بعد أن تمر الأشهر الأولى من العام ، بين موسم الجوائز ، أو بعض الأفلام التجارية التي تُعرض في تِلك الفترة غير الهامّة ، تبدأ ملامح خريطة العرض في التشكُّل ، ويُصبح واضحاً ، بعد جولة على جدول عروض الثمانية أشهر المُقبلة ، الأفلام التي تنتظر مُشاهدتها ، تِلك التي تأمل في أن مستوى فني عالي لها ، أو بشكلٍ أبسط: تجربة مُشاهدة ممتعة .
لم يَكُن عام 2011 مُرضياً بالنسبةِ لي على المستوى السينمائي ، صحيح أنه أنتج عدداً من الأفلام الجيدة ، ولكنها كانت أقل عدداً ، ولم يحوِ على فيلمٍ للذكرى ، باستثناء رائعتي تيرانس ماليك " The Tree of Life" ، و أصغر فرهدي " A Separation" .
هذا العام ، يحمل العديد من الأفلام التي أنتظرها بشدة ، ولأسبابٍ مُختلفة ، سأستعرضها في هذا الموضوع ، والسبب الأول في ذلك هو مشاركة هذا الانتظار مع آخرين ، والإشارة إلى أفلام أعتقد أنها ستصبح مُمَيّزة ، وتستحق الترقُّب .
أما السبب الثاني فهو أن الكِتابة تَحْفظ الذكريات والانطباعات ، وأُرِيد بعد أن ينتهي العام ، أن أعود لهذا الموضوع وأقرا مرة أخرى ما كتبته ، وأُقارن ما بين كان مُتوقعاً ومنتظراً ، وبين ما جرى بالفعل .
[http://www.youtube.com/watch?v=T90Holdcrps]
هُناكَ 12 عملاً رئيسياً أنتظرهم هذا العام ، وهُناكَ أعمال أخرى سأوردها في البداية ، وأنتظرها بشغفٍ أقل .
مثلاً ، فيلم Anna Karenina ، الذي يعود فيه المُخرج جو رايت ، لاقتباسِ رواية أدبية في زَمنٍ كلاسيكي ، بعد فيلميه المُقدّرين بشدّة " Pride & Prejudice" و" Atonement" ، وبوجود شريكته في العملين كيرا ناتالي بطلة هُنا أيضاً ، فإن بعض الآمال ترتفع لقدرِ "أفضل اقتباس سينمائي لرواية تولستوى العظيمة" .
المخرج الألماني الكبير مايكل هَانِكَه ، يعود مع فيلم " Amour" ، وهو العمل الأول منذ فوزه بالسعفة الذهبية لمهرجان كان قبل ثلاث سنوات عن رائعته "The White Ribbon" ، ويستعين فيه ببطلته المُفضَّلة إيزابيل هوبرت ، والنجم الفرنسي العظيم جان لوي ترينتينيان ، حيث يتتبع من خلالهم حياة زوجين مُتقاعدين إثر إصابة أحدهم بسكتة دماغية .
أول عمل هوليوودي عن مُلاحقة واغتيال أسامة بن لادن في " Zero Dark Thirty" مُنتظراً بالتأكيد ، خصوصاً وهو فيلم لـ كاثرين بيجالو ، بعد أن أصبحت أول امرأة تفوز بأوسكار أفضل إخراج ، عن فيلمها " The Hurt Locker" عام 2009 ، وفي أجواءٍ مُشابهة للعمل الذي منحها الجائزة .
والاحترام الحقيقي الذي ناله بين أفليك لم يكن في عشرات الأفلام التي قامم ببطولتها ، ولكن في فيلمين فقط قام بإخراجهم ، " Gone Baby Gone" ، ثم “ The Town" ، ولأنني أحببت العملين بشدّة ، فإن تجربته الثالثة في فيلم " Argo" ضمن المُنتظر مشاهدته هذا العام .
مخرج "Moulin Rouge!" باز لورمان ، يقدم اقتباساً عن رواية سكوت فيتزجرالد الشهيرة " The Great Gatsby" ، ويجمع في البطولة المتألقين ليوناردو ديكابريو و كاري موليجان ، تجعل من المُنتظر فيلماً كبيراً .
وعلى الرغم من أنني لم أعد مُهتماً بما يقدمه ستيفن سبيلبيرج منذ ست سنوات على الأقل ، خصوصاً حين يكون فيلمه الجديد عن الرئيس الأمريكي " Lincoln" ، بذكريات غير جيدة مع فيلمه " Amistad" ، الذي تناول فترة مقاربة زمنياً ، ومواضيع مشتركة عن العبيد وتشكل الهوية الأمريكية ، إلا أن وجود الممثل العظيم دانيال داي لويس في بطولة الفيلم هو السبب الوحيد الذي يجعل هذا العمل على قائمة مُشاهدات هذا العام .
وأخيراً فإن مُشاهد الإعلان الرسمي لفيلم " Dark Shadows" ، والمُعالجة الكوميدية التي بدت مُرتبكة ، قلل من حَماسي لهذا العمل ، وإن كان اللقاء الثامن بين المخرج تيم بيرتون والنجم الكبير جوني ديبسيظل مُنتظراً ، حتى كان هُناكَ 12 فيلماً آخر أترقب مُشاهدتهم هذا العام قبله .
[http://www.youtube.com/watch?v=ePV8WGngJRQ]
أُحِبّ رواية "البؤساء" ل فيكتور هوجو بشدة ، ورغم ذلك لم أُحب أي عمل سينمائي اقتبس عنها ، ربما بسبب مقدار الميلودرامية المُبالغ فيه في القصة ، والتي لم يستطع أي مخرج التعامل معها بشكلٍ متزن من قبل ، ولكن الأمر يبدو مختلفاً هذه المرة .
قصة "فان فالجان" ، الذي يسرق رغيفاً من الخبز ، فيُسجن لمدة عشرين عاماً ، قبل أن يخرج ويُمنح حياة جديدة ، دون أن يستطيع الهرب من ماضيه بسبب مُلاحقة الشرطي جافيرت له .
في تلك المرة ، يختار المخرج الحاصل على جائزة الأوسكار قبل عامين " توم هوبر" مُعالجة القصة موسيقياً ، ويعتمد على طاقم مُميز ، هيو جاكمان و راسل كرو و آن هاثاوي و هيلينا بونهام كارتر ، مما يجعل عودة "البؤساء" إلى السينما من جديد حدثاً يستحق الانتظار .
سيعرض في الرابع عشر من ديسمبر ، وتنتظر منتجوه أن ينافس على عدد من جوائز الأوسكار ، بعد دعمه بإنتاجٍ ضخم .
الفيلم الثاني لتيم بيرتون هذا العام أكثر انتظاراً من تعاونه مع جوني ديب ، ربما بسبب القصّة المُلهمة التي تحملها صناعته ، حيث قدم بيرتون ، في بداياته عام 1984 ، نفس تِلك القصة في فيلمٍ قصير ، وحاول من خلاله التعبير عن بصمته المُميّزة ، ولكن شركة ديزني اعترضت على القتامة الشديدة للعمل بالنسبة لفيلمٍ رسومي مُوَجَّه للأطفال ، وقامت بطرده ، وأوقفت التعاون معه .
وبعد قرابة الثلاثين عاماً ، أصبح خلالها بيرتون أكثر مُخرجي العالم تميُّزاً في سينما الفانتازيا والخيال ، طَلبت ديزني من بيرتون إعادة تقديم نفس القصة التي تسبَّبت في طرده ذات يوم ، ولكن في فيلمٍ أطول .
قصة الصَّبي الذي يفقد كَلبه ، ويُسخر كل ما يملكه من معرفة من أجلِ إعادة إحياءه من جديد ، سَتُطرح في دور السينما بالخامس من أكتوبر المُقبل .
لستُ مُتحمساً لفيلم شركة "بيكسار" هذا العام " Brave" ، لذلك أتمنى بشدّة أن يُتَوَّج بيرتون بجائزة أوسكار أفضل فيلم رسومي عن هذا العمل !
على الأغلب .. سيكون هذا الفيلم متوسط المستوى ، ورغم ذلك .. أنتظر مُشاهدته !
تَجميع نادر لأبطال أستوديو مارفيل الخارقين ، "الرجل الحديدي" ، "ثور" ، "هالك" ، وغيرهم ، في مُهمّة خاصة لحماية كوكب الأرض من هجومٍ فضائي عليه .
ربما لأن تِلك "التّيمة" ، التي تخص جمع عدّة أبطال في عملٍ واحد ، مُفضّلة بشدة ، وربما لأن الأفلام التي قدّمت في السنواتِ الماضية عن الأبطال الذين يضمَّهُم الفيلم لم تَكُن سيئة ، وربما لما ظَهَرَ من صراعات خَفية بين الشخصيَّات ذاتها في "إعلان" الفيلم الذي عُرِضَ قبل أسابيع ، ورُبما لأن بعض الأعمال تكون مشاهدتها مُمتعة رغم إنخفاض قيمتها .
أيًّ كانت الأسباب .. سأحضر هذا العمل في دور السينما عند عرضه في الرابع من مايو المُقبل
[http://www.youtube.com/watch?v=NPoHPNeU9fc]
هُناكَ شيء ما مُختلف في أفلام بوند الأخيرة ، منذ أن بدأ دانيال كريج بطولتها عام 2006 ، وفي الاقتباسِ الثالث والعشرين لروايات إيان فليمنج ، يبدو أنه سيُكْمل ذلك الاختلاف .
شخصياً ، لم أكن يوماً من المُعجبين بأفلام العميل الإنجليزي الأشهر ، إلا أن هُناك ثلاثة أسباب تجعلني مُنتظراً لمشاهدة هذا الفيلم تحديداً : 1- الأحداث التي تتعرض فيها شخصية M لمحاولة القتل ، فيبدو بوند هو المُهاجَم لأول مرة ، 2- وجود ممثل بحجم خافيير بارديم كَخِصم ، مما يجعل المغامرة بذاتها مُختلفة ، 3- وهو السبب الأهم .. أن المخرج الأوسكاري سام منديز، صاحب فيلم " American Beauty" ، هو من يقف خلف الكاميرا في هذا الجزء.
سيُعرض في التاسع من نوفمبر .
أقدّر بشدة ثلاثية " الخواتم" ، التي كانت الحدث السينمائي الأبرز في بداية الألفية ، ورغم أنه تقدير لا يتصل لمرحلة "الهَوَس" ، ولكنه كافياً ليصبح هذا الفيلم مُنتظراً .
كثيرون وضعوا "الهوبيت" على رأس أفلامهم التي ينتظرون مشاهدتها هذا العام ، وذهب المُتحمسين إلى أبعد من ذلك ، بأنه سيكون الفائز بأوسكار العام ، ويُكرر إنجازات الجزء الأخير لسيد الخواتم " The Return of The King" عام 2003 ، حين حصل على 11 جائزة كان مُرشّحاً لها ، في تتويجٍ مُستحق لكل نجاحات السلسلة خلال ثلاث سنوات ، في ليلةٍ تاريخيّة .
ولكن ما يجعل حماسي أقل ، هو الفتور الذي أصاب مسيرة " بيتر جاكسون" في السنوات الأخيرة ، وتحديداً في فيلمه " The Lovely Bones" ، وكذلك أن بدء القصّة من نقطة أسبق من تِلك التي خُضنا رحلتها في الثلاثية العظيمة ، تبدو مُخاطرة واضحة .
كُلها أسئلة ستتضح عند عرض الجزء الأول من الثنائية في ديسمبر المُقبل .
وودي آلان يُكمل جولته التي بدأها قبل ست سنوات ، بأفلامٍ تدور أحداثها في العواصم الأوروبية الشهيرة ، وفي تِلك المرة يذهب إلى إيطاليا مع أربع فصول مُتتابعة لقصصٍ وشخصيات لا يَجمع بينها سوى المدينة .
دائماً ما أجاد وودي آلان الأفلام المُعتمدة على فصولٍ قصيرة ، "Everything you Always Wanted to Know About Sex" هو المثال الأهم ، وفي تِلك المرة .. لا يبدو بعيداً عن تقديم عملاً مُمتعاً بنفسِ القدر .
ورغم أن اسم وودي آلان ، كمخرج وكاتب ، في حد ذاته يكون جاذباً ويجعل فيلمه مُنتظراً في كُل عام ، إلا أن أسماء من قبيل جيسي إيزنبيرج ، إلين بيج ، روبيرت بينيني ، بينلوب كروز ، والأهم: عودة آلان نفسه للتمثيل من جديد ، تَجعل رحلته إلى روما ، بعد لندن وبرشلونة وباريس ، منتظرة بشدّة
سيُعرض الفيلم في 20 أبريل بإيطاليا ، وسيطلق عالمياً في يونيو المُقبل .
[http://www.youtube.com/watch?v=quYMphMnugw]
العنوان وحده كافياً كي يكون هذا العمل ضمن الأفلام المُنتظر مُشاهدتها هذا العام ! ، ولكن ما يضعه في تِلك المكانة ، هو أنه الاجتماع الثاني بين مُخرجه وبطله ، بعد فيلماً كان "الحُصان الأسود" لـ2011 دون مُنازع .
اسأل أي مُهتم بالسينما عن مُفاجأة 2011 ، ستكون الإجابة هي " Drive" ، العمل الذي فاز بجائزة أفضل إخراج في مهرجان كان ، قبل أن يُصبح بعدها بأشهر على رأسِ الكثير من قوائم نُقاد أمريكا لأفضل أفلام العام ، حتى هؤلاء الذين لم يعتبروه فيلماً عظيماً ، وأنا مِنهم ، فقد قدَّروا بشدّة التجربة ، ونَكْهة "فيلم الحركة المُختلف" التي قُدّمت فيه .
هذا العام يجتمع المخرج المخرج نيكولاس ويندينج ريفن ، والممثل الرائع ريان جوزلينج ، مرة أخرى في تلك التجربة ، في أجواءٍ مُقاربة لفيلمهم الأول ، وأتمنى أن يحملوا نفس الوَهَج .
على الرغم من إعلان الشركة المُنتجة عن عرض الفيلم في أواخر 2012 ، إلا أن مُحبّي تيرانس ماليك يعلمون جيداً أن استغراق الرجل في التفاصيل ، ووقته الطويل الذي يقضيه في المونتاج ، يجعل من الصعب عرض العمل هذا العام .
وسواء عُرِض هذا العام ، أو العام المُقبل ، فإن الفيلم السادس في مسيرة ماليك المُمتدة منذ مطلع سبعينات القرن الماضي ، يبقى مُنتظراً ، وبشغف .
فيلمه الأخير "شجرة الحياة" ، الفائز بالسعفة الذهبية لمهرجان كان السينمائي الأخير ، كان الأول على قائمتي لأفضل أفلام 2011 ، جميع الأفلام التي قدّمها ماليك حَملت مراكز مُتقدّمة في أعوامِها ، وهذا الفيلم لن يكون بعيداً عنها .
قصة رجل يعود إلى بلدته الأصلية ، ويقع في علاقة حُب ، بعد انهيار زواجه من امرأة أوروبية ، ولكن كعادة مَاليك .. القصة ليست المُهمّة بقدر ما يُضفيه عليها من روحٍ شاعرية .
أتمنى مُشاهدة الفيلم هذا العام ، ولكن بالنسبة لرجل قدم خمسة أفلام في 40 عام ، لم يفصل بين كل منها والآخر أقل من خمسِ سنوات ، فعلى الأغلب لن أُشاهده قبل العام المُقبل .
.
.
.
في الجزء القادم من الموضوع ، سأتناول الأفلام الأربعة الأكثر انتظاراً بالنسبة لي هذا العام ، ويَجْمَع بينها أن مُخرجيها هم أهم وأعظم مُخرجي جيل التسعينات ، الذين يجتعون في عامٍ واحد لأولِ مرّة.