طايع: تلفزيون سينمائي ظلمه السيناريو

  • نقد
  • 02:46 مساءً - 19 يونيو 2018
  • 2 صورتين



طايع (عمرو يوسف) في مشهد من الحلقة الأخيرة

دائمًا ما يحضر في رأسي مسلسل الاختلال الضال، أو"بريكينج باد" عند ذكر المسلسلات التلفيزيونية، فشخصية والتر وايت من أفضل الشخصيات التي كُتبت في تاريخ التلفيزيون من حيث تحول شخصيته من مدرس للكمياء إلى هايزينبرج أكبر مُصنِع للميثنفيتمن أو الميث. صراع الهوية كان دائمًا يطارد هايزينبرج؛ بين مشاعره الأبوية تجاه ابنه -والتر جونيار- والتي مع تقدم الأحداث تطورت لتشمل جيسي بينك-مان التي تطلب ظهور والتر وايت، وبين صرامته الحادة مع التجار، وبين مشاعره المضظربة تجاه زوجته سكايلر التي تستدعي شخصية هايزينبرج.

شاهدت العديد من الأفلام وبعض المسلسلات؛ ولكن ما الذي جعل مسلسل طايع مميز ولكن ظلمته بعض العناصر أو كما سبق ذكره السيناريو؟ طايع شاب تخرج من كلية الطب ولكن يطارده الثأر ويُدخِل نفسه السجن ليحمي نفسه وعائلته، من ثأر أولاد عسران ويقع في دائرة تجارة أثار.

لنبدأ بالمميزات:

أبرز عنصر رأيته في مسلسل طايع هو الأداء التمثيلي والذي تحت قيادة المخرج عمرو سلامة بالمناسبة عمرو سلامة من مخرجيني المفضلين- من مميزات إخراج عمرو سلامة قدرته البارعة في قيادة فريق التمثيل بجانب انتقاء ممثلين رائعين للأدوار، عمرو يوسف في دور طايع لديه انفعالات جيدة وبعض الجُمَل اللطيفة التي أداها بشكلٍ رائع واستطاع الإلمام بالدور بشكلٍ كبير ربما مشكلتي معه هي أداء الصعيدي العادي؛ فهو ليس مميز اطلاقًا ولم يضيف شيئًا لدور الصعيدي، ربما لأنني أكره دراما الصعيد.

نأتي لـعمرو عبدالجليل في دور الريس حربي، أعظم دور هذا الموسم؛ انفعالات عبدالجليل مع تقدم الأحداث وضعفه، ومشاعره الأبوية تجاه ابنته سماح التي ماتت ووضوحها مع مُهجة ممزوجة بكرهٍ وحقدٍ شديد من تعبيرات وجهه فقط، بجانب قسوته على ابنائه الذكور دائمًا وحصرة قلبه عليهم عندما لقوا حتفِهم، ذكرني كثيرًا بهايزينبرج رغم عدم عدالة المقارنة بالطبع. بالمناسبة من أعظم مشاهده هو مشهد في الحلقة الأخيرة قرب النهاية.

أحمد داش في دور فواز، هو الصعيدي المختلف رغم شخصيته الكليشيهية التي تحاول إبراز الرجولة دائمًا ولكن أداء داش بدون منازع أفضل اداء لممثل صاعد، داش استطاع أن يزيد من دور الصعيدي الطفل وعدم قتله للبراءة البارزة بداخله التي كانت دائمًا واضحة من تعبيرات الوجه وطريقة القاءه.

أخيرًا صبا مبارك في دور مهجة، وأسماء إبراهيم في دور أم جابر، صبا مبارك كانت رائعة ولكنها لم تسّطعْ بالشكل المطلوب، على النقيض سماء إبراهيم كانت متميزة جدًا سطعت وتركت بصمة لن تنسى.

على نقيض تلك الشخصيات هناك أبناء الريس حربي الذي كان أداؤهم يتراوح بين الضعف والاعتيادية الشديدة، ومي الغيطي في دور أزهار من أضعف عناصر التمثيل في رأيي.

ميزة أخرى وهي القصة وليس الحوار، القصة مختلفة تحوي العديد من الالتواءات والاختلاف في فكرة الثأر وتجارة الأثار، ولكن الحلو لا يكتمل دائمًا مع انتهاء أول أربع حلقات تقريبًا لحظت انحدار كبير في مستوى الحوار تحول من العمق إلى السطحية ربما هناك بعض الجُمل في المنتصف ولكن عاب الحوار السطحية والاعتياد والتكرار الذي أفسد متعة المسلسل بجانب هذا الإيقاع الغير منضبط اطلاقًا بالإضافة إلى إهمال بعض الأحداث المحوارية والتركيز الشديد في الثلث الأخير من الحلقات على خط أحداث فرعي وهو علاقة طايع بأمينة أبسط ما يقال عليه أنه تجاري لم يخدم القصة، أو تحول شخصية طايع بشيء وزاد ارتباك الأحداث والتحول في شخصية طايع. بالإضافة لإنعدام المنطقية في بعض الأحداث والأسس الضعيفة المُبنى عليها. وهذه نقطة ضعف أخرى للإخوة دياب بعد طلق صناعي الذي لاقى النفور من الناحية النقدية واستحسان الجماهير.

أخر عنصر يجب الإشارة إليه هو الإخراج، إخراج متميز بالطبع والعديد من الكادرات التي نستطيع وصفها بالـ"اللوحة" بجانب التصوير المتميز أيضًا ولكن كان هناك العديد من الحلقات عادية جدًا ومترنحة بشكلٍ كبير جدًا يمكن أن نوصفها بال"مكروِتة" ولكن على المتوقع عمرو سلامة دائمًا ما يضيف بصمته المميزة، وهي اللقطات الطويلة للوجوه وهو المشهد الأخير في الحلقة الأخيرة حيث البرودة والدفئ في الألوان، والاعتماد على الوجه كعنصر أساسي. ومشاهد أحلام طايع التي كانت تُعرض قبل بداية الحلقة من أسلوب عمرو سلامة المعروف، والذي برز - بجانب المشهد السابق ذكره- في أعماله السنيمائية الشيخ جاكسون كملاحظات نهائية، اللإضاءة في بعض المشاهد خصوصًا مشاهد المغارة كانت مزعجة للعين الى حدٍ كبير. الموسيقى التصويرية لـ طارق الناصر أضافت عمق للمشاهد وأغاني التترات بصوت وائل الفشني مميزة إلى أقصى درجة، وأشير أيضًا لأغنية "فوق كتفي حمل" التي كانت على خلفية المشاهد الأخيرة في الحلقة الأخيرة. بالمناسبة الحلقة الأخيرة تميزت على جميع الأصعدة حتى الحوار الذي وصل إلى عمقه من جديد.

نهايةً، طايع مسلسل مميز ليس نقلة في الدراما المصرية ولكن استطاع أن يلقي نظرة مختلفة على بعض القضايا، التي ربما تحولت الى كليشية بمقاربة منتصف المسلسل، ولكن كما أشرت في عنوان المقال تلفزيون سينمائي ظلمه السيناريو.

وصلات



تعليقات