب العائلة المُتوسطة حيث لعب دور ابن رجل أعمال يهرب خارج البلد.
بعد ذلك تُوفي علاء ولي الدين قبل إكمال فيلمه الأخير " عربي تعريفة" بينما واجه هنيدي الفشل في أكثر من فيلم مُتتالي بدءً من " صاحب صاحبه" بالاشتراك مع أشرف عبد الباقي ثم " عسكر في المعسكر" بالاشتراك مع ماجد الكدواني وبعده " فول الصين العظيم" ثم " يا أنا يا خالتي" و" وش إجرام" و" عندليب الدقي" قبل أن يُحقق نجاحًا كبيرًا يُعيده للقمة أو على الأقل يقترب منها بفيلمه " رمضان مبروك أبو العلمين حمودة".
أي أن الفيلم الوحيد الذي اقترب من القمة بهنيدي هو فيلم "رمضان مبروك أبو العلمين حمودة" الذي قام فيه بتجسيد دور مُدرس ريفي مُتشدد، يحظى باحترام الأخرين وخوفهم، وهو دور لا يُمكن تخيل تقديم أحد له بشكل أفضل من محمد هنيدي حيث يُلائمه الدور تمامًا من حيث الشكل.
ما زاد الطين بلة هو إتجاه الثلاثي أحمد السقا و كريم عبد العزيز و أحمد عز للاعتماد على الكوميديا من وقت لأخر في أفلامهم وثلاثتهم لهم جمهور يُعجب بأدوارهم الرومانسية أو أفلام الحركة وثلاثتهم بجانب أحمد حلمي تحديدًا قادرين على إضحاك الجماهير.
المسألة لا تنحصر فقط في المُنافسين، فالأفلام الكوميدية لها جمهورها الخاص الذي قد لا يهتم كثيراً بالرومانسية أو يرغب في مُشاهدة فيلم كوميدي بحت بدلًا من فيلم نصف كوميدي ونصف رومانسي إلا أن السيناريوهات والمواقف المُضحكة التي كُتبت فضل كاتبوها الاتجاه نحو الرباعي المذكور سابقًا أكثر من هنيدي بسبب تقدمهم عليه في إيرادات شباك التذاكر مما دفع هنيدي للتراجع للخلف أكثر خاصةً وأنه لا يبدو مُقنعًا بشكل كبير عندما يلعب دور الشاب الذي تقع في حبه مُمثلة مثل غادة عادل أو دنيا سمير غانم أو مُنى زكي، فازداد تراجع إيرادات أفلامه أكثر وأكثر.
ربما الحل الوحيد أمام هنيدي للاستمرار في السينما هو تقديم المزيد من الشخصيات التي تُناسب شكله مثل "رمضان مبروك أبو العلمين حمودة"، فمثل هذه الأدور لا يُمكن أن تُقدم بالشكل الأمثل بواسطة أي مُمثل أخر وتُعد رهانًا ناجحًا، خاصةً في أفلام العيد التي تتسم بخفة الدم والبعد عن القصص المُعقدة والحركة، ولكن هل سيجد من يستطيع تكرار نجاح ذلك الفيلم من جديد؟