في 16 نوفمبر 1932 وفي منزل أحد أثرياء إسكندرية، ولدت الفنانة نعمت مختار، إحدى أيقونات الأنوثة في السينما المصرية، وتطبيقًا لمثال "رُب ضارة نافعة" كانت الخلافات العائلية السبب الأساسي وراء احترافها الرقص ومن بعده التمثيل، لأن والدتها خطفتها من منزل والدها في إسكندرية بعد طلاقها منه، وهربت بها إلى المنصورة في البداية، قبل أن تتجه إلى بورسعيد، حيث عاشت نعمت ووالدتها في بيت الست نبوية سليم التي كانت تمتلك فرقة في هذا الوقت لإحياء حفلات البهوات والباشوات وأعيان البلد، وحينما عادت الأم إلى القاهرة تركت ابنتها نعمت مختار في رعاية الست نبوية، ما دفع البعض للاعتقاد بأنها ابنتها، خاصةً وأنها كانت ترافقها دائمًا من وإلى المدرسة.
وفي المدرسة اكتشفت الست الناظرة أن نعمت "لهلوبة" في الرقص، فكانت تُحضرها لغرفتها وتشجعها على الرقص، وبهذا نجحت نعمت مختار في جميع موادها الدراسية وحصلت على الدرجات النهائية دون أن تحضر أيًا من الحصص المدرسية.
بعدها عادت نعمت مختار لوالدتها في القاهرة، والتي كانت تقطن في ذلك الوقت بشارع "محمد علي"، وتعرفت نعمت هناك على ريجسير يُدعى "قاسم وجدي"، والذي أُعجب بها جدًا كمونولجست، وقام بعرضها على المخرج حسين فوزي الذي كان يعمل وقتها على فيلم " فتاة السيرك" ل نعيمة عاكف، وشاركت نعمت في الفيلم بعدما خضعت لاختبار كاميرا ونجحت فيه بتفوق خلال عام 1951.
وبدأت نعمت مختار حياتها الفنية كراقصة، وقد وصفتها السيدة أم كلثوم في إحدى المناسبات بـ"سيمفونية الرقص الشرقي" كما كان الفنان فريد الأطرش يصطحبها معه في جميع حفلاته.
نعمت مختار كان لها أدوار لا تُنسى مثل دور "زنوبة" في " بين القصرين" عام 1962، وهي نفس الشخصية التي قدمتها نادية لطفي فيما بعد في " قصر الشوق" و" السكرية"، وأيضًا دورها في فيلم " الزوج العازب" سنة 1966 مع فريد شوقي و هند رستم، واستمرت نعمت في التنقل من دور لأخر، يتعامل فيهم المخرجين مع أنوثتها المتفجرة بشكل سطحي أو تقليدي، إلى أن جاء المخرج حسين كمال ومنحها دور "سنية" في " ثرثرة فوق النيل" سنة 1971، وهو الدور الذي قالت فيه جملتها الشهيرة "رجب حوش صاحبك عني"، وهو نفس الدور الذي أثبت أن العديد من المخرجين لم يستطيعوا توظيف الطاقة التمثيلية لدى نعمت مختار بالشكل المثالي.
بعدها بعامين عرض عليها رائد السينما الواقعية "الفتوة" صلاح أبو سيف دور في فيلم " حمام الملاطيلي" سنة 1973، والذي كان بمثابة أبرز وأهم أدوارها بالسينما، وفي نفس العام قررت نعمت مختار أن تنتج فيلم فتعاقدت مع المخرج يحيى العلمي، الذي أخرج فيلم "المرأة التي غلبت الشيطان" قصة وسيناريو وحوار توفيق الحكيم ويحيى العلمي وحصلت فيها نعمت مختار على دور البطولة.
وفي سنة 1974 تعتزل نعمت مختار التمثيل، وتتفرغ لبيتها وحياتها وتبتعد عن الأضواء وهي في قمة مجدها وشهرتها.
وكانت نعمت مختار في فترة من فترات حياتها زوجة للفنان محمود المليجي وضرة للفنانة القديرة علوية جميل.
وفي 9 نوفمبر 1989 تموت الفنانة نعمت مختار، بعدما غابت عن جمهورها لما يقرب من 15 عام، رحلت وحصيلتها الفنية حوالي 46 فيلم وأربع مسلسلات.