ما ان ينتهى فيلم الحريف حتى تجد نفسك مشدوداً وبقوة لكى تسير فى الشارع ، ناظراً على المنازل والمحلات والبشر ، فربما يكون احدهم هو بطل فيلم اخر ستشاهده قريباً ، او ربما تكون انت نفسك هذا البطل ولا تدرى . ذلك الاثر السحرى هواحد مميزات سينما ( محمد خان ) ، فمن منا لم يداهمة الاحساس بالراحة والصفاء والحنين الى وجبة طعام دسمة بعد مشاهدته لرائعة محمد خان خرج ولم يعد ، او احساس الصداقة العميق واهميتها حتى عن المال فى تحفته الجميلة احلام هند وكاميليا . كل ذلك يؤدى الى وجود سينما من نوع خاص لمخرج متميز صاحب رؤية مميزة للغاية فى تقديم الشخصيات والاماكن ، البطل فى سينما محمد خان هو الانسان العادى ذوالاحلام البسيطة وليس صاحب القدرات الخارقة ، ابطال الفيلم هم انا وانت وهذا وذاك ، اشخاص عادية جداً احلامهم واحدة وهى أن يعيشوا حياة أفضل ، حتى لو كان ذلك بطريق ربما يكون غير مشروع كما سنرى الحريف فى نهاية مشواره . الحريف يأخذنا الى اقصى درجات الغوص فى الشوارع المصرية خاصة شوارع القاهرة حيث المكان هو البطل ، فنحن امام مجموعة من الشخصيات التى تدخل فى صراع حاد ضد الواقع المؤلم التى تحيا بداخله محاولة الوصول الى بر أمان يختلف من شخصية لأخرى داخل العمل ، فعبدالله ( نجاح الموجى ) يرى خلاصه فى المال ليستطيع مواجهة الحياة هو وزوجته الجاهلة التى لا تكف عن الانجاب وطلب النقود مما يؤدى به فى نهاية الامر الى الانتحار هرباً من ثقل هذاالواقع المؤلم الذى وجد فى نهايته السجن نتيجة لقتله احدى الجارات فى العمارة من اجل سرقة اموالها . شخصية اخرى هى ( ولاء فريد ) الباحثة عن الامان فى احضان الرجال من اجل تأمين قوت يومها ولتشعر بأنها تحيا مع مجموعة وليست بشكل فردى لانها وحيدة بلا اى سند فجاء بحثها عن ما يشعرها بالامان ويهرب بها من هذا الواقع الذى تعرف انه يصنفها كعاهرة ربما رغماً عن ارادتها . بين هاتان الشخصيتان مكانياً فوق سطح احدى العمارات نجد فارس ( عادل إمام ) فى واحد من افضل ادواره على الاطلاق حيث الاندماج التام فى تفاصيل الشخصية والتمثيل الصحيح بعيداً عن الايفيهات والصورة التقليدية لنجم الكوميديا الكبير ، فارس لاعب الكرة الحريف الذى ترك نادى الترسانة لخلافه مع المدرب ففقد حلمه فى ان يكون نجماً كبيراً فى عالم الساحرة المستديرة وتحول الى شخص عادى جداً يعمل فى احدى ورش الاحذية نهاراً ويمارس هوايته – الحلم - لعب الكرة ليلاً ولكنه هنا يتاجر بهذاالحلم من اجل الحصول على مبلغ تافه من المال يساعده فى مواجهة واقع سخيف متمثل فى زوجتة السابقة ( فردوس عبد الحميد ) وابنه الصغير ونفقتهم الشهرية من ناحية ووالده صانع الاقفاص والذى لابد من مساعدته من ناحية اخرى وبين احلامه المبتورة والتى لن تتحقق ابدا فى ظل هذا الوضع لمجتمع مقبل فى هذا الوقت – 1983 م – على قيادة جديدة لا يعرف احد وقتها ما نحن مقدمين عليه ، فيقع فريسة بين ما يملكه من قدرات وما يحصل عليه من نتائج لهذة القدرات ويظل يدور فى حلقة مفرغة من مقاومة هذا الواقع المرير والذى يزداد قسوة نتيجة متاجرة رزق ( عبد الله فرغلى ) سمسار المباريات لموهبته الكبيرة ومحاولة الحب الوحيدة التى يمكن ان يحياها يكتشف ان من تحبه وتقيم معه علاقة ما هى الا عاهرة مستترة تبحث عن رجال لا عن حب ، هنا لايجد فارس الا التدريب المستمر من خلال الجرى عبر شوارع وكبارى القاهرة فى لقطات ابدع محمد خان فى تقديمها على خلفية موسيقية لانفاس فارس وهو يجرى وكأنه يحاول الهروب من هذا الواقع او هذة المتاهة ولكنه لايستطيع حتى بعد تعرفه على صديقه القديم ( فاروق يوسف ) وبداية عمله معه نرى نفس المتاهة ومحاولة الخروج منها فى مشهد تم تقسيمه ببراعة مونتاج ( ) لفارس وهو يقود السيارة فى منطقته ولكنه لا يعرف الخروج وتزداد انفاسه اضطراباً وكأن هذا الواقع لايريد ان يفارقه وهو توازى سردى متميز من كاتبى السيناريو ( بشير الديك ومحمد خان ) يلعب على معنى اعمق لضألةالبشر امام اقدارهم وهو ما يتضح فى واحدة من اجمل لقطات الفيلم حيث يقف فارس على سطح العمارة فى لقطة منخفضة وورائه اعلان كبير يضيئ ويطفئ تاركاً اثر ظلاله على البطل كأنه قزم صغير امام هذة المدينة العملاقة التى تأكل البشر ولا تتركهم بسهولة قبل ان يسددوا ما عليهم من ودين تجاهها وهو ما يحدث بالفعل حيث يقرر الحريف لعب مباراته النهائية – ماتش اعتزاله – ليسدد ما عليه من دين تجاه ذلك الواقع الذى سيتركه بكل ما فيه ويتجه الى مدينة اخرى مع اسرته التى اعاد لم شملها مرة اخرى ، وهنا نعود الى انفاس الحريف مرة اخرى ولكنها هنا انفاس الامتار الاخيرة قبل تحقيق الحلم واحراز هدف الحياة وهو ما صنعه السيناريو بحرفية شديدة الثراء عندما ينهى الفيلم على فارس حاملاً ابنه داخل شباك المرمى وكأنه احرز هدف الفوز على الواقع المرير الذى عاش فيه حياته كلها .
عنوان النقد | اسم المستخدم | هل النقد مفيد؟ | تاريخ النشر |
---|---|---|---|
الحريف .عندما تحكى الشوارع | مجهول | 13/13 | 19 مايو 2011 |
الحريف، بلا مقابل تسحقنا الحياة. | محمد سيد رشوان | 2/3 | 5 مايو 2015 |
الحريف .. بين الألم والأمل فى الحارة المصرية | Ahmed Hesham | 1/1 | 2 نوفمبر 2014 |
فارس الحريف | Ronaldo Abdelrahman | 1/1 | 13 مارس 2016 |
خان يصنع الألم بدون مهندس ديكور | Amr Chahine | 4/4 | 1 يونيو 2014 |
فيلم أكثر من رائع .. لم يأخذ حقه من التقدير | Ahmad Farouk | 5/5 | 12 سبتمبر 2011 |
وجبه خفيفه | دوت كوم | 0/0 | 28 اغسطس 2016 |