أعتقد أن مُشاهدة فيلم كئيب الأجواء أو حزين القصة عندما تكون في موود كئيب أيضًا، تكون نتائجه الآنية سلبية أكثر مِنها إيجابية. لكني أعتقد أيضًا أن النتائِج اللاحِقة لها فوائد حقيقية كثيرة. مثلًا في الدراما التراجيدية هُناك مصطلح يُسمى بـ(Catharsis) وهو أن يحصُل للمُشاهد عملية تطهير روحية بعد رؤيته لأفعال شديدة المُبالغة في دراميّتها، بحيث يشعر وكأنّه ولِدَ من جديد بعدها! أعتقد أن نفس الفكرة تنطبق على مُشاهدة أفلام حزينة بفترات الحياة المؤلِمة: أنتَ تُفرِّغ من طاقتك السلبية، وتواجه ذاتك، وربما تستيقِط سعيدًا في اليوم التالي بعد أن شاهدت هذا الفيلم الذي ضربَك في صميمِك، وهذا أمرٌ جيد. لكن ما لن يكون جيدًا على الإطلاق هم الساعتين التي ستُتابع فيهم الفيلم: أوصالِك وقلبُكَ سيُقطَّع ببُطء!
أيًا كان، هذه مجرد أفكار ربما لا تنطبق على الجميع. لكن ما ليس به مجالٌ للشك هو ضرورة مُشاهدة مِثل هذه الأفلام الـ"حزينة" بين حينٍ وآخر؛ سواءً كُنا سُعداء ونُشاهِدها كي نسترجِع قليلًا من أيامُنا الحزينة لنظلّ سُعداء فتراتٍ أطول. أو، أن نُشاهدها كعلاج من الأمراض النفسية التي تعترينا والحالات المزاجية الكئيبة التي لا يوجَد أكثر مِنها هذه الأيام.
جمّعت في هذه المقالة بعض من ترشيحاتي للأفلام الواقعية الحزينة (التي تُعتبر من الأصناف المُفضّلة لي)، واهتممتُ -كما عادة ترشيحاتي- بألا تكون أفلام جماهيرية أو معروفة جدًا تجنُّبًا لإعادة ذِكر قوائم تقليدية. عليّ فقط توضيح أمرٌ ما بخصوص طبيعة الأفلام المذكورة هُنا في القائمة وهي أنها تتميز أساسًا بشيئين اثنين؛ أولًا، كآبة الأجواء، وأنا أقصد الأجواء الدرامية (الضبابية غالبًا) التي تدور فيها القصة، وهي يمكن ألا تأتي مصحوبة بقصص حزينة. وثانيًا، حزن أو قسوة القصص ذاتِها. يجب التنويه أيضًا أن "فيلم حزين" يختلف عن "فيلم مؤثر"؛ هُناك أفلام كثيرة مؤثرة جدًا في دراميّتها وتُعطيكَ شعورًا "حزينًا" حقيقيًا إذا ما تماهيتَ مع سيناريوهاتِها، لكنها لا تملك هذا القدر من الحزن كي تجعلها تُصنَّف كفيلم حزين. أذكر مِنها مثلًا أفلامًا كـ(Oldboy) الكوري، أو فيلم بول توماس آندرسون (Magnolia)، أو تحفة دارين أرنوفِسكي الفنية (Requiem for a Dream): كلها أفلام درامية أكثر مِنها حزينة (هي هُنا بالنسبة لي حزينة النتائج). نفس الحال ينطبق على الفيلمان الكلاسيكيّان (Shindler's List) و(Downfall) رغم وقود قدرٍ محترمٍ من ضبابية وقتامة أجوائهُما في ظروفهما الحربية الاستثنائية. لكنّ الحُزن كـ"دافع بحدّ ذاته" هو هدفُنا هُنا..
بعد هذه المقدمة الطويلة التي لم نكن في حاجة إليها، إليكَ خمسة عشر فيلمًا أساسيًا والكثير من الأسامي التي سنمرُّ عليها، جميعها مختلفة الأصناف والثقافات، وتشترك في أنها تجارب قاسية المُشاهدة لاحتوائِها على جُرعات هائلة من المشاعر، التي، وللأسف، لم تسر بها الأمور كما أمِلنا. . . فتعال جانبي صديقي نحزن ونبكي سويًا لأنه ليس في الحياة أسوأ من البُكاء وحيدًا.
أقترح سماع المقطوعة الموسيقية 'Endless Flight' للملحن الأرجنتيني جوستافو سانتاولا عند قراءة المقالة، وهي موسيقى أحد الأفلام المذكورة هُنا التي فاز عنها جوستافو ذاته بالأوسكار: فيلم (Babel).
. . . . .