في الحقيقة هو سؤال صدمني بشدة منذ أعلنت عن كتابي "عمر الشريف .. بطل أيامنا الحلوة" الصادر عن دار مصر العربية للنشر والتوزيع ومكتبة أطياف، بل وتطوع البعض وأردفه بسؤال أخر: أكلما مات نجم يصدر عنه كتاب؟ وبما أنني لم أجد مبررًا منطقيًا يمنع صدور كتاب عن أي نجم سواء في حضوره أو غيابه، فقد اعتبرت السؤال في ظاهره وباطنه مستفزًا لأي كاتب كأنه يحاكمه لأنه مارس فعل الكتابة، وقبل أن أنطق وأقول: ولما لا نكتب عن نجم من لحم ودم يصعب على الموت أن يطويه كورقة مهملة؟ أجدني أقول: وليكن. كما لو كنت أستعير بعض غموضه الذي كان يداعب خيالنا، فلابد لي أن أتوقف عند نقطة الشغف والفرح في عيون بنات جيلي حين كان يذكر اسم عمر الشريف وكل واحدة منهن كانت ترى فيه نموذجًا لفارس الأحلام، وسيمًا ورومانسيًا ولديه شامة حُسن تحت عينيه الساحرة، مواصفات الحبيب الذي يُحلق بحبيبته حتى سابع سماء كما وردت ملامحه وتفاصيله في الحواديت القديمة التي كانت ترويها الجدات والأمهات، وبصفة خاصة أمي التي لم تمل يومًا من أن تحكي قصة "فاتن وعمر" كواحدة من قصص الحب التاريخية، كنوع من الاحتياج المُلح لرومانسية في زمن يابس وصعب، ولذا قدمت إهداء الكتاب إلى أمي التي علمتني في الصغر أن عمر الشريف هو الرومانسي الأعظم، صحيح أنني أدركت حينما كبرت أن الأمر مختلف، لكني صدقت أمي. من ناحية أخرى، فإن الكتابة عن عمر الشريف كواحد من رموزنا الفنية أمر لا حرج فيه، خصوصًا وأنني آمنت دائمًا بضرورة وجود مؤلفات تحكي سيَر اللامعين من أبناء الوطن لتكون نقطة ضوء تنير لنا الماضي وأحداثه وهزائمه وانتصاراته، فتصنع خطًا ممتدًا للمستقبل؛ نستطيع من خلاله أن نواصل الطريق بسهله وصعبه، ونحاول أن ننجو بروحنا من متاريس الجهل والخذلان ونحمي أنفسنا من الانهيار في الفراغ الفسيح، وعلى هذه الخلفية قدمت من قبل ثلاث أصبحوا نجومًا يمثل كل واحد فيهم زمنه وبيئته، فكان كتابي الأول في هذا اللون من الكتابة: "محمد منير .. حدوتة مصرية" الصادر عن مهرجان الأسكندرية السينمائي، و"حسين صدقي .. الملتزم" الصادر عن مهرجان القاهرة السينمائي، و"سمير صبري.. حكايتي مع السينما" الصادر عن المهرجان القومي للسينما المصرية، وفي كتابي الجديد "عمر الشريف.. بطل أيامنا الحلوة" اكتشفت أن حياة عمر الشريف أكثر ثراءً من أفلامه، فلا تستطيع أمامها سوى أن تنجرف في تفاصيلها المغوية لعلك تجمع أجزاءً من روح شفافة تشعل الظلام لكن يصعب عليك أن تمسك بتلابيبها، فتكتفي أن تتابع طوافها في شوارع الوطن والغربة.