يصور الفيلم المراحل التي مرت بها الثورة السورية منذ سقوط أول ضحية حتى نهاية حصار حمص، حيث كانت جميع المشاهد الواردة بالفيلم مصورة بواسطة هواتف الثوار والمتظاهرين المحمولة، وصور أخرى صورتها الصحافية...اقرأ المزيد وئام بدرخان أثناء حصارها في حمص وأرسلتها إلى المخرج أسامة محمد المقيم قسرًا في باريس منذ سنوات.
يصور الفيلم المراحل التي مرت بها الثورة السورية منذ سقوط أول ضحية حتى نهاية حصار حمص، حيث كانت جميع المشاهد الواردة بالفيلم مصورة بواسطة هواتف الثوار والمتظاهرين المحمولة، وصور...اقرأ المزيد أخرى صورتها الصحافية وئام بدرخان أثناء حصارها في حمص وأرسلتها إلى المخرج أسامة محمد المقيم قسرًا في باريس منذ سنوات.
المزيدالفيلم إنتاج ألماني، وهو عمل مشترك بين المخرج أسامة محمد والمخرجة وئام سيماف بدرخان، ويصور الجرائم التي اُرتكبت ضد الشعب السوري منذ سقوط أول ضحية مع بداية الثورة السورية، وحتى انتهاء حصار حمص، من خلال مقاطع فيديو تم تصويرها من قبل المتظاهرين باستخدام الهواتف المحمولة، ومشاهد أخرى صورتها المخرجة وئام بدرخان من داخل حمص باستخدام كاميرا مهربة. يتكون الفيلم من مونتاج متتابع لـ"1001" فيديو، حسب ما يروي المخرج أسامة محمد أثناء تعليقه، معظمها صادم وبالغ التأثير لما تحمله من مشاهد قمة في العنف...اقرأ المزيد والبشاعة، من جرائم اُرتكبت ضد المتظاهرين، من قبل الجبش السوري، ويصاحب هذه المشاهد تعليق مسموع لنص نثري شاعري كتبه المخرج أسامة محمد ويرويه بصوته، ويتجزأ الفيلم إلى مشاهد قصيرة بطول مقاطع الفيديو التي يتم عرضها، كلٍ باسم مختلف يتم كتابته على لوحة سوداء يذهب المخرج إليها ويعود من خلال الاختفاء والظهور التدريجي. أما الجزء الذي قامت المخرجة ذات الأصول الكردية وئام سيماف بدرخان بإخراجه، فهو يتكون من مشاهد صورتها بكاميرا قامت بتهريبها إلى داخل حمص، تتابع ما لحق بالمدينة من دمار شامل، ولحق بأهلها من ضحايا القصف من تشريد وأحزان امتلؤا بها لفراق ذويهم من الشهداء، وتتابع أيضًا النشاط الذي تطوعت للقيام به لمساعدة أهالي حمص، وهو عبارة عن مدرسة صغيرة أقامتها في غرفتها تجمع فيها الأطفال يوميًا للتعلم والسمر. ويصاحب كل ذلك موسيقى تم تأليفها خصيصًا للفيلم، مكونة في غالبيتها من الوتريات، وأيضًا مؤثرات صوتية لأصوات تنبيهات الرسائل التي يصدرها الحاسب الآلي عند قراءة أسامة محمد لأحد نصوص الرسائل التي كان يتبادلها مع وئام بدرخان، حيث أنهما عملا على الفيلم بينما كان محمد في منفاه في فرنسا، التي يقيم بها منذ شهر مايو 2011، وكانت بدرخان داخل حصار حمص. مع اندلاع ثورات الربيع العربي، أصبحت مقاطع الفيديو التي يصورها المتظاهرين أو الصحفيين أحيانًا، والتي توضع على شبكة الإنترنت، المصدر الرئيسي، وأحيانًا الوحيد، لمعرفة ما يدور من أحداث في الشوارع بعيدًا عن أي تدخل من المؤسسة الإعلامية التي تقوم بنقل الأخبار أيٍ كانت، ومن هنا، ظهرت أعمالًا فنية عديدة تعتمد على هذه المقاطع، سواء لصعوبة إعادة تمثيل الحدث المصور أو إعادة خلق المشهد بكامل تفاصيله، أو لشدة بلاغة وتأثير مقطع الفيديو كما هو دون أي تغييرات، فأفلام مثل "الميدان" لـجيهان نجيم، أو "الطيب والشرس والسياسي" للثلاثي تامر عزت وأيتن أمين وعمرو سلامة، استخدم صناعها مقاطع الفيديو المذكورة بشكل موفق في آحيان كثيرة. أما عن الثورة السورية، فحتي ظهور فيلم "مياه فضية"، لم يكن هناك عمل سينمائي واحد يوثق لها بالشكل المطلوب، وهو الشكل الذي يعطي المتفرج صورة واضحة ومكثفة عن الوضع هناك، فأيما كان عدد مقاطع الفيديو التي شاهدتها على موقع "يوتيوب" عن الأحداث في سوريا منذ اندلاع الثورة على نظام بشار الأسد، لن تسنح لك الفرصة أن تأخذ جرعة بثقل وتركيز الجرعة التي يقدمها لك الفيلم من خلال استخدامه لمقاطع الفيديو المذكورة، ولكن هذا الاستخدام للمادة المصورة مسبقًا وأن كان مؤثرًا للغاية، مستخرجًا لصيحات الألم والاستنكار والغضب من المشاهدين داخل قاعة السينما، ولكنه أيضًا، لم يخل، في حالة فيلم "مياه فضية" من بعض العيوب، فهناك مقاطع يتم إعادتها مرارًا وتكرارًا أثناء الفيلم بشكل غير مبرر، وأخرى لا تأخذ حقها من وقت العرض رغم أهميتها. والمادة المصورة مسبقًا لها نصيب الأسد من وقت الفيلم، بينما المشاهد التي تم تصويرها خصيصًا، وهي التي تكون الجزء الذي أخرجته وئام بدرخان، تستحوذ على الجزء الأقل والأهم من الفيلم، فرحلة وئام داخل حمص كانت جديرة بالمتابعة بشكل أكثر تفصيلًا، حيث صورت بدرخان العديد من المشاهد مع أطفال حمص، الذين يمثلون في حد ذاتهم تناقضًا بصريًا خلابًا مع خلفية جميع المشاهد، وهي أنقاض المدينة وأنهار الدماء ومياه الصرف. يلفت انتباهها بالذات طفل يُدعى عمر، يعرف جيدًا أماكن القناصة، ويذهب باستمرار إلى قبر والده الشهيد ليقدم له الزهور، كما يضع الجهاديين الإسلاميين المتطرفين نهاية حزينة أخرى لقصة وئام داخل حمص حينما يجبرونها على غلق المدرسة الصغيرة التي أسستها. يمكن الأخذ على المخرج أسامة محمد استخدامه لبعض المقاطع وإعاداتها بشكل يبدو إنه لا يخلو من نبرة استعطافية أو استغلالية لمشاعر المشاهد، ويمكن أيضًا انتقاد أسلوبه المسهب أكثر من اللازم في التعليق، الذي لا يحافظ على شاعريته طوال الوقت، وإنما يبدو ركيكًا بعض الآحيان، بالإضافة إلى شريط الصوت الذي امتلأ بالمؤثرات غير المنتقاة بعناية، والتي تبدو اصطناعية ومزيفة معظم الوقت. ولكن رغم ذلك، يمكن لنا أن نعتبر فيلم "مياه فضية" وثيقة سينمائية بالغة الأهمية، لأنها الأولى من نوعها والوحيدة التي تقدم للعالم أقرب رؤية للواقع في سوريا، وتمثل، على حد قول صناع الفيلم قبل عرضه، صفعة إلى "الصمت الإنساني"، صمت العالم أمام الجرائم التي ترتكب في حق الإنسانية في سوريا منذ أكثر من ثلاث سنوات.