هو أحد المُخرجين الموهوبين القلائل الذين يتمتعون بفكر وحدس فني عالي وإختلاف في نوعية ما يقدمه للجمهور، فأعماله السابقة قد حظيت باعجاب النقاد والجمهور معًا، حيث قدم في عام 2010 فيلم "هليوبوليس" وفي عام 2011 قدم "ميكروفون" وفي عام 2013 قدم فيلم "فرش وغطا" وفي عام 2014 قدم فيلم "ديكور" والذي تواجد ضمن قسم عروض خاصة في الدورة الـ 36 من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، كما أن أفلامه السابقة نافست في مهرجانات محلية وعربية وعالمية ونالت جوائز رفيعة، غاب عن الأضواء أربع سنوات ليعود ويُقدم فيلم جديد بعنوان "ليل خارجي" من المُقرر أن يكون عرضه العالمي الأول في الدورة الـ43 من مهرجان تورنتو السينمائي الدولي، والتي ستنطلق في الفترة من 6 إلى 16 سبتمبر، وبعد ذلك يمثل الفيلم مصر في المسابقة الرسمية لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي في دورته الـ40، بعد غياب الأفلام المصرية عن المسابقة العام الماضي، السينما.كوم حاورت المُخرج أحمد عبد الله وتحدثنا معه عن أخر أعماله "ليل خارجي" فإليكم الحوار..
الفترة الماضية وتحديدًا الثلاثة سنوات كنت أعمل على تحضير مشروع أخر كان مشروع فيلم كبير ومُكلف للغاية والتحضير والتجهيز له استغرق منا شهور ومع الوقت وأثناء انتظارنا للعمل، فكرت مع المُخرجة هالة لطفي "مديرة شركة حصالة" أن نعمل على فيلم أخر أسهل وأقل في تكاليفه، ومن هنا جاءت فكرة تقديم فيلم "ليل خارجي" الذي بدئنا في تصوير أبريل 2017 واليوم قد إنتهى وسيبدء دورته المهرجانية خاصته.
الحقيقة أن هذا اﻷمر مؤسف ومؤلم لي أن يكون مهرجان القاهرة السينمائي لا يوجد به أفلام مصرية، ويُصعب علي تقبل الأمر كما يصعب علي الفترة الصعبة التي مر بها المهرجان سابقًا، لكني من مدة طويلة متحمس للغاية لإدارة المهرجان الجديدة، فمهرجان القاهرة هو المهرجان الذي تربيت عليه أنا وجيلي وكنا نحضر عروضه في سينمات وسط البلد وتعلمنا منه الكثير والكثير، وبالتالي أذا صنعت فيلم فمن المؤكد أن يكون أول شئ يخطر ببالي أن أشارك بفيلمي في المهرجان وأكون جزء من هذا الحدث الهام، وبالفعل بعدما دعاني المهرجان للمشاركة بفيلمي فيه وكانت ظروف الفيلم لا تتعارض مع لائحة المهرجان، سعدت للغاية خاصة أن أخر مشاركة لي بعمل في المهرجان كان في عام 2014، دورة الأستاذ سمير فريد الذي أعتز به للغاية وأريد أن أرد الدين له ، فهذا الرجل هو من دعم أفلامي من أول لحظة، وعرض فيلمي "ديكور" في مهرجان القاهرة ودعمه للغاية، فأريد أن أرسل له رسالة اعتزاز وتقدير وحب له رحمه الله.
الحقيقة لا، لأن المهرجان يكفل للأفلام المصرية المشاركة فيه دعاية كبيرة ومحترمة كما أن الافلام التي تشارك فيه تنال كتابة واهتمام صحفي وإعلامي كبير، سواء كانت الكتابة عنه بالسلب أو الإيجاب لكن على الأقل سنعلم من خلال الأمر أراء النقاد والصحافة الفنية عن الفيلم وهذا أمر مهم، ومن المؤكد أن هذا الأمر لا يؤثر بشكل سلبي على الفيلم على الاطلاق.
الفيلم تم إنتاجه بالجهود الذاتية عن طريق تجميع المساهمات الأشخاص الذين شاركوا فيه حتى يظهر للنور، هذا العمل لم يُنتج تحت مظلة شركة إنتاج كبيرة الفيلم لكن تم إنتاده من خلال شركة "حصالة" وهي شركة صغيرة ولكن لها باع في أفلام وثائقية، وأفلام ذات طبيعة خاصة للغاية مثل فيلم "الخروج للنهار" الذي أخرجته هالة لطفي، فهذه الشركة كنت أريد العمل معها في فيلم، وبالفعل حدث الأمر وسعيد للغاية بتعاوني معهم، ولكن العائق الرئيسي كان في عدم توافر موارد مالية لإنتاج الفيلم خاصة مع عدم وجود شركة كبيرة تدعمنا ماليًا، وهذا الأمر كان أكبر العوائق ولكننا استطعنا تجاوزها وخرجنا بالفيلم للنور لأني أعتمدت اعتماد كلي على مساعدة الأشخاص العاملين بالفيلم اللي شغالة، وهناك أشخاص كثيرون شاركوا في إنتاج العمل، ودعموه بشكل كريم وسخي.
لا، نحن أصرينا أن في هذا الفيلم أن يحصل كل العاملين به على أجورهم، يمك أن يكون بعض النجوم الذين شاركوا في الفيلم كضيوف شرف يوم أو يومين كانوا يريدون أن يساهمو في الفيلم تنازلوا عن أجورهم، لكن الممثلين الرئيسيين في الفيلم أصرينا كل الأصرار على أن يحصلوا على أجورهم، أرى أن الفنان أذا شارك في فيلم سواء أمام الكاميرا أو خلفها وتنازل عن أجره فهذا أمر لا يساعد صناعة السينما على الأطلاق بل على العكس يضرها، أستطيع أن أقول أن الممثلين لم يحصلوا على الأجور التي يحصلوا عليها في السوق ولكننا كنا نعطيهم مميزات أخرى كالراحة في مواعيد وتنظيم أوقات التصوير وتفاصيل أخرى بحيث لا يشعرون أن الفيلم يشكل ضغط عليهم في مقابل أجر أقل من أجر السوق.
لدي تاريخ كبير مع مهرجان تورنتو، فقد تم اختيار 3 من أفلامي للمشاركة في المهرجان، وبصورة شخصية أحب للغاية هذا المهرجان لأنه واحد من المهرجانات القليلة التي أعتبرها مهرجانات "شعبية" بمعنى الكلمة، كل جمهور المدينة يدخل الأفلام ويتفاعل مع فعالياته عكس مهرجانات "كان" و"فينسيا" التي يكون الأمر محصور فيها على النقاد أو المهتمين بالسينما أو رجال صناعة السينما، لكن مهرجان تورنتو مهرجان للجميع، وكل عرض داخله أتعلم منه كثيرًا، فجميل أن ترى تعددية شديدة في الجمهور الحاضر للمهرجان، وهذا أمر مهم بالنسبة لي فشئ رائع للغاية أن تسمع آراء جمهور من الشرق الأوسط وأمريكا وكندا ومن أوروبا هذا أمر مفيد للغاية خاصة مع العرض الأول للعمل، غير أن المهرجان يدعم التجارب المختلفة فلا يقف دائمًا في صف النجوم أو في صف الأفلام الشهيرة أو صناع الأفلام المشهورين، لكنه يبحث عن أفلام من طبيعة مختلفة وهذا شئ أحترمه للغاية في المهرجان، لذلك أريد وأحب أن أكون جزء من المهرجان خاصة أن أخر مشاركاتي فيه كانت من خلال فيلم "فرش وغطا" 2013، وفي النهاية أحب أن أنوه وأعبر عن سعادتي بالعودة بعد 5 سنوات للمهرجان.
هذا أمر يحدث كل عام، فبالتالي كل فيلم يأخذ دورته بشكل عادل، هناك لجنة تشاهد الأفلام وتختار، فلابد أن يكون الفيلم طرح في دور العرض وهذا شرط أساسي في اللائحة لوضعه في القائمة، فعند طرح الفيلم في السينمات وقتها سنرى العام المقبل القائمة من جديد، نعلم جميعنا أن كل دولة تختار كل فيلم يشارك في الأوسكار، فيصل للأكاديمية فوق الـ100 فيلم، ويدخل 5 أفلام فقط القائمة النهائية، وليس فقط دخول الفيلم من ترشيحات الدول "لا" فممن الممكن أن يدخل فيلم قائمة الترشيحات من غير أن يكون مُرشح من قبل دولة ما، في النهاية هذا الأمر يكون مفيد للفيلم أن يقال عنه هذا العمل كان ترشيح بلده في الأوسكار.
هذا أمر يحدث في كل فيلم وبعض الجمهور وللأسف عدد كبير من الصحفيين يميلون لفكرة "قولبة الأفلام" فمنهم من يطلق على العمل "فيلم عيد" وأخر يقول "فيلم مهرجانات" وهكذا، لكن في الحقيقة أرى أن ليس هناك مسميات للأفلام، قائلًا :"حقيقة مفيش حاجة اسمها فيلم مهرجانات أو فيلم تجاري"، ﻷننا نمتلك في تاريخنا أفلام كثيرة نجحت في المهرجانات ونجحت تجاريًا سواء في مصر أو خارجها، والعكس صحيح وكل النماذج موجودة، فبالتالي أرى أن الموضوع مرتبط بالجمهور ومرتبط بشكل كبير على التوزيع الجيد بشكل زكي وفي مواعيد سليمة وي دور عرض مناسبة للعمل، هذا يجعل جمهور أكبر يذهب لمشاهدة الفيلم وأشخاص أكثر يتحدثون عنه، وأفترض أو أدعى أن فيلم "ليل خارجي" أكتر أفلامي قربًا لشريحة كبيرة من الجمهور، فهو ليس موجه لشريحة معينة أو لمحبي نوع سينما معينة، أتخيل انا اتخيل أن هذا الفيلم تحديدًا مصنوع لأي مشاهد يستطيع مشاهدته والاستمتاع به.