أراء حرة: فيلم - رصيف نمرة ٥ - 1956


فريد شوقي بين الواقعية الشعبية والحس الدرامي

امتاز الفنان فريد شوقي في العديد من أعماله السينمائية بتقديم حس مصري أصيل، وأسلوب مميز في طرح الأفكار التي تعكس هموم وطبيعة المجتمع المصري. وقد برع في صياغة سيناريوهات محكمة من الناحية الدرامية والفنية، استطاع من خلالها إقناع الجمهور والنقاد على حد سواء بأن ما يُعرض على الشاشة قد يكون مستمدًا من قصص واقعية. ويبرز هذا التميز بشكل واضح في فيلم "رصيف نمرة 5"، للمخرج المبدع نيازي مصطفى، الذي نجح هو الآخر في تصوير مشاهد حقيقية من مواقع فعلية، ولا سيما تلك التي دارت في الميناء أثناء مشاهد المطاردات،...اقرأ المزيد مما أضفى على العمل روحًا واقعية نابضة بالحياة. كما تميز نيازي مصطفى في تقديم المشاهد بشكل متتابع وسلس، دون إطالة أو إدراج حوارات زائدة لا تخدم سير الأحداث، بما يتماشى مع الطابع البوليسي والحركي الذي أراده فريد شوقي في قصته. ومن أبرز الأمثلة على ذلك، مشهد المطاردة بين فريد شوقي و"المعلم بيومي" (الذي جسده الفنان زكي رستم) داخل سيارة نقل؛ حيث استخدم نيازي مصطفى دوبلير (بديلًا تمثيليًا) بطريقة ذكية ومحكمة، دون أن يُلاحظ المشاهد وجود بديل للنجمين، وهو ما يؤكد حرفية الإخراج وجودة التنفيذ. وبعيدًا عن الجانب البوليسي، يبرز في الفيلم الجانب الشعبي الذي لطالما تميزت به أفلام فريد شوقي؛ حيث الحارة المصرية، وشوارعها الضيقة، وروح التعاون بين الناس، في محاولة لتقديم بيئة محلية صادقة تُجسد المجتمع المصري بكل ما فيه من دفء وبساطة.