مع كل عمل جديد يثبت المخرج محمد أمين أنه البطل الحقيقي لأي عمل خاصة أذا كان العمل يحمل مضمون، حيث أنه يجعل القضية التي يناقشها تجعل من كل أبطاله نجوم صف أول، وفي فيلم المحكمة والذي يمثل عودة للأفلام الاجتماعية التي تناقش قضايا هامة والتي يعتمد فيها على يوم كامل في مكان واحد والبطولة الجماعية، وهي التيمة المُتعارف عليها لأفلام السيناريست أحمد عبدالله مثل فيلم كباريه والفرح وساعة ونص وفي هذا العمل الأمر لا يتوقف على مناقشة قضية واحدة بل عدة قضايا هامة منها ما يستند إلى قصص واقعية كل قصة تصلح لأن تناقش في فيلم مستقل فجميع الجوانب المطروحة تخاطب المجتمع وبحاجة إلى إعادة النظر في الكثير من الأشياء من كل النواحي سواء على المستوي الاجتماعي أو الانساني أو القانوني ومع كل قضية تطرح تجد نفسك تارة داخل قفص الاتهام وأخرى في قاعة المحكمة لتجد سؤالًا هامًا يفرض نفسه من الجاني ومن المتهم؟، اعتمد فيها المخرج بشكل أكبر عن دفاع المتهمين عن أنفسهم بينما جاء أداء المحامين هامشيًا وأحيانًا في غير موجود.
يتضمن الفيلم 8 قضايا نجح المخرج في توليفهم وتوظيفهم جيدًا وبشكل متناسق على الرغم من أن مدة الفيلم ليست طويلة ويتناول العمل عدة قضايا بما فيها المستهلكة والتي قتلت بحثًا مثل الأخذ بالثأر تحت ضغط الأسرة تنفيذًا لعادات قديمة وكذلك قضايا اثبات النسب بالمنظور الجديد وهو تحليلل DNA بالأضافة إلى القضايا التي يستغلها بعض المحامين الراغبين في الشهرة والمتهمة فيها نجلاء بدر والمتهمة باثارة الفحشاء من خلال كليبها الخادش للحياء وملابسها الفاضحة والتي قامت بدفاع أبدعت فيه من خلال حجة مقنعة بالا نتوقف عند الأمور التافهة وأن ما يُهدد سلامة المجتمع أكثر من ذلك كثيرًا ومن القضايا التي تمت مناقشتها بجدية وهي القتل الرحيم والتي تعتبر من أصعب قضايا الفيلم والتي مست قلوب الجميع والتي تمثلها غادة عادل المتهمة بقتل والدتها تنفيذًا لرغبة والدتها المصابة بمرض السرطان في مراحله الأخيرة لتتخلص من الألام الشديدة عبر فيها جميع الأطراف عن مشاعر متضاربة ومع شرح دوافعها التي لم تقنع المحكمة وتم تحويلها لفضيلة المُفتي لأن شريعتنا الاسلامية ترفض تمامًا هذا الأمر.
وننتقل إلى أهم قضيتين مطروحتين في العمل كان أولهم التحول الجنسي والتي أدت دورها الفنانة جميلة عوض وهو موضوع لم يأخذ حقه سواء في السينما أو الدراما سواء في عمل واحد وهو صرخة أنثى للفنانة داليا البحيري بينما تناولها المخرج رأفت الميهي في فيلم "السادة الرجال" عام 1987 ولكن بشكل كوميدي ساخر ولا يزال مجتمعنا يرفض هذا الأمر ولا يتقبله بسهولة حتى مع طرح المشكلة لم تاخذ المرافعة حقها في الوقت داخل القاعة نظرًا لقصر مدة الفيلم الذي لم يتجاوز ساعة ونصف دون اللجوء إلى تقارير طبية أو شهود بل اكتفى المخرج بدفاع جميلة عوض عن نفسها مُبررة بأنها تُعاني من مرض يُسمى اضطراب الهوية الجنسية والذي يرجع إلى خلل هرموني ويظهر هذا المرض عندما يتحول جسم الطفل أو الطفلة إلى جنس معين ظاهريًا وجسديا بينما ينتمي صاحبه إلى جنس أخر نفسيًا والتي تعتبر مشكلة بالغة في التعقيد خاصة في المجتمعات المحافظة ويصاحبها دائمًا ضغوط نفسية شديدة ومدمرة لاصحابها لعدم توافق المراهق مع جسده. والقضية الثانية والتي تُعد إحدى القضايا التي هزت الرأي العام والمستوحاة عن قصة حقيقية واستحوذت على جزءًا كبيرًا في الفيلم والذي يأمل صناع العمل بتعديل قوانينها مثلما حدث في الأفلام القديمة مثل أريد حلًا وجعلوني مجرمًا وكلمة شرف وهو إعادة النظر في قانون الاصلاحية ومعاملة الشخص على أن قاصرًا حتى لو كان يصغر السن القانوني وهو 18 عامًا بعد أشهر وعلى الرغم من بشاعة الجرائم الذي يرتكبها ويستغلها الكثير من المراهقين مثل الفنان أحمد داش في الفيلم والمتهم بـ 3جرائم وهو الخطف والقتل والاغتصاب لفتاة مراهقة مستندًا على هذا القانون والذي يعفيه من أي عقوبات رادعة بسبب صغر سنه أدى فيها الفنان أحمد داش دوره بتميز شديد يجعلك تكرهه وتنفر منه حتى مع إعلان الفيلم.