أراء حرة: فيلم - سعيد كلاكيت - 2014


خمس نصائح مستفادة من (سعيد كلاكيت)

ربما لا يكون عالم صناعة السينما من المواضيع المطروقة بكثرة في السينما المصرية، لذا فهى فرصة تستحق أن نغتنمها، وإذا أردت – عزيزي القاريء - بضعة نصائح ثمينة وسهلة ترشدك لكي تصنع فيلمًا مثل (سعيد كلاكيت) عن هذا العالم، إذا فأنت في المكان الصحيح، وإليك النصائح: 1- اجعل التفصيلة الرئيسية التي ترتكز عليها الشخصية الرئيسية غير اعتيادية وجذابة بقدر الإمكان، وهى هنا العمل مع الكلاكيت، ولا تلقي بالاً حول ما إذا كانت هذه التفصيلة غير مؤثرة دراميًا على الإطلاق، ويمكن استبدالها بسهولة بأي تفصيلة أخرى، أو أن...اقرأ المزيد تؤدي الشخصية الأخرى وظيفة مغايرة مثل أن يكون مسئولًا عن الراكور أو الصوت دون أن يحدث ذلك أدنى فارق، ولا بأس كذلك أن توضح للسادة المشاهدين بشكل خطابي ما يفعله الكلاكيت ومدى تأثيره في صناعة السينما. 2- عند قيامك بصياغة جمل كوميدية قاصدًا بها إضحاك جمهورك ضمن نصك السينمائي الذي يفترض فيه جدية حكايته، لا تلجأ لأي طرق مبتكرة أو تجهد نفسك في البحث مطولًا، فبما أن كل من سبقونا كانوا يرددون على أسماعنا دومًا "الطرق القديمة هي دائمًا الأفضل"، إذا، يمكنك ببساطة أن تجمع الشيء وعكسه في نفس الجملة على غرار "إنت المسئول عن الصوت، طيب مش شامم أي ريحة؟"، أو أن تجمع المترادفات مع بعضها البعض "هايفة وتافه"، أو أن تضمن جملك العديد من الإيحاءات الجنسية دون وجود مسوغ درامي مثل "Compliment – كومبليزون". 3- بطل فيلمك مصاب بانفصام في الشخصية؟ عظيم، فلتجعله مبررًا جاهزًا لأي شي غريب يفعله البطل، فليس المهم أن يفهم الجمهور الدافع وراء أي شيء يحدث أمامه، ولكن الأهم أن يتم تمرير الفيلم حتى يصل لقاعات العرض، لذلك لا تحاول أن تعرف السبب الكامن وراء جفاء سعيد كلاكيت (عمرو عبد الجليل) الدائم لحنان (علا غانم)، واعتقاده الراسخ عنها طوال الوقت بأنها عاهرة، وسبب رؤيته إياها على هذا النحو، لكن لا تبالي بذلك، فيكفي تمامًا أن ترد الأمر للعلة الأولى وهي مرضه. 4- لا تحاول أن تفاجيء المشاهد بما سيحدث في نهاية الفيلم، فهذا شيء فعله الكثيرون من قبل، حاول بدلا من ذلك أن تدفعه إلى توقع ما ستنتهي إليه الأمور في نهاية الفيلم، ومن هو الفاعل الحقيقي وراء مقتل "ابن المنتجة" بأن تقذف مشهدًا اعتراضيًا في الربع ساعة الأولى ولن تعرف ما هو الغرض منه دراميًا إلا عند الوصول للثلث الأخير من الفيلم بعد أن تكون الرؤية قد اتضحت من تلقاء نفسها، فيصير مشهد تكشف الحقائق في النهاية هو مجرد "تحصيل حاصل" بعد أن يكون المشاهد قد وصل للنتيجة بنفسه، وإذا أردت أن تزيد من جرعة الإثارة في المشهد، يمكنك أن تضفرها مع مشهد مأخوذ بالنص من فيلم أمريكي ناجح مثل V for Vendetta، حيث يمكنك أن تفعل مثله وتدفع العقل المدبر وراء كل هذا أن يرص الكثير من قطع الدومينو ثم يجعلها تسقط تباعًا مثل المشهد الأصلي. 5- قد تكون على علم بهذه النصيحة من قبل، لكن لا مفر من المرور عليها مجددًا، عندما تشرع في رسم شخصياتك، إلجأ على الفور لكل الصور الأولية التي ترد في الذهن مباشرة، ولا تعول كثيرًا على تفاصيل شخصياتك، وعلى هذا الأساس، فليكن الشرطي هو مجرد شخص يصرخ طوال الوقت قبل أن يفكر فيما سيقول، أو أن يكون ابن المنتجة المدلل مجرد شاب "دلوعة" كمثل غيره، أو يكون مدير الإنتاج مجرد شخص متلعثم ونادب لحظه وخائف من ظله.


«سعيد كلاكيت» .. ضحية الوهم .. والتلفيق الدرامي !

بيتر ميمي مخرج شاب تقول سيرته الذاتية إنه طبيب بشرى ولد في التاسع من إبريل عام 1987،وأحب الإخراج فأنجز عدداً من الأفلام القصيرة،وبدأ مسيرته في إخراج الأفلام الروائية الطويلة بفيلم«سبوبة» بطولة أحمد هارون وراندا البحيرى،التي رشحها لبطولة فيلمه الثاني «سعيد كلاكيت» لكن ظروف حالت دون إتمام الاتفاق فما كان منه سوى أن اختار سارة سلامة لتجسد الدور بدلاً منها،ونجح في إقناع عمرو عبد الجليل وعلا غانم بتجسيد الدورين الرئيسيين،وكما فعل في فيلمه الأول كتب قصة «سعيد كلاكيت» وترك للشاب محمد علام مهمة كتابة...اقرأ المزيد السيناريو والحوار،وتجسيد أحد أدوار الفيلم ! تبدأ أحداث الفيلم بمقدمة ثقيلة الظل يُبدي فيها «سعيد كلاكيت» ـ عمرو عبد الجليل ـ استياءه،وكل من حوله في البلاتوه،بسبب ضعف أداء بطل الفيلم،الذي يضطر الجميع إلى مجاملته لأن أمه «سميرة فايد» ـ سلوى عثمان ـ هي المنتجة،ويواصل الفيلم فضح «ميكانيزم» صناعة السينما المصرية؛حيث المخرج الذي يحب البطلة «سلمى» ـ سارة سلامة ـ والمنتجة التي تعشق شاباً في عمر ابنها،ولا تتردد في تقديمه للمخرج،بوصفه وجهاً جديداً ! «كليشيهات» قديمة عفا عليها الزمن،وتبدو مجرد «ثرثرة» أو حشو زائد قبل الوصول إلى أزمة البطل الذي يعامل جارته «حنان» ـ علا غانم ـ بقسوة شديدة فيما يمنح اهتمامه لابنته «أمنية» ـ الطفلة رودي العميري ـ لكن حياته تنقلب رأساً على عقب بعد اختطاف ابنته،وتهديد المختطفين بقتلها في حال لم يستبدل الرصاص «الفشنك» برصاص حي يقتل نجل المنتجة المتصابية،التي تزوجها المنتج المخضرم «حلمي شهاب» ـ أحمد فؤاد سليم ـ بعد أن صنع منها نجمة شهيرة،لكنها خانته،واستولت على أمواله وشركاته،ونسبت إليه ابنها الفاشل،الذي رأيناه في المشهد الأول،وبعد تردد يحسم «سعيد كلاكيت» أمره،وينفذ المهمة،التي تنتهي بمقتل الشاب،وصدمة الأم . في هذه اللحظة يُدرك كاتب السيناريو والحوار أنه وضع نفسه في مأزق درامي ينبغي الخروج منه في أسرع وقت فيلجأ،من دون مبرر،إلى دفع «سعيد كلاكيت» للاعتراف،بسهولة عجيبة،بأنه القاتل،وفي أعقاب القبض عليه تتبرع جارته بالدفاع عنه أمام الضابط «مروان» ـ نضال نجم ـ وتفجر مجموعة من المفاجآت المذهلة ! في هذه الاعترافات،وتداعياته،تكمن إثارة الفيلم،ويصل التشويق إلى أوج عنفوانه،وأتصور أن في هذه المشاهد تتجلى طزاجة القصة التي كتبها المخرج،وشوهها كاتب السيناريو والحوار باستطراداته المملة،وثرثرته الزائدة،وادعاءاته الفارغة؛فالقول إن الفيلم يُحذر من خطورة الوقوع في براثن «غاسلي الأدمغة» ممن يستثمرون الجهلة،وناقصي الأهلية،ويزرعون فيهم الأفكار الخاطئة التي تهدد استقرار الوطن،يمثل محاولة يائسة لقراءة الفيلم من زاوية مختلفة، واجتهاداً فوق الطاقة لإضفاء أهمية على الفيلم،الذي يجد المتلقي صعوبة بالغة في تصنيفه؛فهو اجتماعي و«أكشن» ـ حركة ـ و«سيكو دراما» ـ دراما نفسية ـ و كوميدي نتيجة وجود عمرو عبد الجليل،فباستثناء نجاحه في إيهام المتلقي بأنه عاقل،بدا وكأنه الاختيار الخاطئ؛حيث تأرجح أداؤه بين الهزل والجدية،وعجز عن التفاعل مع التراجيديا فافتعل «افيهات» كوميدية ليفلت بها من ردات الأفعال الهزيلة،في المواقف الدرامية الصعبة كلحظة اختطاف الطفلة، والإذعان الغريب لتعليمات المختطفين . المثير أن «الفانتازيا» وجدت لنفسها مكاناً أيضاً في الفيلم،من خلال مشهد غرائبي عجيب فوجي البطل خلاله باقتحام حجرته بواسطة لص ملثم،وقبل أن يقبض عليه هرب الملثم،وامتطى صهوة حصان في قلب الحارة الشعبية (!) بينما اتسم الفيلم بأسلوب إضاءة واحد ـ مدير التصوير أكرم ممدوح ـ بحيث لا تعرف ليله من نهاره،وجاء الحوار ضعيفاً،والإيقاع رتيباً ومترهلاً ـ مونتاج عمرو عاكف ـ بما يتناقض وهذه النوعية التي تعتمد على الغموض والتشويق والإثارة . باستثناء اجتهاد الممثل الأردني من أصل فلسطيني نضال نجم،الذي جسد شخصية ضابط المباحث «مروان»،وثقة علا غانم،التي تركت إيحاءا بأنها امرأة لعوب، قبل أن تكشف عن حقيقتها،وتتسبب في تحول مجرى الأحداث،تضيف خبرة أحمد فؤاد سليم الكثير للفيلم،حتى يُخيل للمشاهد أنه الوحيد الذي تعامل بجدية مع شخصيته الدرامية،بعكس الوجوه الجديدة التي فضحت شُح الإنتاج،وميله إلى المجاملة،فيما جاءت أغنية مدحت صالح مع نزول «تترات النهاية» لتمثل إهداراً للمال،وهدماً للضرورة الدرامية؛إذ ترددت في أرجاء قاعة خلت من الجمهور!