تنتقل عائلة لقضاء عطلة نهاية الأسبوع في منزل ريفي ساحر، فتتحول رحلتهم الهادئة إلى حدث مأساوي حين تظهر أمور غامضة ومخيفة، ويواجه أفراد العائلة ظواهر تُثير الشكوك والرعب.
تنتقل عائلة لقضاء عطلة نهاية الأسبوع في منزل ريفي ساحر، فتتحول رحلتهم الهادئة إلى حدث مأساوي حين تظهر أمور غامضة ومخيفة، ويواجه أفراد العائلة ظواهر تُثير الشكوك والرعب.
المزيدكل شيء يبدأ ببساطة... بل برتابة فيها شيء من الألفة، عائلتان تلتقيان أثناء عطلة، ثم تأتي الدعوة، وبعدها تتوالى اللحظات الغريبة، وتنكشف التصرفات غير المريحة، ثم ينقلب الهدوء إلى شيء آخر... شيء ثقيل. قد تبدو هذه القصة مألوفة، لأننا شاهدناها مرارًا. لكن المدهش هنا ليس في الفكرة، بل في الطريقة، كيف يتم سحبك ببطء إلى منطقة لا تريد أن تكون فيها، دون أن تلاحظ متى تجاوزت الخط. المخرج جيمس واتكنز قرر أن يعيد تقديم الفيلم الدنماركي Speak No Evil، لكن من خلال عدسة أمريكية هذه المرة، ليس مجرد نقل للأحداث،...اقرأ المزيد بل محاولة لقول نفس الكلام بلغة مختلفة. وللأمانة، النتيجة جاءت متقنة في بعض النواحي، ومكررة في نواحٍ أخرى، الفارق الكبير هنا كان في الأداء، وبالذات أداء جيمس مكافوي. القصة ببساطة: زوجان أمريكيان، بن ولويسي، يذهبان مع طفلتهما لزيارة زوجين دنماركيين تعرفوا إليهما خلال إجازة، المكان: بيت معزول في ريف إنجلترا. في البداية، كل شيء يبدو لطيفًا، إلى أن تبدأ تلك التفاصيل الصغيرة بالظهور: كلمة في غير محلها، تصرف غريب، شعور خفي بأن شيئًا ليس على ما يرام. ومن هنا، يبدأ الفيلم في رسم طريقه نحو النهاية العنيفة والمزعجة. قد تقول إنك شاهدت هذا من قبل! فعلاً، هذا النوع من القصص تكرر كثيرًا: Funny Games, The Invitation، وحتى Get Out، كلها تشتغل على الفكرة نفسها: أن وراء المجاملة الاجتماعية قد يختبئ شيء مظلم، وأن الناس الطيبين أحيانًا يدفعون ثمن صمتهم. لكن المشكلة ليست في التكرار وحده، المشكلة أن النسخة الجديدة لم تضف شيئًا حقيقيًا على الأصل بالعكس، خففت كثيرًا من غرابة النسخة الدنماركية، وجعلت الإيقاع أسرع، والنهاية أكثر "أمريكية" الشيء الذي أنقذ الفيلم فعلًا هو أداء جيمس مكافوي، الرجل هذا لا يتوقف عن إدهاشنا، هنا يلعب دور (بادي)، الأب البريطاني المهذب في الظاهر، الذي يخفي خلف ابتسامته وحشًا لا يصرخ ولا يضرب، بل فقط يتحكم، يضغط دون أن يلمس، يبتسم وهو يطويك من الداخل. مكافوي هنا لا يعتمد على الانفعال، هو يلعب في المساحات الصغيرة: نظرة، نكتة غير مريحة، طريقة وقوفه في الغرفة، كل هذه التفاصيل الصغيرة تجعلك تتوتر، لأنك تشعر أن هناك شيئًا خاطئًا، لكنك لا تعرف ما هو بالضبط. وفي لحظة معينة، يُلقي خطابًا عن الأبوة والتربية يبدو سطحيًا، لكنه مليء بالعنف الضمني، تلك اللحظة، وحدها، كفيلة بأن تجعلك تفهم ما يعنيه أن يكون التهذيب واجهة للسيطرة. إلى جانبه، تظهر آيسلينج فرانسيوسي في دور زوجته (كارين) في البداية تظن أنها شخصية جانبية، لكنك تكتشف تدريجيًا أنها جزء من اللعبة. لا تشارك بالعنف، لكنها تشارك بالصمت، ملامحها، ابتسامتها الغامضة، كل شيء فيها يجعلك تشعر بعدم ارتياح، فرانسيوسي تنجح في جعل الشخصية غير قابلة للفهم تمامًا، وهذا بالضبط ما يجعلها مخيفة. أما الزوجان الأمريكيان، سكوت مكنيري وماكنزي ديفيس، فقد قدما أداءً جيدًا، لكن محدودًا. ربما هذا كان مقصودًا، كي يظهرا كضحايا مثاليين. أشخاص طيبون، يؤمنون بالمجاملة والأخلاق، حتى حين تكون هذه الأخلاق هي ما يقودهم نحو الهاوية. إخراج واتكنز يُظهر نضجه بوضوح، نعرفه من قبل في فيلم Eden Lake، وها هو يعود لنفس المنطقة: الرعب الصامت، المشاهد طويلة، الموسيقى متقطعة، والكاميرا تراقب دون أن تتدخل، لا يوجد هنا الكثير من الأحداث، بل الكثير من الانتظار، وكأن الفيلم يريدك أن تغلي من الداخل. التصوير يلعب دورًا كبيرًا في هذا الشعور: الزوايا الغريبة، الألوان الباردة، المساحات المفتوحة التي تشعرك بالضياع، كلها عناصر تبني جوًا خانقًا بهدوء، كل شيء محسوب. كل تفصيل يساهم في زيادة التوتر. لكن، مع كل هذا الإتقان، يظل هناك شعور بأننا نعرف إلى أين يسير كل شيء، الفيلم لا يفاجئ، لا يخرج عن النص، النهاية متوقعة، والرسالة ليست جديدة. ربما أكثر ما يثير الأسئلة هنا هو: لماذا تم إعادة صنع هذا الفيلم؟ ماذا أضافت هذه النسخة؟ نعم، فيها أداء رائع، وتصوير جميل، وتنفيذ محكم. لكنها لا تقول شيئًا جديدًا. نفس الفكرة، المجاملة قد تقتلك، الصمت قد يكون جريمة، الفيلم ليس سيئًا، بل جيد جدًا على مستوى الشكل، لكنه بلا روح جديدة، وكأننا نعيد مشاهدة كابوس قديم... فقط بلغة أخرى.