رغم المحاولات البسيطة للخروج من عنق الزجاجة فى موسم الصيف السينمائى الحالى، فإنه يبقى الوضع على ما هو عليه، حيث يكرر نجوم السينما أنفسهم، ويقدمون صورا شبه كربونية من اعمالهم الماضية، وهى النتيجة التى جعلت كأس العالم يخطف جماهير السينما، ولم تستطع إفيهات اللمبى وحركات السقا وكوميديا حلمى و ياسمينمن الصمود أمام فترة المونديال، وهى المحاولات التى كان يرى صناع السينما إنها لعب على المضمون لكن الحقيقة أنه لا يوجد شىء مضمون.
«الشروق» فتحت ملف تكرار النجوم لأعمالهم وشخصياتهم وأدائهم وما سببه ذلك فى مواجهة لعبة تتغير كل 90 دقيقة. البداية كانت مع الناقد يوسف شريف رزق الله، حيث أكد أن تكرار النجوم لأنفسهم فى أعمال متتالية يصيب الجمهور بالملل، وتوقع أن يعزف الجمهور عن مؤازرة نجوم الشباك إذا لم يحرصوا على التنوع فى أدوارهم.
وأضاف: النجم الحقيقى يجب أن يقدم كل الألوان ولا يتخصص فى نوعية دون أخرى، ويرى رزق الله أن الفنان أحمد حلمى هو الوحيد الذى حرص على التغيير فى أفلامه، حيث وجد من خلال موضوعات جريئة ولم يقدم كوميديا مجردة.
بينما وجه رزق الله كثير من اللوم للنجم أحمد السقا لعدم خروجه من قالب الأكشن فى أفلامه الثلاثة الأخيرة، قائلا: عندما قدم السقا فيلم « تيمور وشفيقة» أحببناه جدا وقد شكرته على ذلك، وحدث ذلك أيضا مع فيلم « عن العشق والهوى»، لكن الفترة الأخيرة خسر كثيرا لإصراره على الظهور من خلال أفلام أكشن فقط.
واعتقد أن السقا أدرك أنه فى خطر ولجأ بذكائه إلى فيلم « ابن القنصل»، الذى يعيده إلى أفلام اللايت كوميدى، وأتمنى أن ينجح هذا الفيلم فى تخفيف حدة الانطباع الذى أخذ عن السقا، لأنه إذا استمر قد يؤثر على جماهيريته.
وعلق رزق الله على عودة محمد سعد لشخصية اللمبى مرة أخرى، قائلا: أصبح أكثر النجوم تكرارا، وأكد أن فى ذلك خطرا كبيرا على مشواره الفنى، «أنا حزين جدا على نجم يتمتع بكل هذه الشعبية» هكذا وصف رزق الله حال تامر حسنى، مؤكدا: تامر تحديدا يتراجع كل عام عن الآخر، ولم أتوقع أن يكون فيلمه الأخير « نور عينى» بهذا السوء، فحواره متدنٍ جدا، إضافة إلى أن قصة الفيلم مفبركة ولا تعقل.
وحزنت على تامر لأن بدايته فى فيلم « حالة حب» مع المخرج سعد هنداوى كانت مبشرة جدا، لكنه بعد أن انفرد بالبطولة المطلقة لم يفكر إلا فى تقديم أفلام سهلة. وأنا لست ضد الأفلام الخفيفة «ولكن ضد أن تكون بهذا الابتذال خاصة عندما تكون من نجم معظم جمهوره من البنات».
أما بالنسبة لياسمين عبدالعزيز فيحسب لها أنها أول من انفردت بأدوار البطولة فى بنات جيلها، وأرى أن اعتمادها على الأطفال فى « الثلاثة يشتغلونها» هو استغلال لنجاح فيلمها السابق « الدادة دودى»، واعتقد أن ذلك باتفاق مع المؤلف يوسف معاطى، ولكن ساعدها على ذلك أنها محببة لدى الأطفال بالإضافة إلى تميزها فى منطقة الكوميديا، فهى مكسب حقيقى للسينما، ورغم أن الفيلم إلى حد كبير يقدم فكرة مبتكرة فإن اسمه يصعب نطقه ولم أستسغه بالمرة.
الناقد مصطفى درويش أكد أن السينما العالمية وقعت فى هذا المأزق، فأصبحت تقدم أفلاما من أجزاء مثل « هارى بوتر»، و« شريك»، وأرى أن هذا التكرار استسهال وعدم قدرة على الابتكار، وأضاف: إذا كانت السينما العالمية وقعت فى فخ التكرار، فهل نلوم نجوم الشباك فى مصر عند الوقوع فيه.
وأسباب التكرار والخيبة التى نعانى منها كثيرة منها انعدام الخيال عند مؤلفين السينما المصرية، نتيجة انفصالنا عن السينما العالمية، مما عاد على ثقافة نجومنا بالسلب.
الرقابة أيضا أحد أسباب عجز السينما فى مصر، ويمنعها من الإبداع، فعندما يتقدم مؤلف موهوب بفكرة جديدة إلى الرقابة تصاب بالذعر من أن تغضب المؤسسات الأمنية والدينية من هذا السيناريو، اعتقد أن هذا المناخ لا ننتظر فيه فيلما مختلفا.
ومن الأسباب أيضا أننا لا نعترف بالسينما العربية ولا نشاهدها رغم النهضة الكبيرة التى تشهدها، العجيب أن السينمائيين المصريين مقتنعون أن فى نجاح السينما العربية مؤامرة ضد السينما المصرية.
سبب آخر يضاف إلى الجو المريض الذى يعمل فيه هؤلاء النجوم هو أن معظمهم مصاب بالغرور، وأدعى أن ذلك كفيل بسقوط أكبر نجم فى العالم.السبب الأخير: عدم تجديد الدماء على الساحة السينمائية، حتى أصبحنا أسرى لمجموعة من النجوم يقدمون لنا ما يشاءون رغما عنا.
ويؤكد الناقد أحمد رأفت بهجت أن الممثل المصرى يعانى من مشكلة ضخمة جدا هى عدم وعيه بدوره تجاه المجتمع، وهذا ناتج عن أزمة ثقافة بين الممثلين جميعا، والأزمة الأكبر أنهم لا يحاولون أن يطوروا أنفسهم. فهم يتغلبون على موهبتهم من أجل الاستسلام للجمهور ورغباته، وأصبح يتحكم فى الممثل.
يضاف إلى ذلك أن منتجى السينما أنفسهم لا يبحثون على أن يكون لهم دور، فهم يتعاملون مع الصناعة كسلعة، ليس لها دور فى المجتمع. كما أن الجمهور أصبح حالة مستعصية، نتيجة للمناخ العام الذى يعيش فيه، فالجمهور الذى يستمع إلى أغنيات ليس لها معنى، وبرامج حواريه تصيبه بالإحباط، لا تتطلب منه أن يختار إلا فيلما ليس له معنى، يهرب به من حاله.
ويرى بهجت أن الرقابة يجب أن يكون لها دور فى ذلك، ليس من خلال الحكم على الأفلام كفن، ولكن يجب أن تحكم على الأفلام من حيث مدى جديتها، فعندما تجد ممثلا مثل محمد سعد يقدم شخصية مستهلكة قدمها مرات عديدة، الأصلح ألا توافق على هذا الفيلم من البداية.
كما أن جانب من المسئولية موجه لكتاب السيناريو، فنحن الآن نفتقد المؤلف المحترم، الذى يفرض ما ألف على الممثل والمخرج والمنتج، لا أن يكتب بطريقة التفصيل لكل ممثل. لذلك طبيعى جدا أن يتراجع كل النجوم، رغم أنهم كانوا قادرين على استغلال موهبتهم فى تقديم سينما مختلفة، ولكن كلما غابت الثقافة مؤكد أن ذلك سيجذبهم إلى أسفل.
الناقد طارق الشناوى يرى أن الفنان احمد حلمى هو الوحيد الذى نجا من الوقوع فى هذا الفخ، موضحا أنه يضع لنفسه هامشا من المغامرة فى كل تجربة يخوضها، أما باقى النجوم فأشبهها بـ«الحاوى»، الذى يعرف الجمهور كل العابة ويتوقعها، ولكن يشاهدها من باب التسلية فقط.
ولكن لا نلوم كثيرا نجوم الشباك على عدم تنويعهم فى الأفلام لأنهم تماما مثل رأس المال «جبان» ولا يحب المخاطرة، خوفا من أن يفقد ما حققه فى مكانه. لذلك تجد أن مجازفات نجم كبير مثل عادل إمام قليلة جدا مقارنة بنجم آخر مثل نور الشريف، وذلك لأن الأول نجم شباك طوال حياته، أما الثانى فلم يكن كذلك.
فنجوم الشباك بشكل عام لا يقدمون إلا الأفلام، التى يعتقدون أن الجمهور يحب أن يراهم فيها، ويخافون من أن يغيروا من أنفسهم فيغضب الجمهور منهم ولا يتقبلهم. ولكن ما أريد تأكيده أن هناك مرحلة سيتشبع الجمهور بعدها ويمل من مشاهدة حتى نجومه المفضلين.
وأرى أن أكثر نجم عانى من ذلك هو محمد سعد ورغم ذلك لم يتعلم من الدرس. فالتكرار يخصم من أسهم النجم كثيرا، وإذا بحثت عن الأرقام ستكتشف أن السقا فى هبوط شديد، حتى تامر حسنى فهو لم يحقق إيرادات كبيرة مقارنة بآخر أفلامه «عمر وسلمى 2».