من المخرجين المبدعين الذين تركوا لنا تراثًا فنيًا وفيرًا نشاهده ونفتخر به حتى الآن، تربى على يديه العديد من الأجيال من الفنانين والمخرجين والعاملين في صناعة السينما المصرية، وترك بصمة مصرية رائعة في كل أعماله الفنية بالرغم من أصوله غير المصرية، لقبه العاملين في السينما بشيخ المخرجين لكنه رحل عن عالمنا بطريقة غامضة لم تُكشف أبعادها بعد.
نشأته:
ولد المخرج الكبير نيازي مصطفى بمحافظة أسيوط في الحادي عشر من نوفمبر عام 1910، لأب سوداني وأم تركية، رحل عن مصر متجهًا إلى مدينة ميونيخ الألمانية، حيث التحق بمعهد السينما هناك عام 1929 وقام بدراسة السينما لمدة ثلاثة أعوام، كان أول طالب يخرج من مصر ويدرس السينما أكاديميًا، حيث قام بدراسة الإخراج والتحميض والعدسات حتى تمكن من هذا العلم، وعرف أنه في طريقه لتنفيذ ما تعلمه في مصر.
بدايته الفنية:
بدأ المخرج الراحل حياته الفنية داخل ستوديو مصر حيث عمل مونتيرًا في تلك الفترة لكن طموحه لم يتوقف عند هذه المهنة، بل توجه لتخصص آخر وعمل مساعد مخرج مع الراحل يوسف وهبي في العديد من الأعمال، وقام بعدها بالإخراج بنفسه، كما قام بعمل العديد من المؤثرات البصرية للعديد من الأفلام التى نتذكرها حتى الآن، منها: فيلم سر طاقية الإخفاء، و عنتر بن شداد، و أبو حديد، و لعبة الحب والجواز، حتى قام بعد ذلك بإخراج أكثر من مائة وخمسين فيلمًا وعشرات المسلسلات التليفزيونية.
الحياة الأسرية:
أثناء عمل الراحل في ستوديو مصر كمونتير، تعرف على زميلته الفنانة الراحلة ( كوكا)، حيث كانت تعمل في نفس المجال، قام بخطبتها، وبعدها بفترة رشحها أحد المخرجين البريطانيين لبطولة فيلم Jericho بعد أن نالت إعجابه بدورها كزنجية في المسرحية الأمريكية (صندوق الدنيا)، وبعد قيامها ببطولة الفيلم، عرض عليها العديد من أدوار البطولة، مما استوجب إقامتها خارج البلاد، لكن خطيبها نيازي مصطفى رفض هذه العروض وطالبها بالعودة إلى مصر مما اضطرها للعودة وأتمت الزواج منه، وقدم نيازي مصطفى زوجته في العديد من الأعمال المميزة منها: سمراء سيناء وعنتر بن شداد و عنتر وعبلة و وهيبة ملكة الغجر و أونكل زيزو حبيبي كآخر أفلامها، وبعد مدة من الزواج كانت الفنانة كوكا غير قادرة على الإنجاب، فطلبت من المخرج الراحل أن يتزوج غيرها حتى يتمتع بنعمة الأبناء، وبالفعل تزوج من الراقصة نعمت مختار لفترة قليلة جدًا لكنه طلقها وعاد مرة أخرى إلى زوجته السابقة حتى وفاتها عام 1979، وأثناء حياته مع زوجته الراحلة كوكا تمتعت الأسرة بعلاقات طيبة مع الجيران واﻷقارب، ولكن بعد وفاتها انقطع عنهم جميعًا ولم يعد يتصل بهم.
أفلام الترسو طابع مميز لأعماله:
بالرغم من إخراجه لـ 152 فيلمًا، إلا أن الطابع المميز الذي ارتبط به ارتباطًا وثيقًا هو إخراج أفلام الترسو والإثارة والحركة والأكشن، منهم فيلم رصيف نمرة خمسة لوحش الشاشة فريد شوقي وفيلم فتوات الحسينية و سواق نص الليل، كما قدم العديد من الألوان السينمائية الأخرى وبرع في أفلام الكوميديا، حيث قدم سر طاقية الإخفاء و صغيرة على الحب وأونكل زيزو حبيبي.
ومن أهم أعماله سلامة في خير كأول أفلامه و سي عمر و شارع محمد علي وعنتر وعبلة و ليالي الأنس و قمر 14 وهيبة ملكة الغجر و من أين لك هذا و تاكسي الغرام و شياطين الجو و إسماعيل يس طرزان و فضيحة في الزمالك و رابعة العدوية و فارس بني حمدان و 30 يوم في السجن و كيف تسرق القنبلة الذرية و إنت اللي قتلت بابايا، كما قدم مجموعة من المسلسلات منها الفتوحات الإسلامية وهروب، وكان أخر أعماله فيلم القرداتي، حيث صور المشهد الأخير منه ليلة وفاته.
لغز الوفاة المحير
يظل لغز وفاة الراحل نيازي مصطفى محيرًا للجميع حتى الآن، حيث فوجىء سكان منطقة الدقي بخبر مقتل المخرج الراحل دون العثور على قاتله حتى الآن، حيث توجه خادمه محمد عبد الله إليه صباح يوم قتله، فوجد جميع الأبواب مغلقة على غير العادة، لكنه ترك المنزل وعاد إليه عصرًا ليجد نفس الوضع قائم وعند نظره من ثقب الباب وجد جميع الأنوار مضاءة فتوجه إلى شقيقة المخرج الراحل "زينب" بحي النيل ليحضر المفتاح الاحتياطي، ليجده مقيدًا من الخلف وشراينه مقطوعة، وبالرغم من كثرة التحقيقات والتحريات من الشرطة والنيابة، لم يُعثر على الجاني حتى الآن لكثرة البصمات التي وجدت داخل الشقة من أقارب وعلاقات أخرى، وأغلقت القضية وقيدت ضد مجهول ليرحل ومعه سر مقتله تاركًا لنا مجموعة مميرة من الأعمال الخالدة والمميزة.