لما بنتولد بتتولد معانا حاجات مكتوبة علينا مثل خانة اسمك في شهادة الميلاد، وحلمك المقفول عليه بألف باب..
هكذا لخصت أغنية لما بنتولد معنى الفيلم وفلسفة الحياة في جملة واحدة وهي أننا عندما نولد ليس من حقنا اختيار أي شيء في حياتنا بداية من اسمك في شهادة الميلاد أو أسرتك أو وطنك أو ديانتك وإنما الميلاد الحقيقي لأي إنسان هو عندما يكتشف نفسه أو يستطيع الوصول إلى حلمه مهما كان بعيدا بشكل يحقق التوازن بين رغباته ورغبات من حوله.
يتلخص الفيلم في تناول حياة مجموعة من الشباب يعيشون في صراع دائم ما بين اختياراتهم وبين ما يستطيعوا تحقيقه ولكل شاب أو بنت منهم أحلام وطموحات بعضها بسيطة وأخري مستحيلة وعلى الجانب الأخر يعيش كل منهم حياة مفروضة عليه ويضطر كل منهم ألى المضي في أسلوب حياة لا يرغبون فيها.
يقدم الفيلم كل هذه المعاني برؤية سينيمائية مختلفة وهي توصيل الرسالة عبر مجموعة من الأغاني وليس عن طريق السيناريو والذي شهد بعض نقاط الضعف بل أن مجموعة الأغاني التي شهدها الفيلم كل منها تعطي درسا أو معني معين وعلي سبيل المثال أحد الأغاني كانت تشبه الحياة بموج البحر الذي يقوم بسحبك ويدفعك إلى مناطق لا ترغب في الذهاب اليها.
تدور احداث الفيلم حول 3 نماذج من الشباب الأول يحاول شق طريقه في عالم الفن على الرغم من معارضة والده لهذا الاتجاه، وإصراره على محاصرته في عالم المال والبزنس رغما عن إرادته والثاني شاب فقير يعمل في مجال التدريب الرياضي ابسط حلمه هو ايجاد سكن مستقل مع زوجته والتي تقبل الإقامة مع عائلته وجده المريض بالزهايمر والذي يعجز على الحصول علي هذا السكن حتى في اضيق الحدود، مما يضطره إلى سلك أسوء طريق وهو الدخول في علاقات جنسية مقابل مبلغ من المال، و هنا يلعب المخرج تامر عزت على مناطق جديدة أكثر جراءة على السينما لآن هذا الموضوع لم يتم طرحه من قبل سوا مرة واحدة بصورة كوميدية من خلال شخصية شريف رمزي في فيلم هاتولي راجل ربما لآن هذا الأمر يعتبر دخيل علي مجتمعنا العربية وأما الثالثة فهي فتاة ميسحية تقع في حب شاب مسلم وهو أمر تم تناوله من قبل عدة مرات ولكن القضية لا تزال حساسة لا تستطيع ايجاد حل مباشر لها ومن ثم فضل المخرج ترك النهاية مفتوحة في هذا الشأن. جاءت فكرة فيلم لما بنتولد في عام 200 من خلال فيلم مكان اسمه الوطن وهو فيلم وثائقي وكان أول عمل يجمع الكاتبة الراحلة نادين شمس بالمخرج تامر عزت والذي دارت أحداثه من خلال 6 شباب وانتماءاتهم المختلفة ولكنهم وجدوا بأن الأفلام الوثائقية لا تحظي باهتمام كبير, ومن ثم قرروا تكرار التجربة من خلال مجموعة من الشباب في هذه المرحلة العمرية والذي يعتبر مجازفة من قبل المخرج لآن الافلام الموسيقية تعتبر نوع من السباحة عكس التيار وسط سيل من أفلام الأكشن والخيال والكوميديا المسيطرة علي سوق السينما ولكن يحسب للمخرج أن مجموعة أغاني الراب والمحببة لكثير من الشباب بالرغم من كثرتها في الفيلم إلا أنها جاءت سريعة ولم تستغرق مساحة كبيرة من العمل حتي لا يشعر المشاهد بالملل، وتعتبر هذه النوعية من الأغاني مختلفة تماما عن الأفلام الغنائية مثل فيلم La la land الحائز علي 6 جوائز أوسكار وأيضا فيلم Nine الذي تم إنتاجه عام 2009 والذي يتضمن مجموعة كبيرة من أغاني الريستاتيف والتي تعتمد على الإلقاء الذي يقترب من أسلوب الحديث العادي مثل أفلام الستينات والسبعينات..علي الرغم من القيمة الفنية للفيلم ورسالته الواضحة والمغامرة الذي قرر صناع العمل خوضها باطلاق هذه النوعية من الأفلام إلا أن العمل شهد بعض الثغرات ليس لكونه يصنف من السينما المستقلة أو لآن أبطاله ليسوا من نجوم الصف الأول بل لأنه شهد بعض التطويل ونقاط ضعف في بعض المشاهد المحورية في الفيلم خاصا مشاهد الفتاة المسيحية والتي تعتبر الأكثر معاناة بين حلمها وعواطفها بين دينها وأسرتها ووطنها فاحتاجت هذه المشاهد لانفعالات داخلية وتعبيرات وجهية أفلتت بعض الشيء من الفنانة سلمي حسن وكذلك الصراع النفسي الذي يعيشه الفنان عمرو عابد والذي جاء اداؤه علي وتيرة واحدة ربما كان أفضلهم أداءا هو المطرب أمير عيد بالنسبة ﻷول تجربة سينيمائية له بل علي الجانب الأخر جاءت النهاية المفتوحة والمصحوبة بالأغنية التي لخصت معني الفيلم بمثابة دعوة مفتوحة للتسامح وتقبل الاخر.