على مدار موسم عيد الفطر الماضي، وقبل الدخول في موسم عيد اﻷضحى المقبل، تنافست خمسة أفلام على حصد اﻹيرادات، وكل فيلم بمقدار لعوامل تختلف من فيلم ﻷخر. ولنبدأ التقرير بفيلم الممر والذي يوثق لمرحلة هامة في تاريخ مصر، وهى فترة ما بعد النكسة، والمقصود باسم الفيلم هو العبور من مرحلة الهزيمة إلى الانتصار، وتحديدًا بتأسيس أول فرقة صاعقة بعد النكسة تحت قيادة العميد إبراهيم الرفاعي، ولم يتطرق الفيلم إلى اسم معركة محددة، بل ركز على مشاعر الشعب المصري بعد الهزيمة وقوة وعزيمة رجال الجيش لتحقيق النصر ورد الاعتبار، وقد جازف صناع الفيلم بميزانيته الضخمة والتي بلغت 80 مليون جنيه، ولم تكن الايرادات مضمونة، نظرًا لأنه لا يعتبر فيلمًا تجاريًا، ولكن المفاجأة ليست فقط أن ايراداته تجاوزت الـ65 مليون جنيه، بل لأن شريحة كبيرة من الجمهور جاءت من الشباب، والذين يجهلون تمامًا تفاصيل هذه الفترةـ بل وأن التجربة أثبتت أنه ليست الأفلام التجارية فقط هى ما تحقق أعلى إيرادات بل أن الأفلام صاحبة الرسالة والقيمة الفنية من الممكن أن تحقق المعادلة الصعبة سوى بإشادة النقاد أو لشباك التذاكر، خاصة إذا كانت جميع مقومات النجاح متوفرة سواء في الإخراج أو الديكور أو الموسيقى التصويرية أو التمثيل، والذي كان مباراة بين جميع أفراد العمل حتى العنصر النسائي بالرغم من صغر دوره، إلا أنه كان مؤثرًا، خاصة وأن الفيلم استطاع أن يعتلي شباك التذاكر، ويصبح رقم واحد بعد موسم العيد والذي سيطرت عليه الأفلام التجارية والتي لم تكن على مستوي جيد.
فبالنسبة لفيلم كازابلانكا والذي حقق إيرادات خيالية تخطت 70 مليون جنيه نظرًا لشعبية الفنان أمير كرارة بعد نجاحه في مسلسل كلبش وكذلك فيلم حرب كرموز في العام الماضي، والذي كان جيد الصنع إلى حد كبير، والذي استخدم المخرج بيتر ميمي جميع أدواته وأحدث التقنيات في الأكشن، ولكن هذا لم يحدث في فيلم "كازابلانكا"، فالفيلم جاء متواضعًا بل أقل تواضعًا من أفلام كثيرة، أولًا مشاهد الأكشن جاءت مثل أفلام الثمانينات والتسعينات، والتي تعتمد على المطاردات والمشاجرة بالأيدي وسرعة الحركة، فالنصف الأول من الفيلم كان لا بأس به رغم سيطرة الطابع الأجنبي على جميع تفاصيله، والتي كانت واضحة منذ الإعلان عنه، خاصة وأن موضوع قراصنة السفن يعتبر جديد على السوق المصري، ولكن بالنسبة للنصف الثاني من الفيلم، والذي يصيب المشاهد بحالة من التشتت، حيث يتحول الأمر إلى لعبة قط وفأر وصراع عصابات لا تعرف من أين جاءت، ومن الخائن ومن يطارد من، ومن ينتقم من من، حتى بالنسبة للأداء التمثيلي، فأمير كرارة لم يكن في أفضل حالاته، وأيضًا غادة عادل التي لم يضيف لها الدور شيئًا، وربما عمرو عبدالجليل كان الأفضل بخفة ظله. نفس الأمر بالنسبة لفيلم حملة فرعون والذي احتل المركز الرابع في شباك التذاكر، وعلى الرغم من أن النجم عمرو سعد ليس من نجوم الدرجة الأولى في الإيرادات ولكن ليس هذا السبب في أن يكون المركز الرابع بتحقيقه 17 مليون جنيه، فالفيلم مأخوذ عن القصة العالمية العظماء السبعة والذي تمت معالجتها عدة مرات، وكان أولها فيلم ستيف ماكوين والذي تم طرحه عام 1960 وتم اعادة انتاجه للنجم دينزل واشنطن عام 2016 وأيضًا اقتبسها النجم عادل إمام في فيلم شمس الزناتي ولكن بالنسبة لفيلم شمس الزناتي، فقد جاء مشتتًا بداية من السيناريو المهلهل والذي يشعرك أن هناك حلقة مفقودة، فالأحداث كانت تسير بشكل عشوائي بداية من اختفاء ابن عمرو سعد والذي لم نعرف إذا كان حيًا أو ميتًا حتى يقرر عمرو سعد أن يجمع أصدقاؤه والمعروفين بمهاراتهم القتالية لأداء مهمة محددة دون أي إشارة أو خلفية عن ماضي أحد منهم أو عن مدى ارتباطهم ببعض، ليجدوا أنفسهم فجأة في قلب قرية في إحدي المدن السورية والمحتلة من قبل إحدى العصابات، وليس من المعروف من أي جهة ويصبح عليهم حماية أهل القرية، فتسلسل الأحداث جاء غير منطقيًا، وعلى الجانب الأخر، هناك بعض الجوانب الإيجابية، فمشاهد الأكشن جاءت قوية ومصنوعة بحرفية، وعلى الرغم من كثرتها والتي استمرت في النصف ساعة الأخيرة بشكل متواصل، بل كانت أفضل من فيلم "كازابلانكا" بالإضافة إلى الأداء المتميز لعمرو سعد ورامز أمير والذي كان أفضل ما في الفيلم. وأما بالنسبة لفيلم رامز جلال "سبع البرمبة" وهو التعاون الثاني بين رامز جلال والمخرج محمود كريم بعد فيلم رغدة متوحشة والذي حقق إيرادات بلغت 20 مليون جنيه، حيث احتل فيلمه الجديد المركز الثالث في الإيرادات والتي تخطت 30 مليون نظرًا لأن اﻷفلام الكوميدية، خاصة إذا كانت خالية من الإسفاف تكون الأكثر جذبًا للجمهور، وهذا ما حدث في فيلم سبع البرمبة فهو فيلم كوميدي خفيف يناسب جمهور العيد، فكرته تعتبر قريبة من فكرة فيلم أونكل زيزو حبيبي وهو البطل المزيف الذي يحاول إثبات نفسه وقدراته بشكل مخادع طوال الوقت ليبهر حبيبته إلى أن ينجح في النهاية في التغلب علي خوفه. اعتمد الفيلم على سرعة الحركة والمواقف وليس على الإيفيهات والكوميديا المصطنعة، لا يعيبه سوى الأداء المكرر للفنان رامز جلال والذي يعتمد على نبرة الصوت المرتفعة وحركات معتادة في جميع أعماله.
وأما فيلم محمد حسين للفنان محمد سعد والذي تذيل الإيرادات، ولم يحقق أكثر من 3 مليون جنيه، فكانت نتيجة متوقعة لأن محمد سعد فنان لم يتعلم من أخطاؤه، فبعد تكراره لشخصية اللمبي بحميع تفاصيلها من حيث أسلوب الكلام ومخارج الألفاظ في جميع أفلامه على مدار أكثر من 10 سنوات بأساليب مختلفة وبأسماء شخصيات مختلفة مثل عوكل وكتكوت وكركر، وبعد أن سئم الجمهور من هذه التيمة، وأصبحت إيرادات أفلامه في تراجع ملحوظ في السنوات الماضية، والذي لم يجتهد في تغيير هذا النمط أو في إعادة ترتيب أوراقه، حتى بعد ما أعطاه المخرج شريف عرفة فرصته الذهبية في شخصية بشر الكتاتني رئيس البوليس السياسي في فيلم الكنز والذي حقق إيرادات 19 مليون جنيه والذي أظهر فيه جميع إمكانياته المدفونة، والذي أشاد بها جميع النقاد وحصل بها على جائزة أفضل ممثل في بعض الاستفتاءات، إلا أنه لم ينتهز هذه الفرصة ليعيد تقييم نفسه، وجاء اختيار لفيلم محمد حسين والذي كان واضحًا منذ إعلانه بأنه مثل أفلامه السابقة.