• دعاء أبو الضياء
• 12:00 صباحًا - 12 فبراير 2012
• نقد آخر لنفس المستخدم

يُعد فيلم "سوق النساء" للمخرج يوسف فرنسيس واحدًا من أبرز الأفلام العربية والمصرية التي تناولت قضية اجتماعية هامة لفترة طويلة لم يجرؤ الكثير من صناع السينما على الاقتراب منها، بسبب رقابة صارمة واعتبارات اجتماعية وثقافية. تدور قصة الفيلم حول الصحفية نادية (شريهان)، التي تصطدم بصدمة قوية عندما تكتشف أن الفتاة التي انتحرت أثناء تغطيتها لقضية ما هي شقيقتها الصغرى، والتي وقعت في قبضة عصابة تدير شبكة للدعارة بقيادة شريف (حسين فهمي). تقرر نادية الانتقام وكشف الحقيقة، بينما يتولى الضابط أحمد (محمود حميدة) التحقيق في القضية، ويظهر من خلال أدائه الخائف على أخته الصغيرة، المتأثر بالقضايا التي يحقق فيها، ملمحًا قويًا يعكس واقعية الفيلم ومصداقيته. ورغم أن القضية التي يناقشها الفيلم – استغلال الفتيات الصغيرات في الدعارة وتصويرهن في أوضاع مخجلة – كانت تقتضي وجود مشاهد ساخنة تكشف حجم المأساة، إلا أن الفيلم اختار تقديم القضية بشكل محترم بعيدًا عن البذاءة، مع ملابس محتشمة وأداء متميز من الفنانة شريهان، الأمر الذي عزز من قوة التأثير دون أن يثير حواجز الرقابة أو ينتقص من جدية الموضوع. ورغم ذلك، لم يخلو الفيلم من بعض مشاهد الحشو التي أبطأت من وتيرته وأدت إلى شعور الملل، خصوصًا في المشاهد التي تضمنت استعراضات قدمتها شريهان دون أن تضيف شيئًا لقصة الفيلم أو تدعم الحبكة الدرامية. لكن، على الجانب الآخر، نجح الفيلم في خلق أجواء من التشويق والإثارة التي دعمتها الموسيقى التصويرية، مما جعل المشاهدين يشعرون بالترقب والخطر طوال أحداث الفيلم. ولا يمكن إغفال أداء الفنان حسين فهمي الذي كسر الصورة النمطية التي اعتاد عليها الجمهور عنه، حيث لم يظهر كشخص محبوب أو مبتهج كما في أدواره السابقة، بل جسد شخصية شريف القواد المحترف ببراعة عالية، معبرًا عن انحلال أخلاقي واضح. تحولت شخصيته تدريجيًا من رجل قاسٍ يستغل الفتيات إلى شخص يبحث عن السلام والهدوء، خاصة بعد وقوعه في حب نادية، ما أضاف عمقًا إنسانيًا لشخصيته وجعل دوره أكثر تصديقًا وحرفية. في النهاية، نجح فيلم "سوق النساء" في تقديم رسالة بسيطة لكنها هامة، تبلورت في جرأة طرح موضوع حساس في المجتمع المصري والعربي، مع احترام قواعد الفن والذوق العام، مما جعله عملًا فنيًا يستحق التوقف عنده والتأمل في مضامينه.

• 1 مفيد
• 0 غير مفيد