يُعد فيلم "كلمة شرف" للمخرج حسام الدين مصطفى واحدًا من أنجح الأفلام في تاريخ السينما المصرية على المستوى الجماهيري، إذ تناول واحدة من أكثر القضايا الاجتماعية الشائكة في المجتمع: قضية البريء المتهم ظلمًا. تدور أحداث الفيلم حول "سالم" (فريد شوقي)، الذي يُسجن ظلمًا بجريمة لم يرتكبها. تبدأ القصة عندما يقع "كامل" (نور الشريف)، شقيق زوجة سالم، في علاقة مع فتاة تُحمل منه، فيحاول سالم التستر على الأمر وحماية سمعة الفتاة، فيصطحبها إلى أحد الأطباء لإجراء عملية إجهاض. إلا أن القدر يتدخل، وتتوفى الفتاة خلال العملية. يتم القبض على سالم، ويُدان، بينما يلتزم كامل الصمت، ويرفض الاعتراف بجريمته. داخل السجن، تتدهور الحالة الصحية لزوجة سالم، فيطلب من مأمور السجن الخروج لساعات محدودة لزيارتها، واعدًا بالعودة، آخذاً على نفسه "كلمة شرف". يوافق المأمور، في مشهد يحمل دلالة على الثقة والإيمان ببراءة المتهم، لكن الأحداث تأخذ منعطفًا مفاجئًا عند وصول لجنة تفتيش مفاجئة إلى السجن. الفيلم واقعي في شخصياته، قوي في حبكته، وأقرب إلى روح الكلاسيكيات المصرية، حيث الثقة في السجين، والتعاطف مع المظلوم، والإيمان بأن الكلمة قد تكون أعظم من القيود. اعتمد الفيلم على عنصرين أساسيين هما: التشويق والإثارة، خصوصًا أن معظم الأحداث تدور في مساحة مغلقة (السجن)، دون أن يشعر المشاهد بالملل أو التكرار، وهو ما يُحسب للمخرج حسام الدين مصطفى، الذي أثبت أنه ليس مخرج أفلام حركة فقط، بل قادر على التعامل مع المشاعر والدراما الإنسانية بمهارة واقعية. تجلت براعة فريد شوقي في أداء شخصية السجين المظلوم الذي أتيحت له الفرصة للهرب من ظلم الواقع، لكنه رفض، متمسكًا بكلمة الشرف التي أعطاها، ومؤمنًا ببراءته. كما جاء الأداء مفعمًا بالمشاعر، خاصة في المشاهد التي جمعته بزوجته، والتي كانت تمثل المحور الإنساني للفيلم، في محاولة منه لإثبات براءته أمامها قبل وفاتها. وعلى الرغم من أن دور هند رستم لم يكن كبيرًا من حيث المساحة، إلا أنه كان مؤثرًا ومحوريًا؛ فهي الزوجة التي حُطمت نفسيًا بسبب ظنها خيانة زوجها، وبُنيت عليها القصة برمتها. كذلك يذكر أن فريد شوقي شارك في كتابة السيناريو والحوار، مما يُفسر مدى قرب الشخصية منه، وصدق تجسيده لها. "كلمة شرف" ليس فقط فيلمًا عن الظلم أو الخيانة، بل هو عمل إنساني عميق يناقش الكرامة، الشرف، الصمت، والتضحية. فيلم يُعيد للدراما المصرية هيبتها، ويحمل رسائل قوية نفتقدها في كثير من الأعمال الحديثة. فهو عمل يستحق المشاهدة والتقدير، لا لقصته فحسب، بل لما يحمله من معانٍ وقيم قد لا نجدها كثيرًا اليوم.
| عنوان النقد | اسم المستخدم | هل النقد مفيد؟ | تاريخ النشر |
|---|---|---|---|
| كلمة شرف: عندما تُصبح البراءة رهينة الصمت والكرامة |
|
3/4 | 2 فبراير 2012 |