بعد أن قدمأولي تجاربه الروائية الطويلة « سهر الليالي» والذي عرفه الجمهور من خلاله.. وبعدالنجاح الكبير الذي حققه الفيلم، توقع له الكثيرون الاستمرار والحصول علي العديدمن النجاحات المهمة في سوق السينما، ولكن المخرج هاني خليفة اختفي لمدة سبع سنوات،حتي عاد مؤخرًا بعمل تليفزيوني « الجامعة» يعتبره مختلفا عما تقدمه الدراما سواء فيطريقة عرضه أو الموضوعات التي يتناولها، وعن هذا المسلسل واستعداده لتجربةسينمائية جديدة تحدث خليفة في هذا الحوار:
< بعد نجاحك كمخرج سينمائي، ما الذي دفعكلخوض تجربة التليفزيون؟
- ليست الفكرة هي العمل بالدراما أو السينما ولكن أناأحاول البحث عن موقف أو قصة جديدة تستفزني.. وتجعلني أتابع السيناريو حتي الانتهاءمنه بالكامل دون ملل.. فكل همي تقديم شيء جديد يجعلني أخطو خطوة للأمام لأنني لاأريد أن أكون مجرد موظف في هذه المهنة كما أنني أحب المغامرة، لذلك لم أجد في السينماطوال الفترة الماضية مشاريع تستهويني بعكس هذا المسلسل الذي جذبتني فكرته بشدةعندما عرضه المنتج عمرو قورة علي.
< ألم تخش مقارنتك بمخرجي السينما الذيناتجهوا للتليفزيون مؤخرًا؟
ما دمت أقدم محاولة جديدة باجتهاد كبير لا أخشي شيئًا،كما أن الظروف والمؤشرات تؤكد علي النجاح.. لأن هذا ليس طموحي وحدي ولكنه طموحشركة الكرمة المنتجة للعمل.. حيث إننا أردنا تقديم حكاية عن بعض الشباب العربي منخلال عرض حياتهم ومشاكلهم دون أن نشير إلي أسماء دولهم.. الفكرة ليست تقديم نماذجعربية بشكل نظري.. ولكن عرض لحياة الشباب من مختلف المجتمعات لتوضيح أفكارهموحياتهم الحالية.. من خلال وجودهم في مدينة جامعية واحدة.
< معروف عنك أنك لا تقتنع بأي سيناريو بسهولة، فكيف وافقت علي «الجامعة»؟
ارتبطت بالمسلسل منذ أن كان فكرة وقبل أن يتم كتابةالسيناريو.. وما طمأنني بشكل كبير هو أن المنتج جاء لي وهو يعرف عني وعن أفكاريالكثير.. وكنا متفقين علي هدف واحد حتي إننا شاهدنا كيفية صناعة مثل هذه النوعية منالمسلسلات الأمريكية لكي نتوصل لنفس درجة الجذب الموجودة بها.. فليست الفكرة أننيصعب الإرضاء ولكني أحاول الحصول علي سيناريو جيد ومكتمل.. فأنا شخص شديد الزهق فكيف سأدفعالمشاهد إلي الانتباه لي وعدم إشعاره بالملل، بينما أنا أشعر بملل من قراءتي فقطللسيناريو، مبدئيا يجب أن يكون العمل به أحداث جديدة وغير متوقعة ويحتوي علي قدرمن التسلية.. فسيناريو «الجامعة» مر بعدة مراحل، أولها كانت الفكرة وكانت عند عمروقورة صاحب شركة الكرمة.. لذلك قام بالسفر للعديد من دول العالم لإجراء أبحاثودراسات حول كيفية إنجاح هذا العمل، فكان حلمه نقل شكل جديد للدراما العربية.. وعندما استعانبي وقبلت العمل في المسلسل كانت هناك عدة مراحل أخري عديدة لدرجة أن الأمر استغرقمعي سنتين ونصف السنة لإخراج ثماني حلقات.
< ألا تري أن تلك الفترة طويلة؟!
- نعم ولكنها تشمل التحضير الذي قمت به أنا وليس التحضيرالذي قامت به الشركة قبل مجيئي.. فقد اشتركت في هذا الحلم منذ شهر فبراير عام2008، وكان ذلك الوقت في كتابة السيناريو واختيار الممثلين والكتابة وتحضير مواقعالتصوير.. فقد كانت هناك محاولات لي مع سيناريست صديق في كتابة سيناريو مناسبللمسلسل.. ولكني وجدت أفكارنا وإسهاماتي في السيناريو كمخرج أكبر من سن الشبابالذين نتحدث عنهم في المسلسل.. لذلك قامت الشركة بالاستعانة بورشة كتابة تحت إشراف محمود دسوقي وهو مؤلف صغير في السن وقريب من عقول هؤلاء الشباب.. هذا بجانبالترتيبات الأخري، فاختيار الممثلين استغرق ستة أشهر.. كما أن التصوير استغرقوقتًا كبيرًا لأنني أنجز 4 مشاهد في اليوم الواحد فقط، كما أن الشغل صعب باستخدامتكنيك سينمائي وكاميرا واحدة في مسلسل تليفزيوني.
< ولماذا لم تستعن بممثلين شباب سبق لهمتجربة التمثيل؟
للأسف لا يوجد ممثلين شباب في سن ما بين الـ17 و19 سنة..أم لي أن أستعين بنفس الفنانين الشباب الموجودين حاليا ونرجع لنفس الغلطةالتاريخية التي نقع فيها في الدراما المصرية وهي الاستعانة بممثلين سنهم غير مناسبللدور.. ثم ما الضرر في الاستعانة بالوجوه الجديدة فالمسلسلات معمل لتخريج جيلجديد من الممثلين للسينما وليس العكس.. ولكني لست ضد الشباب المحترفين بدليل اشتراكالممثلة الشابة ناهد السباعي معنا وقد شاركت قبل ذلك في فيلمي « ورقة شفرة» و« احكييا شهرزاد».. فالدور في النهاية ينادي علي صاحبه.
< وكيفتم اختيار الممثلين؟
قمنا بعمل إعلانات ولصقها في كل مكان حتي في الكوفيشوب وقلنا لو حد شاب أو فتاة في السن المطلوبة يريد أن يمثل يتقدم لعنوان المكتبووضعنا أيضا رقم الهاتف.. فجاء شباب من جميع المجالات والتخصصات سواء من طلابمعاهد تمثيل أو ممن شاركوا في بعض الإعلانات وشباب لم يسبق لهم الوقوف أمام الكاميراأو خوض تجربة التمثيل من الأساس.. وأيضا استعنا بوسطاء أو مكاتب تمثيل فنحن بحثناعن كل المصادر المتاحة للحصول علي الشباب المطلوبين.
< ألم تخش تجربة العرض الأسبوعي في موسم جديد للدراما؟
لكي أكون محقًا أنا بالفعل خايف جدا لأن النظام فيالدول الغربية يشمل جمهورًا يعمل باستمرار وله إجازات «ويك إند» محدد.. فهو مجتمعمنظم.. ولا أعتقد أن تجارب المتابعات الأسبوعية في مصر كانت بالشكل الذي يقدمحاليا، فقد كنا نتابع يوم الأربعاء برنامج اخترنا لك علي سبيل المثال ولم يكن هناكوجود للفضائيات أو الإنترنت فكنا ننتظر موعد البرنامج في الأسبوع المقبل لكي نتابعالحلقة الأخري منه ولكننا عملنا علي تحقيق أكبر قدر علي جذب انتباه الجمهور حتينحقق التواصل مع المسلسل أسبوعيا وهذه أول تجربة لمثل هذه النوعية من الدراما فيمصر وبالطبع سيكون بها أخطاء نتعلم منها فيما بعد.
< معروف عنك إعادة تصوير المشاهد أكثر منمرة.. لدرجة أنك أحياناً كنت تصور يومين متصلين.. ما تعليقك؟
- طبيعي أنني أصر علي تحقيق ما أريده من المشهد ولكنالمسألة تتوقف أولاً وأخيراً علي الممثل فالعمل مع الممثل المحترف ممكن أن أعيدالمشهد 5 مرات للوصول إلي ما أريد بنسبة 96% أما مع المبتدئ فاضطر لإعادة المشهد25 مرة حتي أصل إلي 65% فقط مما أريد فهناك جزء مهم يفتقدونه كممثلين مبتدئين وهو الخبرةوالإحساس المهني بهواية التمثيل.
< هل دائما تميل للبطولات الجماعية؟
- أتعامل مع السيناريو حسب متطلباته فلو كان لشخصين أوبطل واحد ما المانع ولكن طبيعة الفيلم والمسلسل اللذين قمت بإخراجهما تتطلب بطولاتجماعية ولكن ليس هدفي الاستعانة بالكثير من الأبطال.
< موضوعاتك دائما ما يغلب عليها الطابعالاجتماعي ما السبب؟
- عملي كمخرج وليس مؤلف فأنا أعمل علي قيادة الفرقةلتعزف ما يكتبه المؤلف فعندما قرأت »سهر الليالي« لم يكن في مخيلتي أن أخرج فيلمًاعن العلاقات الزوجية فقد كنت أكتب فيلمًا آخر وأعمل كمساعد مخرج ولكن ما كتبه تامرحبيب جعلني اقرأ وأتسلي ولا أشعر بالملل وأصدق ما يحكيه لي فاستفزني الفيلم فقمتبتقديمه كما أنه في رأيي ليس المهم أن يكون الفيلم واقعياً علي قدر ما يجب أن يكونبه مصداقية ويأتي بالجديد وهذا ما نفتقده حاليا.. فالأفلام أغلبها مستنسخ من بعضه البعضوالغريب أن الجمهور لا يزهق ولكن علي المستوي الشخصي لا أستطيع تقديم نفس الفكرةأو المادة مرتين ولا أنظر للأمور علي أني قدمت التراجيدي فيجب أن أقدم الكوميدي فيفيلمي المقبل ولكن الأمور تسير علي أساس القصة والسيناريو المقدم لي.
< وكيف وجدت العمل في أول تجربة تليفزيونيةلك..؟
- التليفزيون صعب جدا خاصة في الكتابة فعندما أنظرحالياً إلي المسلسلات التي أثرت في تكويني بشكل كبير منذ صغري مثل » أبوالعلاالبشري« وغيرها أتعجب واتساءل كيف تمت كتابتها بهذا الاتقان وما حجم المجهود الذيبذل لتخرج بهذا الشكل الجميل.. حيث كنا نقدم أعمالاً علي قدر عال من الدقة حتي المسلسلاتالكوميدية مثل مسلسل » أهلا بالسكان« ولكن ما حدث مؤخراً هو إعادة واستنساخ لنفسالقصة جيلي تربي جيدا علي الفيديو الجيد ليس علي مستوي القصة فقط ولكن علي مستويالإخراج والتمثيل أيضا.
< تم تقديم العديد من المسلسلات التي تدورحول مشكلات الشباب فما الجديد الذي ستقدمه في »الجامعة«؟
- الجديد هو طريقة العمل وليس فيما يقال فأنا لن أقولللناس أن مشاكل الشباب علي حق فالعمل الجيد والسيئ يحملان نفس الرسالة ولكن الحكمعلي تقديم كل منهما لرسالته، الفكرة أننا نحاول أن نجعل المشاهد يري دنيا الشباببطريقة أكثر اقترابا حتي تعرفهم جيداً.
< وما أهم القضايا التي يتناولها المسلسل؟
- لا توجد قضايا بشكل مباشر لكننا نطرح فكرة مفهوم الآخرواختلافه سواء في الدين أو المجتمعات الأخري وأقدم هذه الرسالة بشكل غير ظاهرفالهدف الواضح والأساسي هو التسلية فنحن نعرض العالم وبما يحدث بداخله سواء اختلافالديانات أو النقاب أو الحجاب أو غيرها من القضايا التي تثير جدلاً بين الشبابولكننا نريد في النهاية توصيل فكرة التعايش مع بعضنا فنحن لا ننتصر لأحد ولا نحاولإقناع الجمهور بفكر محدد.
< بعض المواقع علي الإنترنت هاجمت المسلسللطرحه موضوع الحجاب والنقاب ما تعليقك؟
- بالطبع سيكون هذا رد الفعل المبدئي ولكننا نعرض حالةنقاش ولا نقول أنهم صح أو خطأ فعندما نقدم حلقة عن الحجاب أول شيء ستفعله المحجباتأنهن يلتفتن للحديث هل هو مع أم ضد وكذلك ستفعل غير المحجبات وهذا الجدل في حد ذاتههو ما نريده.
< ماذا عن توقيعك مع المنتج وليد صبري؟
- وليد صديق قديم ونحن نمتلك طموحات واحدة. لذلك اتفقناعلي العمل ونبحث عن السيناريو حتي الآن.
< هل هو عقد احتكار؟
ليس كذلك.. ولكننا تعاقدنا لأننا نريد تقديم عمل مختلفونحن من جيل واحد، كما أنه يمتلك هاجس التجديد لذلك نعمل حاليًا علي شيء لن أفصحعنه.
< معني ذلك أننا ننتظر فيلما جديدًا بعد عامين؟
تجربة المسلسل جعلتني أنزل الملعب للتمرن علي الأداءالسريع في العمل.. فلا أريد أن يقل إيقاع العمل ويسير ببطء مرة أخري.
< هل السبب في ابتعادك هو سوء حال السينما أمالإنتاج؟
- لا توجد أزمة في السينما سوي أزمة إنتاج.. كما أننيعرض علي أعمال كثيرة تتيح لي العمل مع ناس اتشرف بهم كثيرًا.. لكن بعد نجاح سهرالليالي فكان رهاني وقتها علي الجمهور والذي كان في حاجة إلي تنوع الأفلام وليسنوع واحد، الذي كان يقدم وهو الكوميدي.. وأذكر أن أهلي كانوا يدخلون جميع الأفلامومنها أفلام الميلودراما.. فجيلي أنا وصديقي السيناريست تامر حبيب يحب التنوع، ومنثم راهنا علي نجاح الفيلم بالرغم من تعرضه لمشاكل العلاقات بين الرجل والمرأة سواءعلي مستوي الحب والزواج أو علي مستوي الصداقة.
< هل أنت متابع جيد للسينما حاليًا؟!
- أحيانًا كثيرة ولكني بعد بدايتي في مسلسل »الجامعة«انقطعت نوعًا ما عن السينما.. وعلي كل حال ليست كل التجارب تستحق المشاهدة.
< وما رأيك في حال السينما حاليًا؟
- إن الظروف حاليًا مناسبة لتقديم تجارب جديدة، فهناكبالفعل تجارب مختلفة في بعض الأفلام ولكنها للأسف تفتقد القدرة علي التواصل معالجمهور لأسباب أجهلها. ولكني أنوي العمل علي تقنيات السينما لتقديم تجربة مختلفةتجذب الجمهور في نفس الوقت.. وأري أن هناك ضبابًا ووضعًا غير مستقر بشكل عام عليالمجتمع ككل وليس علي السينما فقط.. لذلك أشعر بحالة من الترقب أو الانتظار لشيءما لا أدري ما هو ولكنه سيظهر في وقته.
< وفي رأيك ما السبب وراء الأزمة الاقتصاديةالتي تعاني منها السينما حاليا؟
- أولاً هذه الأزمة عالمية وليست مقتصرة علي مصر فقط،وصناعة الفيلم هي التي تسبب الأزمة لأنها مرتفعة التكلفة وفي نفس الوقت ليس مانصرفه يدخل لنا من جديد.. فارتفاع الصناعة وارتفاع أجور النجوم وانحصار المساحةالتي توزع بها الأفلام كلها أسباب تعوق الصناعة ففي الخمسينيات كانت توصل أفلامنا لأوروباالشرقية والآن في لبنان نوزع أفلامنا في دور عرض قليلة جدًا، وهذا يرجع لعدة أسبابمنها انتشار الفضائيات والإنترنت.. بجانب أن المشكلة الحقيقية هي عدم إقبالالجمهور المصري نفسه .
< وهل أنت مع الرأي الذي يرجح انهيار صناعةالسينما قريبًا؟
- لا أعتقد. ولكن لو حدث هذا سيكون بسبب اقتصادي وليسبسبب الانحدار الأخلاقي الموجود بالأفلام.. لأن الانحدار كان موجودا بشكل أكثرتوسعا في مرحلة السبعينيات.. ولو أنه ساهم بشكل كبير في تدهور حال السينما لأنه كلمانقدم مستوي سيئًا نفقد مشاهدين.