لا يدرك من يشاهد لوحة الفسيفساء مدى الجهد المبذول في صناعتها، قد تعجبه وتترك فيه أثراً لا ينمحي خلفه في الحقيقة جهد هذا الصانع الفنان الذي صنعها وصبر على صناعتها حتى أتمها على الوجه الأكمل، تنطبق تلك النظرية تماماً على فيلم الفنان عمرو سلامة الأخير أسماء، والذي يشكل عمل فني رائع يعوض غياب الفن الحقيقي عن السينما طوال عام 2011، ما بين أفلام دون المستوى، وأفلام خفيفة تجارية، أما فيلم أسماء فهو فيلم حقيقي يحمل بداخله قضية غاية في الإنسانية، أدارها سلامة كاتباً بطريقة سلسة وبعناية شديدة بالتفاصيل الخاصة، قبل أن يديرها مخرجاً بكاميرا شديدة الحساسية ليستقر المعنى في روح المشاهد.
السيناريو المكتوب عن إحدى مريضات الإيدز و المستوحى من قصة حقيقية سيناريو رائع يعيبه فقط اضطرار بطلة الفيلم الى كشف كيفية إصابتها بالمرض وهو ما لم يحتاجه الفيلم ولا المشاهد وكان سيصل برسالة الفيلم إلى معناها الحقيقي في حق المريض في العلاج دون أي جوانب أخلاقية، ولكن السيناريو يبدو مترابطاً وينتقل زمنياً بين الماضي والحاضر بطريقة مدهشة لا تزعج المتفرج، ويتخللها الحلقات العلاجية التي تم تصويرها بطريقة خاصة أعطت معنى أعمق للصورة، ويجرنا هذا إلى المخرج عمرو سلامة والذي قفز درجات عديدة من السلم بعد فيلمه الأول زي النهاردة، والذي صنع فيلم كامل سينمائياً كمخرج، يستحق عليه الإشادة والتقدير، خاصة ذلك الهارموني الرائع بين أداء الممثلين، وإيقاع الفيلم الذي كان يحتاج إلى عناية خاصة حتى لا يسقط في فخ الرتابة وهو ما نفذه عمرو بحرفية عالية.
أما عن التمثيل فحدث ولا حرج، هند صبري فقدت قدرتها تماماً على مفاجأتنا، دائماً تؤدي بنفس الروعة، ممثلة مبهرة، حملت عيناها طوال الفيلم إحساساً موجعاً للمشاهد، تفوقت على نفسها وأهدتنا "أسماء"، ماجد الكدواني أحسن ممثل مصري في الوقت الحاضر، يعيد إكتشاف نفسه في تأكيد لما قدمه من قبل في 678 في العام الماضي ليمضي في طريق حفر اسمه كاحد أفضل نجوم السينما العربية.
الفنان سيد رجب والذي قدم دور الاب يسير على الدرب ذاته، الذي قدمه من قبل في فيلم الشوق، أداء طبيعي راق، وان يبقى هاني عادل أضعف حلقات التمثيل في الفيلم لعدم إتقانه لهجة الدلتا وبأداء متوسط وإن كانت موسيقاه التصويرية تغفر له هذا.
المونتاج كان أيضاً أحد أهم عوامل نجاح هذا الفيلم، الذي سيؤلم المشاهد بلا شك، وسيجبره على إعادة التفكير في كيفية تناول العديد من الموضوعات في حياته لعله يحصل على الـ"أسماء"، أو المسميات الحقيقة للأشياء طبقاً لجوهرها.
فيلم أسماء فيلم يستحق المشاهدة، فيلم يعيد للسينما المصرية ذلك الأمل الذي صنعه أفلام مثل " ميكروفون"، "678"، " بنتين من مصر"، العام الماضي في أن نملك سينما حقيقية.