أربعة عشر عامًا كاملين مرَّوا منذ ظهور آخر جزء في سلسلة Jurassic Park، أربعة عشر عامًا لم تنقطع فيها المباحثات بين ستيفن سبيلبرج وستديوهات يونيفرسال لتقديم الجزء الرابع، الذي دخل في متاهات لا أول لها ولا آخر، وظل لفترة طويلة للغاية يخوض مراحل متتالية من التأجيلات والتعديلات المستمرة تُعرف عادةً بـ «جحيم ما قبل الإنتاج Development Hell».
عشَّاق السلسلة المخلصون ظنوا أنهم ينتظرون سرابًا لن يتحقق أبدًا، لكن في اللحظة التي كادوا أن ييأسوا فيها، أعلنت يونيفرسال إنها تنوي طرح الفيلم الجديد في عام 2014، وعيَّنت له مخرجًا شابًا متحمِّسًا هو كولين تريفورو الذي صنع فيلمًا واحدًا واعدًا من قبل هو Safety Not Guaranteed، لكن مشاكل أخرى تتعلق بتعديلات على السيناريو أدَّت لتأجيل الفيلم -ربما للمرة المائة- لعام 2015.
لكن أخيرًا، ها هو العالم الجوراسي قد آن أوانه، وبات افتتاح المتنزَّه قريبًا جدًا... نحن الآن على وشك أخذ جولة استباقية في الحديقة نتعرف فيها على كل شيء... لذا جهِّز نفسك، ورتب حقيبة سفرك جيدًا... ارتدِ ملابس صيفية خفيفة، واحمل في يديك link... وهيا بنا نسافر إلى تلك الجزيرة الاستوائية النائية، التي تقع على بُعد 120 كيلومترًا قُبالة الساحل الغربي لكوستاريكا.
مرحبًا بكم في حديقة دينوصورات Jurassic World!
22 عامًا مرّوا منذ الكارثة في الجزء الأول
منذ عامين، قام المخرج كولين تريفورو بالتغريد على تويتر بكلمة واحدة فقط ألهبت حماس عشَّاق السلسلة. الكلمة هي Nublar. لهؤلاء الذين لا يميزون الاسم، هذا هو اسم الجزيرة التي كانت مسرح أحداث الجزء الأول. «أيلا نوبلار» هي الجزيرة التي شُيِّدت عليها حديقة الدينوصورات القديمة قبل أن تحدث الكارثة، وليست الجزيرة الثانية «أيلا سورنا» أو Site B التي ظهرت في الجزئين التاليين، والتي كانت مصنع تفريخ للدينوصورات قبل نقلها للعرض في «نوبلار».
إذًا نحن لم نطأ أرض «نوبلار» منذ الجزء الأول... الجزء الرابع ستدور أحداثه في حديقة جوراسية تعمل بالفعل ويتوافد عليها السياح من كل ركن بالعالم... حلم الملياردير العجوز جون هاموند الجامح قد تحقق أخيرًا، ولكن ليس بيده كما سنعرف بعد قليل. القصة تدور بعد 22 عام من أحداث الجزء الأول، في عالم من المفترض أن الحديقة مفتوحة فيه منذ 10 أعوام، أي أنها تعمل منذ عام 2005... والآن الجزيرة تسعد لاستقبال مخلوق لم تشهده في تاريخها! هذا أيضًا سنتحدث عنه لاحقًا.
مزارات الحديقة ستخطف أنفاسك حرفيًا
تعشق المغامرة؟ مهووس بالدينوصورات؟ ترغب في الاستجمام والاستمتاع بالطبيعة؟ حسنًا، كل شيء مجهز بعناية في Jurassic World كي يرضي الطفل بداخلك ويطيح بعقلك تمامًا. ستبدأ زيارتك برحلة الـ «مونوريل»... القطار المُعلَّق الذي سيأخذك في جولة سريعة عبر الجزيرة، ويمر بك من خلال بوابات الحديقة العملاقة، قبل أن يتوقف في الشارع الرئيسي الذي ستبدأ منه جولتك.
الآن سيكون الاختيار صعبًا، فأمامك عشرات المزارات المختلفة... من الممكن أن تبدأ يومك بزيارة «مركز الابتكارات Innovation Center»، الذي فيه تستطيع تعلم كل شيء عن أنواع الدينوصورات المختلفة، والطريقة التي استخدمت لإعادتهم إلى الحياة بعد 65 مليون سنة. بعدها يمكنك الذهاب لزيارة مملكة الـ «تي ركس» لتشاهد أعتى المفترسين عبر العصور، أو يمكنك الاستمتاع بالجولة النهرية في الكانو، والتي ستشاهد أثناءها مجموعة من العمالقة طيبو القلب وهم يتغذون على النباتات التي تحف ضفتي النهر، أو تستطيع الذهاب لرؤية الزاحف البحري الهائل، الـ «موزاصور»، والذي يتم إطعامه كل ساعتين، أو تدلف إلى حلبة الـ «باكيسلافوسوروس» الشبيهين بالماعز، لتشاهد مناطحات الرؤوس العنيفة بينهم... لكن إليك نصيحة خاصة مني، قم بتأجيل هذا كله واذهب مباشرةً لركوب الـ Gyrosphere، أحدث وسيلة للترفيه في حديقة العالم الجوراسي، والتي هي عبارة عن كره عملاقة تتسع لفردين، تتنقَّل بك بين أقدام الدينوصورات حرفيًا... ماذا عن الأمان؟ لا تقلق... هناك شريحة مزروعة في رأس كل دينوصور تمنعه من الاقتراب من كرتك الدوَّارة! فلتدع القلق ولتستمتع بوقتك.
7 أنواع جديدة لم تظهر من قبل
وفقًا لـ link، هناك 18 نوعًا من الدينوصورات على الجزيرة. منهم سبعة أنواع جديدة تمامًا لم نرها في أي جزء من الأجزاء السابقة، و11 نوعًا آخرين ظهروا من قبل. المخرج كولين تريفورو قال في حديثه مع مجلة Empire أن 12 نوعًا من تلك الأنواع سيكون له تأثيرًا فعَّالًا ضمن الأحداث، والبقية الباقية سيظهرون على استحياء، ربما في الخلفيات. الشيء المؤكد أن هذا هو أكثر جزء ستشاهد فيه دينوصورات على الشاشة... الجزء الأول ظهرت الدينوصورات فيه لمدة 15 دقيقة فقط، هنا لن يقل الأمر عن ضعف هذا الرقم، وربما أكثر. تستطيع التعرف على كل أنواع الدينوصورات في الفيلم الجديد من الموقع الرسمي للحديقة، الذي يتعامل مع كل شيء على أنه حقيقي تمامًا، وأن الحديقة موجودة بالفعل في عالمنا، حتى أنك تستطيع أن تحجز رحلتك من خلاله، بل وتشتري بعض المنتجات أيضًا!
الطيور الجارحة، صديق أم عدو محتمل؟
هل تتذكر تلك المفترسات الصغيرة الخبيثة من الأجزاء السابقة، من ينسي مشهد تعقُّب الطيور الجارحة للطفلين إلى المطبخ قرب نهاية الأحداث، أحد أكثر المشاهد إرعابًا من بين كل مشاهد الوحوش التي ظهرت على شاشة السينما. هذه الضواري الصغيرة -يطلق على النوع «فيلوسيرابتور» واختصارًا رابتور وتعريبًا طيور جارحة- كانت أكثر إرعابًا ربما من الـ «تي ركس» ذاتها... هل تتخيل أن تلك الضواري الفتَّاكة من الممكن أن تأخذ جانبنا وتقاتل معنا؟ حسنًا يبدو أن هذا سيحدث بشكلٍ أو بآخر.
النجم الصاعد بقوة كريس برات يقوم في الفيلم بدور أوين، باحث في علم الحيوان متخصص في سلوك الـ «فلوسيرابتورات»، يتمكن أوين من عقد علاقة خاصة بينه وبين أربعة من الطيور الجارحة؛ هؤلاء هم: إيكو، وبلو، ودلتا، وتشارلي. لكن هذه المخلوقات ليست مستأنسة كما تظن، فقط هي قبلت أوين ضمن القطيع كفرد منهم، بعد أن تربوا معه منذ صغرهم ولفترة طويلة. القطيع ليس مروضًا أو أي شيء من هذا، هم فقط يسمحون لأوين التعامل معهم بشكل مختلف عن أي شخص آخر... الفكرة طازجه وواعدة للغاية، وتبشِّر بتتابعات مختلفة في كل شيء، لكن إذا كان هناك درس واحد تعلمناه من الحديقة الجوراسية الأصلية، فهو بالتأكيد أنه لا يمكنك أبدًا أن تثق في «فيلوسيرابتور»!
وفاة جون هاموند، واستحواذ ماسراني على «إنجين»
جون هاموند هو المُحرِّك الرئيسي لكافة الأحداث تقريبًا في عالم Jurassic Park... هاموند هو الملياردير الإسكتلندي العجوز المهووس بالدينوصورات حتى النخاع، والذي أتته رؤية ذات ليلة قديمًا على هيئة سؤال: ماذا لو أن بعوضة محبوسة في الكهرمان كانت قد تغذت على دماء دينوصور قبل أن تموت مباشرةً؟ هذا يعني أن الدنا الخاص بالدينوصور سيكون محفوظًا داخل معدتها لملايين السنين لم يُمس... أبراكادبرا! نستطيع استنساخ دينوصور حي!
نتيجة لهذه الرؤية المجنونة، سخَّر هاموند كل أمواله لتطوير الفكرة، وأنشأ شركة الأبحاث الجينية العملاقة «إنجين» بمساعدة مستثمرين يابانيين. نجح علماء «إنجين» في النهاية في تحقيق المستحيل، وتوصلوا إلى تقنية مذهلة مكَّنتهم من استساخ الدينوصورات.
«إنجين» قاربت على الإفلاس بعد كارثة الحديقة عام 1993، وأفلست تمامًا بعد حادثة هروب الـ «تي ركس» في شوارع سان دييجو عام 1997، والتي شاهدناها في الجزء الثاني من الفيلم. بعدها مباشرةً توفي هاموند عام 1998، وأتي الملياردير الهندي الشاب سيمون ماسراني -يقوم بدوره عرفان خان- صاحب مؤسسة «ماسراني» العملاقة التي تمتد أذرعها لتشمل كل شيء تقريبًا، واستحوذ على «إنجين»، وقام بإعادة إحياء عملاقة لحلم جون هاموند مرة أخرى... وها هو قد تمكن من افتتاح الحديقة بنجاح عام 2005 على ذات الجزيرة، بعد 7 سنوات من الإنشاءات الكثيفة ومحاولات قنص الدينوصورات التي كانت تجوب ربوع «أيلا نوبلار» بحُرِّيَّة بعد هجرها لسنوات طويلة.
الـ «تي ركس» من الجزء الأول لا تزال حيَّة وبصحة جيدة!
من منا لا يتذكَّر مشهد هجوم الـ «تي ركس» الرئيسي على السيارات من الجزء الأول، التتابع المُعجِّز الذي طارد كوابيس الأطفال لسنواتٍ عديدة، والذي استطاع به سبيلبرج أن يجعل المشاهدين يجلسون على أطراف مقاعدهم لخمس دقائق كاملة. حسنًا، بطلة التتابع الرئيسية دون جدال هي الـ «تي ركس» الهائلة (كل دينوصورات الحديقة الجوراسية إناث بالمناسبة، لذا نناديهم هكذا). هذا كان أعقد مشاهد الفيلم، واعتمد بشكل شبه كامل على نموذج ستان وينستون الميكانيكي، مع القليل جدًا من اللقطات الرقمية. ستان نفسه أصابه الذهول من براعة الدينوصور فى التمثيل، هذه البراعة أقنعت سبيلبرج بإضافة معركة ختاميه لم تكن فى السيناريو الأصلى بين هذه الممثلة القديرة واثنان من الطيور الجارحة صرعتهما في النهاية. حسنًا، نفس هذه الـ « تي ركس» الغاضبة دومًا سنراها في الجزء الجديد. حسب ما نعرف، فريق محترف من صيادي مؤسسة «ماسراني» قاموا بالذهاب إلى الجزيرة قديمًا وتمكَّنوا من قنصها وأعادوها إلى الأسر، لتصبح بعدها ملكة الجزيرة المتوجه، والمزار الرئيسي الذي يتهافت عليه السائحين. هناك أيضًا كلام تناثر أن الفيلم الجديد سيكون بمثابة قصة انتقامها الخاصة، ما معنى هذا؟ في الحقيقة لا أعلم... يبدو أن ريكسي العجوز ما يزال لديها الكثير لتفعله... لننتظر ونرى.
إنه عصر «الهجين»!
لم يكتف علماء « إنجين» بدينوصوراتهم الخلابة، وأصرَّوا أن يمدوا أيديهم أكثر في رحم الطبيعة، ويعبثوا معها إلى أقصى مدى ممكن تسمح به التكنولوجيا المتاحة لهم. هكذا ظهر إلى الوجود الـ Indominus rex، وحش جديد هجين تم تخليق الدنا الخاص به عن طريق خلط جينات أربعة أنواع فتَّاكة من الدينوصورات، مع إضافة شذرات من دنا حيوانات معاصرة أيضًا كالثعبان والحبَّار.
Indominus rex يعني «الملك الغير قابل للترويض»، وهو مخلوق ذو قدرات غير عادية لا أنوي حرقها عليكم هنا. الـ I.rex سيكون هو المزار الرئيسي الجديد الذي ينوي سيمون ماسراني أن يقدِّمه للسائحين بمناسبة عيد الحديقة العاشر، بعد أن وجد أن أعداد زوار الحديقة بدأت في التناقص تدريجيًا، في عصر أصبح الملل فيه هو المسيطر على كل شيء. كل إعلانات الفيلم ركزت جُل دعايتها على الوحش الجديد، ويبدو أن هروب هذا المسخ هو ما سيطلق مجموعة من الأحداث المؤسفة ستذهب بالجزيرة إلى الفوضى التامة، تلك الفوضى التي طالما حاول القائمين على الحديقة تفاديها بمحاولات سيطرة بائسة لم تفلح أبدًا منذ عام 1993.
الموسيقى التصويرية ستثير كل الحنين بداخلك
عشاق السلسلة حزنوا بشدة عندما سمعوا أن مؤلف الموسيقى التصويرية الشهير جون ويليامز لن يتولى مهمة تأليف مقطوعات الفيلم، وهذا بسبب انشغاله بفيلم Star Wars: Episode VII - The Force Awakens الذي تعاقد عليه أولًا، وظلَّوا في انتظار إعلان اسم خليفته بفارغ الصبر وبقلق بالغ، وعندما برز اسم مايكل جياشينو في النهاية تنفَّس الجميع الصعداء. جياشينو معروف في هوليوود كحامل شعلة العجوز جون ويليامز، كما أنه غير بعيد عن عوالم Jurassic Park تمامًا، حيث قام من قبل بتأليف المقطوعات الموسيقية للعبتي الفيديو The Lost World: Jurassic Park وWarpath: Jurassic Park اللتان ظهرتا بعد الجزء الثاني من السلسلة.
وبعد أن طرحت يونيفرسال مقطوعتين من مقطوعات الفيلم على موقع يوتيوب، زال أي شك من جميع القلوب. وبات واضحًا أن موسيقى الفيلم ستعيد أمجاد المقطوعات الخالدة من الجزء الأول، وستستفز كل الحنين بداخلك كما لم تشعر من قبل... فقط استمع.
link]
أطلال الحديقة القديمة ستحظى بظهورٍ مؤثر
لن تكون الموسيقى التصويرية هي العامل الفعَّال الوحيد في إثارة الحنين، فكولين تريفورو ينوي أن يعود بك إلى أماكن بعينها من الجزء الأول. المواقع التي تأكد ظهورها حتى الآن في الفيلم الجديد هي مركز الزوار الرئيسي القديم، الذي دمرته الـ «تي ركس» في معركتها الأخيرة، وموقع سيارة اللاند كروزر التي كانت مُهشَّمة بالكامل أسفل شجرة عملاقة، وأيضًا المنحدر الصغير الذي لقى فيه دينيس ندري مصمم برمجيات الحديقة مصرعه. دينيس ندري لمن لا يتذكر هو الرجل البدين الذي قام بسرقة أجنة الدينوصورات وكان ينوي بيعها، لكن حظه العاثر أوقعه في طريق «ديلوفوسوروس» سام قام بشل حركته، وأكل أمعاءه على مهل بعد ذلك.
ماذا بعد؟
هذا ما لا نعرفه حتى الآن... في حوار مع المخرج كولين تريفورو منذ عام تقريبًا، قال أن الفيلم الجديد ربما سيكون فاتحة لثلاثية جديدة تمامًا، ستأخذ فيها الأحداث منعطفًا أكثر جنونًا، وهناك كلام تناثر من داخل ستديوهات يونيفرسال أنهم على استعداد تام لتقديم جزئين تاليين إذا حقق هذا الجزء النجاح المرجو. افتتاحية الفيلم المتوقَّعة حسب استطلاعات الرأي وصلت لـ 133 مليون دولار داخل أمريكا وحدها، وهو رقم ضخم جدًا، وإذا تحقق سيضع الفيلم ضمن أقوى 10 افتتاحيات في التاريخ، وربما سيكون مؤشرًا مُبكِّرًا على دخول الفيلم لنادي المليار دولار.