حتماً، عندما يجتمع عادل أدهم، وسناء جميل، وصلاح السعدني، وحسين فهمي، وسهير المرشدي، فإننا أمام عمل فني يحمل قدرًا عاليًا من الجدية والاحترام. وهذا ما استطاع المخرج حسام الدين مصطفى تحقيقه من خلال فيلم "حكمتك يا رب"، الذي سلط فيه الضوء على مشكلة أبناء تجار المخدرات، وذلك من خلال قصة المحامية نعيمة (سهير المرشدي). تعمل والدة نعيمة، أم نعيمة (سناء جميل)، في سوق ومدبح الجمال، وتمتلك من السلطة والقوة ما يجعلها تسيطر على مجريات الأمور داخل المدبح وخارجه، ويعاونها في ذلك المعلم زكي قدرة (عادل أدهم)....اقرأ المزيد تفتخر المحامية بوالدتها أمام الجميع، فهي التي ربتها ودعمتها حتى وصلت إلى النجاح الذي يفاخر به الناس. تتعلق المحامية بقلب ضابط الشرطة أحمد (حسين فهمي)، الذي يسعى لإلقاء القبض على عصابة تهرب المخدرات داخل أحشاء الجمال، ومع توالي الأحداث، تكتشف المحامية أن والدتها هي زعيمة هذه العصابة، ليبدأ هنا الصراع الأبدي بين الولاء والواجب، وبين العاطفة والمبدأ. فكرة تناول مقولة "هذا ما جناه أبي" دراميًا تُعد فكرة جيدة، وتستحق أن تُعرض بالأدوات الفنية المناسبة. وعندما وضع السيناريست محمد عثمان المحامية نعيمة أمام اختيارين قاسيين الأول: الولاء لوالدتها التي ضحت من أجلها لتصبح "الأستاذة" التي يفتخر بها الجميع، والثاني: إنكار ما فعلته والدتها واختيار الحق وحبها للضابط أحمد، فإنه أشار بذلك إلى التضحية وإنكار الذات. وتقرر نعيمة في النهاية إلقاء نفسها في الجُب بدلاً من والدتها، والاعتراف بجريمة لم ترتكبها، ولم يكن ذنبها فيها سوى أنها ابنة أمها. وفي المقابل، يواجه الضابط أحمد صراعًا داخليًا: هل يتمسك بحبه لنعيمة رغم ما اكتشفه عن والدتها؟ أم يختار الواجب ويقف في صف العدالة، حتى لو كان الثمن قلبه؟ دراما اجتماعية شائكة، تألقت فيها سناء جميل بقوة شخصيتها وثقتها، وقدرتها على قيادة الرجال في "غابة" لا ينجو فيها إلا الأشرس. وتقاسمت البطولة مع العملاق عادل أدهم، الذي لم يمر بدور "زكي قدرة" مرور الكرام، بل ترك بصمة قوية وأداءً يُضاف إلى سجل نجاحاته. حتى اليوم، لا يزال الكثيرون يرددون جملته الشهيرة: "ادبح يا زكي قدرة... يدبح زكي قدرة"، في دلالة على طاعته العمياء للأوامر، دون نقاش أو اعتراض. إنه فيلم يستحق المشاهدة أكثر من مرة، لما يحتويه من إشارات اجتماعية وإنسانية عميقة.