شريف البنداري: التفاصيل الصغيرة تصنع الحياة.. ومنها ينبع سحر السينما

  • حوار‎
  • 11:16 مساءً - 12 يونيو 2016
  • 6 صور



حار جاف صيفًا

بالنظر إلى مجموع اﻷفلام القصيرة في مصر حاليًا، هل يمكن القول بإنه توجد أزمة إبداعية ترتبط بالرؤى الملتبسة لدى المبدعين حول اﻷصالة؟

يشتكي الكثيرون من قلة الاهتمام باﻷفلام القصيرة وقلة جمهورها وعدم الاهتمام بعرضها، أرى أنه ما لا يزيد عن 10 بالمئة من ناتج اﻷفلام القصيرة هي فقط التي تصلح للاستهلاك اﻵدمي، وقد أحدثت هذه النسبة الكثير من الاهتمام خارج مصر في المهرجانات الدولية، وأرى أن جزءًا من المشكلة يكمن في صانعي اﻷفلام أنفسهم، واﻷمر لا يتعلق بالإمكانيات اﻹنتاجية بقدر ما يرتبط أكثر بالرؤية التي تقف وراء العمل الفني.

أنا أقوم بالتدريس في معهد السينما منذ 8 سنوات، مما يتيح لي الفرصة بشكل دوري للتعرف على اﻷفكار الفنية اﻷولى في عقول المخرجين حديثي العهد بالسينما، وكثيرًا ما يأتي العديد من الطلبة والخريجين ليستشيروني حول أعمالهم، وهناك ملحوظة رئيسية أحب أن أذكرها، وهي أن الكثيرين من المخرجين اﻷوائل يرغبون في الحديث عن موضوعات وتساؤلات كبرى مثلما كان يفعل بيرجمان وتاركوفسكي في أفلامهما حول الوجود والعدم والحياة والموت.. إلخ، فالكثيرين يحاولون منذ أفلامهم اﻷولى تقديم أفكارًا عميقة في أفلامهم، مع أني من أنصار البساطة، البساطة شيء جميل، وهو ما يجعلني أحب إبراهيم أصلان بسبب بساطته، وقلما أجد مخرجًا يفكر في التحرك في عمله مما يستهويه وما يشبه ذوقه بقدر ما يفكر في رد فعل من سيشاهد فيلمه، وهذه كارثة الكوارث، اﻷفلام لا تُصنع على هذا النحو، على صانع الفيلم أن يبدأ مما يعرفه أولًا وبالإمكانيات الإنتاجية المتوفرة في حوزته، ويجب أن تكون اﻷولوية للحكي، ولو توقف دور المخرج على حكي قصة ممتعة بشكل جيد فهذا هو كل ما في اﻷمر، وخاصة لو كان في سنته اﻷولى في المعهد وما زال لا يجيد كل التفاصيل التقنية اﻷساسية، فيجب التوقف مع النفس لمعرفة ما يمكن فعله بالضبط.

وفي ظل الهروب الجماعي نحو التليفزيون، إلى أين تتجه صناعة السينما في مصر؟

أنا لا اتنبأ، لكني أرى أن اﻷمور في الصناعة تتجه نحو اﻷفضل، في عام 2011 خاصة بعد اندلاع الثورة، هناك حجر ألقى في المياه الراكدة للصناعة، أما أول موجة ناتجة عن تحرك المياه أحدثت تأثيرها المطلوب فقد جاءت في 2016، خاصة مع وجود أفلام عديدة مثل آخر أيام المدينة والماء والخضرة والوجه الحسن ويوم للستات واشتباك باﻹضافة إلى أفلام أبدًا لم نكن أطفالًا لـمحمود سليمان وهدية من الماضي لـكوثر يونس على مستوى اﻷفلام الوثائقية، هذه السنة ثرية ودسمة جدًا على المستوى السينمائي، وهو ما يجعلني متفائلًا بمستقبل الصناعة حتى مع كل العوائق التي تقيدها من كل جانب.

خلال عملي على فيلمي "علي معزة وإبراهيم" و"حار جاف صيفًا"، كان عليّ كي أستطيع التصوير في الشارع أن أتوجه لوزارة الداخلية للحصول على تصاريح للتصوير كما هو متبع، فتطلب مني الوزارة ثلاث موافقات: من نقابتي المهن السينمائية والمهن التمثيلية اللتان تشترطان أن يكون المشاركين في الفيلم أعضاء نقابيين وإلا سأقوم بدفع غرامات، باﻹضافة إلى موافقة الرقابة على المصنفات الفنية، فلكي تستطيع التصوير في الشارع، قأنت مضطر أن تختار فقط من بين اﻷعضاء النقابيين كي يشاركون في الفيلم، ولا تستطيع اختيار أي شخص خارجها، وهذا احتكار للإبداع.

كل ما أريده هو أن أصنع فيلمي، أنا لا أريد من نقابة المهن التمثيلية أي شيء، النقابة هدفها الرئيسي هو الحفاظ على حقوق العاملين في المهنة، ولا خلاف على ذلك، لكنني لا أريد أن يُقيد إبداعي؛ ﻷنني لم أختر ممثلين من النقابة، وكذلك الحال مع نقابة المهن السينمائية.




تعليقات