أزعم أنني حاولت الإجابة على العديد من الأسئلة الملتبسة التي تزيل جانبًا كبيرًا من الغموض حول شخصية نجم رفع اسم مصر في السينما العالمية ومحافلها خلال مسار طويل من التحدّيات وذلك في تسعة فصول ترسم بورتريهًا لشخصية عمر الشريف الإنسان والفنان وتحتوي على الكثير من التفاصيل والمعلومات عنه وعلى خلفية زمنه الذي بدأ فيه مشواره الفني وحتى اللحظات الأخيرة في حياته قبل الرحيل، تسعة فصول تسرد المشوار الفني والإنساني لعمر الشريف منذ أن كان اسمه "ميشيل"، وهو عنوان الفصل الأول الذي يتحدث عن الميلاد والنشأة والأسكندرية المدينة التي شكلت شخصيته وصنعت تكوينه الأدمي، وعن العائلة ذات الأصول الشامية التي استقرت في الأسكندرية قبل أن تنتقل إلى حي جاردن سيتي في القاهرة، وعن والدته وشخصيتها الاستحواذية وتأثيرها في رؤيته للحياة، وعن مدرسته الإنجليزية فيكتوريا كوليدج التي كانت أهم مدرسة في منطقة الشرق الأوسط حينذاك وتخرج منها أبناء الصفوة والطبقة الحاكمة والعائلات الثرية، حتى صار اسمه "عمر" وهو عنوان الفصل الثاني الذي يحكي التحول الذي حدث له بعد التخرج وشغفه بالتمثيل الذي بدأه مع مسرحيات شكسبير في المدرسة حتى وقف بطلًا من أول مرة أمام فاتن حمامة في فيلم "صراع في الوادي" بعد أن اختاره يوسف شاهين ووضعه على أول طريق النجومية ثم قصة إشهاره إسلامه وزواجه من فاتن حمامة، النجمة الكبيرة في ذلك الوقت، والتي منحته قبسًا من نجوميتها حتى صار "النجم" وهو عنوان الفصل الثالث الذي يحكي صعوده وخطواته السريعة على درب النجومية في السينما المصرية قبل أن ينحو إلى العالمية بعد أفلام صغيرة مثلها في أوروبا حتى اختاره المخرج البريطاني ديفيد لين لدور رئيسي في فيلم "لورنس العرب" الذي كان مفتاحه ليكون النجم "العالمي" وهو عنوان الفصل الرابع الذي يتناول بداية مشواره للعالمية وخروجه من مصر وانفصاله عن فاتن حمامة إلى أن يسلم نفسه لعالم جديد يكون فيه هو "المغامر"، عنوان الفصل الخامس الذي يحكي الكثير من الأسرار في حياة عمر الشريف ورحلة التوهة في الغربة وعلاقاته النسائية وانغماسه في عالم البريدج والقمار وكذلك يكشف عن مساحات مجهولة في حياته مثل علاقته بجمال عبدالناصر وأنور السادات ودوره المزعوم في معاهدة كامب ديفيد، لنكتشف ظلًا في شخصيته يؤكد أنه "المواطن مصري"، عنوان الفصل السادس الذي يرسم لنا خطًا في مشوار عمر الشريف الذي حرص على الخيط الذي يربط بينه وبين مصر طوال الوقت، يحقق نجومية عالمية لكنه يأت إلى مصر ليشارك في مسلسلات إذاعية لن تجلب له المال أو المجد، كما أنه حرص دائمًا على جنسيته المصرية ولم يوافق على حصوله على أي جنسية أخرى وظل محتفظًا بجواز السفر المصري وهويته المصرية حتى النهاية، وحين انغمس في القمار وأهمل السينما فخفت نجمه قليلًا عاد إلى مصر في الثمانينات وقدم أفلامًا أعادته إلى السينما المصرية، لكنها ليست عودة كاملة، لأنه عاد إلى السينما الأوروبية والأمريكية في أفلام متنوعة تناسب مرحلته العمرية الجديدة التي توزع فيها بين "الغاضب"، عنوان الفصل السابع، و"المتسامح"، عنوان الفصل الثامن، والفصلان يقدمان تحليلًا لسماته الشخصية الموزعة بين الغضب والتسامح لنكتشف أننا أمام رجل لا يلتزم إلا بمعايير إنسانيته ولديه شجاعة الاعتراف والمواجهة والبساطة التي تخرج عن إطار كونه نجمًا كبيرًا، حيث لا يضيف لنفسه هالة من القدسية عادة يحرص النجوم عليها أمام جماهيرهم، أما الفصل الأخير والذي يحمل عنوان "البطريرك" فيتناول كيف أصبح عمر الشريف بعد مشواره الحافل بمثابة الأب الرئيس أو البطريرك لجمهورية "الفنانون العالميون" إذا جاز التعبير، حيث أصبح هو الرمز بالنسبة للكثير من الممثلين العرب الذين تطلعوا إلى طموح العالمية، كما يتناول نفس الفصل الغموض الذي اعترى شخصية عمر الشريف في سنواته الأخيرة من إصابته بالألزهايمر وحتى رحيله.