مع الظروف الاستثنائية التي يمر بها العالم والتي تأثر بها جميع قطاعات الأعمال وعلي رأسهم السينما ودور العرض ونظرًا للاجراءات الاحترازية واشتراطات ألا يزيد قاعات العرض علي 25 % بدأت الأمور تسير في اتجاه أخر فبعض المنتجين اتجهوا لعرض أعمالهم علي المنصات الالكترونية وأصبحت الأولوية في دور العرض السينمائي للأفلام منخفضة التكاليف ولكن هناك بعض التساؤلات، هل حققت هذه الأعمال إيرادات؟ والأخر هل هذه الأعمال ذات قيمة فنية؟.
زنزانة 7
والاجابة أن بعض الأعمال استطاعت تحقيق إيرادات جيدة ولا بأس بها على الاطلاق في ظل هذه الظروف ولكن لم تستطيع تحقيق المعادلة الصعبة على المستوى الفني وعلى رأس هذه الأعمال فيلم "زنزانة 7" والتي اقتربت إيراداته من 7 مليون جنيه في وقت قصير وذلك لأن به جميع العناصر الجاذبة لجمهور السينما وتحديدًا للشباب وعشاق الحركة والأكشن وعلى الرغم من أن أبطاله ليسوا من نجوم الصف الأول فالفيلم تميز بسرعة الإيقاع ومشاهد الأكشن المصنوعة بشكل جيد ولكن عندما تتعمق في مشاهدته لا تجد أمامك أي فكرة أو مضمون بل ترى سلسلة من المشاهد الغير مرتبطة ببعض والأحداث التي تسير في اتجاهات مهلهلة وتتحول في النهاية إلى لعبة عسكر وحرامية ومافيات لا تعرف من أين جاءت وخيانات من أقرب الأقربين على طريقة أفلام الثمانينات بالاضافة إلى الحوار المتدني والضجيج والنبرة المرتفعة فضلًا عن التمثيل الباهت من جميع أبطاله وعلى رأسهم النجم أحمد زاهر والذي لم يستطيع الخروج من عباءة شخصية فتحي التي لاقت اعجاب الجماهير في مسلسل "البرنس" في شهر رمضان الماضي، والذي حاول إعادة استغلالها مرة أخري وكذلك الفنانة مايا نصري التي لم تثبت أي حضور في أي مشهد.
توأم روحيثاني هذه الأعمال فيلم "توأم روحي" والذي حقق إيرادات بلغت 12 مليون جنيه والذي يبدو جاذبًا بعد مشاهدة التريلر الخاص به لأن المخرج عثمان أبو لبن اشتهر في أعماله السابقة بحسن اختيار أماكن التصوير والذي يميل بأن تكون في الأماكن الطبيعية ذات الناحية الجمالية سوا كانت في مصر أو خارجها مثل فيلم "المركب" و"قصة حب" و"بترا" وكان هذا هو أفضل ما في الفيلم، كما يحسب للعمل انه لأول مرة تطرق إلى فكرة العلاج النفسي عن طريق التنويم المغناطيسي، وهو أسلوب علاج يستخدمه الطبيب النفسي بالوصول بالمريض إلى درجة معينة من التركيز للتخلص من جميع الطاقات السلبية والمشاعر المكبوتة داخل الانسان مما يساهم في إخراج الأشياء المكبوتة في عقله الباطن وهو ما اجادته الفنانة الراحلة رجاء الجداوي في أخر أعمالها على أكمل وجه وعلى الرغم من تماسك الأحداث في القصص الخمسة الا أن السيناريو عانى من بعض نقاط الضعف والإيفيهات الكوميدية التي كانت تقحم على العمل في غير وقتها بالاضافة إلى أداء الفنان حسن الرداد والذي كان يشبه أداءه في أفلامه الكوميدية السابقة مع إيمي سمير غانم، مما أصاب الفيلم ببعض الشطحات على عكس أداء الفنانة أمينة خليل التي تحاول دائمًا تغيير جلدها وتضع بصمة مع كل عمل جديد.
الغسالةوبالنسبة لفيلم "الغسالة" وهو الوحيد الذي أنقذ موسم السينما في عيد الأضحي الماضي والذي غامر به صناعه بالتواجد في هذه المرحلة الحرجة والتي اقتربت إيراداته حاليًا من 15 مليون جنيه فلم يستطيع تحقيق المعادلة الصعبة ففكرة الفيلم جديدة، وهي ماذا لو عاد بك الزمن إلى الوراء فهل ستكرر نفس الأخطاء؟ وتكون قراراتك كما هي؟ أم ستسلك طريقًا أخر؟ والغسالة في الفيلم كانت وسيلة للتطهر من الأخطاء ولكن الفكرة لم تستغل بشكل جيد، فالمخرج عصام عبد الحميد أهتم بالجانب التجاري علي حساب العمق الفكري فالحوار جاء ضعيفًا مليئًا بالإيفيهات الكوميدية والتي كانت تُوضع في غير محلها فضلًا عن سرعة الحركة والانتقال من مشهد لأخر بشكل أشبه بالفيلم الكرتوني بالاضافة إلى تشتت بعض الأحداث والنهاية التي جاءت سريعة والتي تتلخص بانك لا تستطيع تغيير القدر ولكن من الممكن أن تستفيد من أخطاءك وتجاربك السابقة وبالنسبة لأداء النجوم فأجاد الفنان محمود حميدة دوره على الرغم من أن طبيعة الدور جديدة عليه الا انه أثبت انه نجم من العيار الثقيل وكذلك الفنان أحمد حاتم.
صاحب المقاموربما يكون أفضل أفلام الموسم هو فيلم "صاحب المقام" والذي لم يحالفه الحظ بالعرض في دور السينما نظرًا لضخامة انتاجه بينما لقى صدى كبيرًا علي المنصات الإلكترونية نظرًا لانه أول فيلم صوفي ويعتبر أحد أهم روايات الكاتب إبراهيم عيسى بعد نجاحه في روايات "مولانا" و "الضيف" فمن الناحية الفنية فلا خلاف عليه لأن العمل لمس مشاعر الكثير من الناس لأن لجوء المصريين إلى أولياء الله الصالحين يعتبر سمة أساسية معروفة من قديم الأزل أدارها المخرج محمد العدل بشكل جيد مع حسن اختيار أماكن التصوير للأضرحة وبيوت الله الصالحين والديكور الجيد والموسيقى التصويرية الروحانية التي تذهب بخيالك إلى مناطق بعيدة مع الأداء المتميز لجميع الفنانين سواء أسر ياسين في كل مرحلة من المراحل أو يسرا والتي تلعب في منطقة وسط جديدة عليها ما بين الخيال والحقيقة وأمينة خليل على الرغم من صغر حجم الدور وأما مفأجاة الفيلم كانت الفنان بيومي فؤاد بتأديته لشخصية التوأم والتي تمثل حالة الجدل والانقسام التي تصيب الانسان وصراعه بين الخير والشر والحلال والحرام ورمز إليها المخرج باللدغة لأحد الأشقاء ولكن للأسف عانى الفيلم من نقطة ضعف جوهرية وهي السطحية في اسلوب المعالجة وعدم التعمق في المشاعر لبطل العمل أسر ياسين ولحظات انفعالاته وتدرجه في التحول من النقيض إلى الأخر والتي جاءت بشكل سريع ومباشر من شخص تجرد من جميع المشاعر الانسانية وأخذته الحياة من كل شيء حتى في علاقته بابنه وزوجته حتى وصل به الأمر إلى هدم ضريح من الأضرحة حتى أصبح شخص جديد يحاول الرجوع إلى الله في جميع تصرفاته إلى أن أصبح همزة الوصل بين الأولياء والفقراء ومن هنا نلمس الفرق في اسلوب المعالجة مقارنة بشخصية أحمد الفيشاوي في فيلم "الشيخ جاكسون" والتناقض الذي يعيشه كل انسان بين حبه للحياة المتمثل في عشقه لمايكل جاكسون وهو في سن صغير حتى تحوله إلى داعية سلفي متشدد في أمور الدين وقسوته على نفسه وعلى زوجته وابنته ومن هنا نرى نقطة التحول التي أدارها المخرج عمرو سلامة بتعمق فكري شديد ما بين كوابيس يراها الفيشاوي في أحلامه تارة وهواجس أخرى يشاهدها وهو مستيقظ.