أراء حرة: فيلم - دماء على النيل - 1961


عبدالحي أديب وفيلم دماء على النيل: رمز فني يصور مأساة الثأر بين الحب والواجب

حقق الكاتب عبدالحي أديب مستوى متقدماً من النضج والوعي الفني من خلال أعماله الفنية التي حظيت بنجاح كبير، حتى اعتُبر من أعمدة السينما المصرية. ومن بين أهم أعماله فيلمه الشهير «دماء على النيل» الذي قدمه عام 1961، والذي يمثل علامة بارزة في مسيرته الفنية. يروي الفيلم قصة الشاب عواد (فريد شوقي) الذي يحمل كفنه متجهاً به إلى إحدى العائلات في قريته، آملاً في وقف نزيف الدماء. إلا أن هند رستم ترفض قبول الكفن، مصممة على الانتقام لزوجها. تتوالى الأحداث لتكشف أن عواد اضطر إلى قتل زوج هند ردًا على قتل شقيقه...اقرأ المزيد أثناء محاولته الدفاع عن إحدى السيدات وابنها. يطرح سيناريو الفيلم قضية اجتماعية هامة، ظلت قائمة حتى اليوم، وهي قضية الثأر وما تسببه من خسائر وهدر في الأرواح. كما يعرض الفيلم أساليب معالجة هذه المشكلة، من خلال تقديم الكفن، فهل هو دلالة على الجبن والتخاذل أم هو تأكيد على الشجاعة؟ إلى جانب ذلك، يبرز الفيلم الصراع الدائم بين الواجب والحب؛ ففي الوقت الذي تشتعل فيه نار الانتقام في قلب هند رستم، تتحول هذه النيران إلى مشاعر حب تجاه عواد. ومن خلال هذه القصة الرومانسية، يحاول عبدالحي أديب فتح أبواب المحبة والتسامح في مواجهة مآسي الانتقام. لا يمكن إغفال الدور المهم الذي لعبه المخرج نيازي مصطفى، حيث صور أحداث الفيلم في أماكن واقعية مثل المعابد الفرعونية وبعض مقابر الصعيد، ورصد مظاهر الحياة الشعبية في تلك البيئة، مما أضفى على الفيلم بعداً تاريخياً واجتماعياً. كما برع الفنان فريد شوقي في تجسيد شخصية الشاب عواد، مستخدماً تعابير وجهه ولغة جسده بشكل مميز، حتى تمكن من استثارة تعاطف الجمهور ومشاركتهم مأساته طوال أحداث الفيلم، ليقدم عملاً خالداً في تاريخ السينما المصرية.