عندما يطيل الله في عمر فنان قرر اعتزال صخب الحياة الفنية، تظل محبته في قلوب عشاقه باقية، لكن ماذا إذا ارتقى ذلك الحب واختلط بحنين لزمن كان كل شىء فيه راق وجميل، هذا هو الحال مع شادية،لدرجة أن المصريين ابوا أن يحققوا أية انتصارات دون أن يكون صوتها يشدو "يا حبيبتى يا مصر".
وعلى مدار عمرها، ملأت شادية الدنيا شقاوة ودلع وفرحة، فأحبها جمهورها واستحقت بجدارة لقب معبودة الجماهير.
وفي ذكرى ميلادها نسترجع أهم محطات حياتها الشخصية والفنية منذ الميلاد وحتى الاعتزال والابتعاد عن الحياة الفنية.
فتوش
طفلة شقية تحب الغناء والتمثيل، ربما كان ذلك أهم ما يميز طفولة فاطمة شاكر التي ولدت لأم تركية وأب مصري يعمل مهندساً زراعياً بالمزارع الملكية في أنشاص وأربعة إخوة هم محمد، طاهر، سعاد وعفاف، كانت فاطمة أصغرهم وأكثرهم شقاوة، حتى أن شقاوتها كانت تزيد على شقاوة إخوتها الذكور، لذلك كانوا يسمونها العفريتة، كما كانوا يطلقون عليها اسم فتوش، وهو اسم تركي معناه فاطمة.
كان الأب الذى يملك صوتاً جميلاً حريصاً على اصطحاب أسرته للسينما أسبوعياً، وكانت فاطمة أو فتوش تقوم بتقليد بطلات الأفلام التي تشاهدها، ومن أكثر الأفلام التي عشقتها ليلى بطولة ليلى مراد و حسين صدقي، وكانت تقف بالساعات لكي تشاهد نفسها وهي تقلد ليلى مراد، ورغم موهبتها لم يهتم أحد في المنزل بسماع صوتها، لأن شقيقتها عفاف-التى سبقتها للفن- كانت تستحوذ على إعجاب الأسرة، وكان معروفاً أن عفاف صاحبة الصوت الجميل التى تُسمع في المناسبات واللقاءت العائلية، ولكن فتوش لم تستسلم، وفي إحدى الأيام أقامت خالتها حكمت حفلاً في المنزل حضره المطرب التركي الشهير "منير نور الدين"، فقامت فتوش وغنت أغنية ليلى مراد " بتبص لي كده ليه" فحازت على إعجاب الجميع، وفي مقدمتهم المطرب التركي الذي أخبر والدها أن بين يديه كنزاً يجب أن يعرف طريقه إلى عالم الفن، ومنذ ذلك الوقت أدرك الأب موهبة ابنته، وقرر أن يساعدها، فأحضر لها من علمها أصول الغناء والموسيقى.
لا فتوش ولا فاطمة
لعبت الصدفة دوراً كبيراً في عمل شادية بالفن، فكان الأستاذ الذي علمها الموسيقى صديقاً للمخرج أحمد بدرخان، الذي كان قد أقام مسابقة من خلال شركة اتحاد الفنانين التي كونها مع حلمي رفلة والمصور عبدالحليم نصر، لاختيار عدد من الوجوه الجديدة للقيام ببطولة الأفلام السينمائية التي ستقوم بإنتاجها الشركة، فتقدمت شادية للمسابقة، وتحمس لها أحمد بدرخان بشدة، ولكنه اعترض على اسمها قائلاً " لا فتوش ولا فاطمة، معقولة في نجمة اسمها فتوش، أنا عاوز اسم فني" فاقترح عليه حلمي رفلة تغيير اسمها لشادية، وبالفعل أصبح هذا هو اسمها الفني، وقامت بتقديم دور صغير في فيلم أزهار وأشواك للمخرج محمد عبدالجواد، وعلى الرغم من عدم نجاح الفيلم، إلا أن حلمي رفلة رأى فيها مقومات بطلة فيلمه الجديد العقل في إجازة بطولة وإنتاج محمد فوزي، وهكذا بدأت شادية بطلة من ثاني أفلامها.
حقق الفيلم نجاحاً كبيراً، واستطاعت شادية إثبات نفسها تمثيلاً وغناء من خلال الأغاني الخفيفة التي قدمها لها فوزي، لتنطلق بعده وتقوم ببطولة العديد من الأفلام مع نجوم هذه المرحلة، أنور وجدي، عماد حمدي، محسن سرحان و كمال الشناوي الذى قدمت معه ثنائي فني متميز، وكان من أبرز أفلامها في تلك المرحلة ليلة العيد، فىي الهوا سوا، بشرة خير، ليلة الحنة، قدم الخير، معلش يا زهر، على الجانب الآخر كانت تقدم الأغاني الخفيفة خفيفة الظل التي يتداخل فيها إيقاع الدلع بالشباب، الصبا بالشقاوة، وكان من أشهر تلك الأغنيات واحد اتنين، دبلة الخطوبة، دور عليه، وعلى الرغم من نجاح تلك الأغنيات، إلا أن طريقة غناء شادية لم تعجب الكاتب الكبير عباس العقاد، حتى أنه كتب ذات يوم في يومياته بالأخبار معترضاً على هذا الصوت، واعتبره إهداراً للأصول والقيم.
الغيرة القاتلة
في وسط هذا النجاح الكبير الذى حققته شادية في مجالي الغناء والتمثيل، ربط الحب بينها وبين الفنان عماد حمدي، وانطلقت شرارة الحب من خلال قطار الرحمة، الذي كان ينتقل بالفنانين للمحافظات لجمع تبرعات لأهل الخير ودعم الثورة، ثم توطدت تلك العلاقة من خلال فيلم أقوى من الحب الذى قدماه سوياً، وعلى الرغم من فارق السن بينهما الذي يتعدى 20 عاماًَ، وزواج عماد حمدي من الفنانة فتحية شريف، إلا أن هذا لم يمنعهمها من اتخاذ قرار الزواج، وبالفعل عاشا حياة سعيدة في البداية، ولكن هذه السعادة لم تستمر طويلاً، إذ دخلت الغيرة من الباب ليهرب الحب من الشباك، فقد كانت الغيرة الشديدة أبرز عيوب عماد حمدي، فبدأت المشاكل والمتاعب، فقد كانت شادية بحكم سنها آنذاك تحب المرح والضحك، لكن عماد الذى عرف الغيرة وامتلأ بها قلبه، أصبح كثير الشجار معها ولأتفه الأسباب، وقد انتهت إحدى المشاجرات بصفعة عنيفة على وجه شادية، فلم تتحمل هذه الحياة، وحدث الانفصال.
رجل جنتلمان
عقب طلاقها من عماد حمدي عاشت شادية أياماَ صعبة، وأصيبت بحالة من الحزن والاكتئاب، لدرجة أنها ظلت شهرين كاملين مقيمة إقامة دائمة في البيت لا تخرج منه، ولم يخرجها من هذه الحالة سوى ظهور فريد الأطرش فى حياتها، وقصة الحب الجميلة التى ربطت بينهما، وعن بداية تلك القصة قالت شادية فى حوار قديم مع الناقدة السينمائية إيريس نظمي "وسط حالة الكآبة والحزن وشعور الفشل الذي يملأ حياتي ظهر فريد الأطرش فى حياتي، وقد كانت علاقتنا علاقة زمالة في الفن، وشاءت الظروف أن أقيم في نفس العمارة التى يقيم فيها فريد الأطرش خلال العامين الأخيرين من عمر زواجي بعماد حمدي، وكانت معرفتي بفريد عن طريق عماد حمدي، حتى جاءت أول فرصة عمل مع فريد عندما رشحني المخرج يوسف شاهين للمشاركة في فيلم "ودعت حبك"، وهنا اكتشفت إنساناً آخر غير الذى كنت أعرفه من بعيد، فهو إنسان طيب وحنون جداً، وكريم إلى أبعد الحدود، قلبه أبيض كقلب طفل، كما اكتشفت أنه خفيف الظل على عكس ما كان يشاع عنه، ووجدته مثالاً للرجل الجنتلمان الذى يعامل المرأة باحترام ولا يبخل عليها بحنانه، وبدأ حب فريد الأطرش يملأ قلبي وحياتي بعد أيام وشهور البؤس والدموع التي أعقبت طلاقي من عماد حمدي".
حب لم يكتمل
كان من المفترض أن تتوج قصة الحب الجميلة بين شادية وفريد الأطرش بالزواج، ولكن هذا لم يحدث لعدة أسباب أهمها حياة فريد غير المستقرة، فقد كانت حياته مليئة بالسهر والأصدقاء، أما شادية فتحب الاستقرار وتبحث عنه، وكما تقول فى نفس الحوار " كنت أبحث عن الاستقرار، فقد كنت انشغل في عملي في الصباح في الإستديوهات، وأبحث عن الراحة في المساء بعد العمل داخل بيتي الهادىء، بل أنني إذا سهرت ليلة في الأسبوع أشعر بالتعب بقية أيام الأسبوع، أما حياة فريد فكانت على النقيض، حيث السهرات الدائمة حتى مطلع الفجر، وهذا الكرم الزائد الذي لا ينتهي، والضيوف الجدد الذين يجيئون كل يوم، ودعوات الغذاء والعشاء وموائد الطعام المهدرة دائما، حياة غريبة عليّ، لكنى كنت أحاول تقبلها من أجل فريد فى البداية، ولكني لم أستطع أن أساير هذا الجو، ولم أقدر على الاستمرار فى هذه الحياة التى يصر هو عليها، ولا يستطيع آبدا أن يتخلى عنها، إن الاستقرار بالنسبة له شىء صعب، أما بالنسبة ليّ فهو شىء ضروري جداً".
زواج قصير
بعد فشل قصة حب شادية وفريد الأطرش، فاجأت دلوعة السينما الجميع بزواجها للمرة الثانية عام 1958 من عزيز فتحي الذى كان يعمل مهندساً بالإذاعة، وكانت تعرفت عليه فى سهرات فريد الأطرش الذى كان يتردد عليها بصحبة خالتيه الفنانتين ميمي و زوز شكيب.وكان عزيز فتحي يصغر شادية بعدة أعوام، وكان ابن أحد العائلات العريقة، فوالده المستشار محمد فتحي، وكانت بداية الحب بينهما على شاطىء ستانلي بمدينة الإسكندرية، وبعد فترة تعارف لم تزد على 10 أيام قررا الزواج، وباركت الأسرتان زواجهما، ولم يمر وقت طويل حتى وقعت المشاكل بين شادية وزوجها، بعدما علمت أنه كان متزوجاً من آخرى قبلها، ولم يخبرها بذلك، وزادت المشاكل بسبب ضيق عزيز فتحي من شهرتها، وقد حاولت شادية أن تحافظ على هذا الزواج لدرجة أنها حاولت فتح المجال لزوجها للعمل بالسينما وبالفعل أجرى اختبارين أمام الكاميرا، لكنه فشل فيهما، وأدى ذلك لرد فعل سيء عنده، فأخذ يتدخل فى عملها، ويقيد من حريتها، فلم تجد حلاً سوى الطلاق، فرفض فى البداية، ولكنها أقامت دعوى قضائية استمرت بالمحاكم فترة طويلة، ولم تنته إلا باتفاق ودي بين والد الزوج ووالد شادية.
المرأة المجهولة
بعد الانفصال، قررت شادية التفرع لفنها بشكل أكبر، والانقلاب على نوعية الأدوار التى تقوم بها، وكانت أولى خطوات الانقلاب قيامها ببطولة فيلم المرأة المجهولةحيث غامرت بتمثيل دور امرأة فى السبعين من عمرها على الرغم من أنها كانت لاتزال فى نهاية العشرينات، وكان الفيلم يعتمد على شادية كممثلة بالدرجة الأولى، وعن قصة قيامها ببطولة الفيلم قالت فى حوار قديم "كنت في حفلة وسمعت حسن رمزي و محمود ذو الفقار وهما بيتكلموا عن مين تكون البطلة التى ترضى تعمل دور واحدة عندها سبعين سنة، قلتلهم أنا، قالولي تعرفي، قلتلهم جربوا ومش حتخسروا حاجة".
وبالفعل بدأت شادية فى تصوير الفيلم، وكان المكياج من عوامل نجاح دورها، حيث حولها المكياج الكثيف من شابة صغيرة لامرأة فى السبعين من عمرها فتقول فى إحدى حواراتها " المكياج كان صعب أوي، أقعد أربع ساعات بدون أن أتكلم ولا أضحك، ويقعدوا يلزقوا حاجات التجاعيد والغدد، واقعد ساكتة لغاية ما ينتهوا من المكياج، لكن الحاجة الأصعب بعد ما أخلص الدور يقعدوا يشيلوا الحاجات اللي لزقوها".
ممثلة فقط
النجاح الكبير الذى حققته شادية فى المرأة المجهولة دفعها إلى اتخاذ قراراً بالتركيز على التمثيل بشكل أكبر، وألا يكون الغناء شرطاً في أفلامها، فقدمت أفلاماً مثل التلميذةل حسن الإمام، امرأة في دوامة لمحمود ذو الفقار، كما أبدعت فى عدد من الأفلام المأخوذة عن روايات لكبار الكتاب، وكان من أهمهم الأديب العالمي نجيب محفوظ، والتى قدمت له أربعة أفلام، فجسدت دور حميدة في زقاق المدق الذى أخرجه حسن الإمام، وشخصية نور في اللص وكلاب الذي أخرجه كمال الشيخ، وثالث الأدوار التي جسدتها شادية من شخصيات نجيب محفوظ كانت كريمة فى فيلم الطريق الذى قام ببطولته معها رشدي أباظة وقام بإخراجه حسام الدين مصطفى، أما الشخصية الرابعة فهي زهرة في فيلم ميرامارالذى أخرجه كمال الشيخ، ومن الأدوار المهمة الآخرى التي جسدتها شادية من روايات كبار الكتاب دور فؤادة فى فيلم شىء من الخوف لـ ثروت أباظة.
ولم تقتصر شادية على تلك النوعية من الأعمال، فقدمت أيضا أفلاماً كوميدية منها الزوجة 13 و نصف ساعة جواز، و عفريت مراتي لتثبت شادية أنها ممثلة موهوبة بالفعل، وأنها أكبر بكثير من مجرد مطربة عرفت طريقها إلى السينما مثل غيرها من بقية المطربين والمطربات.
الزواج الأخير
رغم قرار شادية بالتفرع بشكل كامل لفنها، إلا أنها وقعت في الحب للمرة الثالثة، وكان البطل هذه المرة الفنان صلاح ذو الفقار، حيث تحولت قصة الحب الشهيرة بين أحمد ومنى في فيلم أغلى من حياتي لقصة حب حقيقية فى الواقع، واندلعت شرارة الحب بينهما أثناء تصوير الفيلم، واستمرت قصة الحب شهوراً عديدة حتى توجت بالزواج، عاشت شادية وصلاح ذو الفقار حياة سعيدة جداً، ولكن حدثت الأزمة عندما شعرت شادية بالحنين للإنجاب، ورغم أن الأطباء أكدوا لها خطورة الحمل على صحتها، وأن جسمها الضعيف لا يقوى على احتمال الإنجاب، خاصة أنها حملت مرتان من قبل من زواجها من عماد حمدى وعزيز فتحي ولم يكتمل الحمل، إلا أنها لم تستمع لهم، وحملت بالفعل، ولكنها فقدت الجنين، وأثر هذا بشكل سيىء على نفسيتها، وبالتالى على حياتها الزوجية، فوقع الطلاق بينهما.
وقد أثمر هذا الارتباط والزواج بين شادية وصلاح ذو الفقار عن عدد من الأفلام الناجحة التى قاما ببطولتها، فقد اشتركا معاَ فى بطولة أفلام مراتي مدير عام، كرامة زوجتي وعفريت مراتي، وجميعها من إخراج فطين عبدالوهاب، كما أنتج لها فيلم شىء من الخوف دون أن يشارك في بطولته.
قررت شادية بعد طلاقها الأخير ألا تكرر تجربة الزواج مرة آخرى، وأن تعيش لتربية أبناء إخوتها الذين ملأوا عليها حياتها، وكانت ترى فيهم التعويض المناسب عن حلمها المفقود فى أن تصبح أماً.
الأغانى الوطنية
على الرغم من قرار شادية بالتركيز فى هذه المرحلة على التمثيل بشكل أساسى، إلا أنه بعد نكسة 67 قررت أن يكون لها دور من خلال الأغاني الوطنية، فقدمت فى الفترة من 1967 وحتى 1973 أكثر من عشر أغان وطنية، ومن تلك الأغاني "يا شعبنا"، "كلنا عرب"، "مع ألف سلامة"، "الدرس انتهى"، "يا عزيز عينى"، "يا أم الصابرين"، بالإضافة إلى أغنيتها الأشهر "يا حبيبتى يا مصر"، وكان لهذه الأغنية قصة، حيث قام بليغ حمدي بالاتصال بشادية وحدثها عن الأغنية التي كتبها محمد حمزة، وقام بتلحينها، فأصرت على حضوره لبيتها فوراً، وجلس بليع يحتضن عوده، وشادية تسمعه، ولا تتمالك نفسها فتبكي، وتطالبه بتسجيل الأغنية فوراً، وبالفعل غنت الأغنية بدموعها، وحققت نجاحاً كبيراً عند إذاعتها لأول مرة، وحتى الآن لاتزال من أفضل الأغانى الوطنية.
ريا وسكينة
ربما كان أهم ما ميز شادية طوال تاريخها، بحثها الدائم عن التميز والتفرد، ولعل هذا ما دفعها إلى الانقلاب على طبيعة أدوارها المرحة التي حققت فيها نجاحاً كبيراً، لتقدم نمط جديد من الأدوار التى أثبتت فيها نفسها كممثلة ناضجة، ثم عادت لتقدم تجربة مختلفة من خلال مسرحية ريا وسكينة، لتكون النجمة الوحيدة من بين نجمات جيلها التى قدمت مسرحية، وكان لقيام شادية ببطولة المسرحية قصة طريفة، فعندما كتب بهجت قمر المسرحية، وتم الاتفاق مع حسين كمال على إخراجها، كانت المشكلة الأولى التي واجهتهم تتعلق باختيار بطلة المسرحية، حيث طرحوا أسماء لنجمات، ومع كل اسم مقترح كان يتم الاتصال بصاحبته، وفشلت كل الاتصالات، فقد كن يعتذرن واحدة تلو الآخرى، فمن التى يمكن أن تغامر وتتصدى لدور ريا أو سكينة القاتلتين، وسُدت كل الطرق، وفجأة فكروا فى اسم شادية، وتم الاتصال بها، وجلس بهجت قمر يقرأ لها النص المسرحي، وشادية مستغرقة تماماً في الإنصات حتى انتهى بهجت من القراءة، وتحمست بشدة قائلة " محدش حيمثلها غيري"، وبالفعل قدمت المسرحية، وحققت نجاحاً كبيراً، وظلت تعرض حوالى 3 سنوات.
فقد الأشقاء
فى عز النجاح الكبير الذى حققته شادية على المسرح، تعرضت لثلاث أزمات شديدة، كانت البداية بوفاة شقيقها محمد، وكان بالنسبة لها الأب الحنون، ثم وفاة شقيقها طاهر الذى كان الأقرب إليها، وكان يدير أعمالها ويصاحبها فى رحلاتها، ثم تعرضت لمحنة المرض، حيث أصيبت بورم فى صدرها، وسافرت لأمريكا لإجراء جراجة دقيقة.
شائعة الوفاة
على الرغم من نجاح الجراحة، إلا أن شادية تعرضت لشائعة سخيفة أثناء وجودها بأمريكا، حيث أطلقت إحدى الفنانات شائعة وفاتها، وتناقلتها الصحف المصرية والعربية ووكالات الأنباء، وقد أحدثت الشائعة رد فعل قوى، لدرجة أن التليفزيون المصري أجرى لقاء مباشر مع شادية عبر الهاتف من لوس أنجلوس لكى يطمئن الناس على صحتها، وبعدها بأسبوع عادت لمصر، ووجدت في استقبالها جمهور غفير في مظاهرة حب مما أسعدها كثيرا، بعدها شاركت فى احتفالات أكتوبر، وكان أخر ظهور لها فى احتفالات المولد النبوي عام 1986 حين غنت "خد بإيدى" من كلمات علية الجعار، وبعدها أعلنت اعتزالها نهائياً.
الشيخ الشعراوى
رفضت شادية بعد الاعتزال إجراء أي مقابلات صحفية، ولكن بعد سنوات نجحت الإعلامية هالة سرحان فى إجراء حوار نادر معها عام 1994، تحدثت فيها عن أسباب وملابسات قرار اعتزالها فقالت " هي جت في ثواني، بعد أغنية خد بإيدي قررت الاتجاه لهذا اللون، فأحضرت مؤلفين وملحنين وقعدنا نسجل أغانى في الريكوردر لأحقظها، فوجدتنى مش عارفة أحفظ، مخى فى الصلاة وقراءة القرآن، فقلت يارب أعمل إيه، أجى أحفظ مش قادرة" وتضيف " جريت وركبت سيارتى بعد صلاة الظهر تقريبا، وذهبت للشيخ الشعراوي، وقلت له أنا جاية اسألك فى حاجة وامشى، أنا بعد ما غنيت خد بإيدى، قلت يارب أنا هغنى أغنيات دينية بس، وأنا دلوقتى مش قادرة أحفظ وعاوزة أتحجب" فقال لها الشيخ الشعراوى " انسي أنك شادية المغنية، فأنت الآن سيدة فاضلة عرفت طريق الحق تبارك وتعالى" وبالفعل كانت هذه الكلمات بداية تحول شادية الحقيقى، ومنذ تلك اللحظة انقطعت صلة شادية تماماً عن عالم الفن.
تعرضت شادية عقب إعلان قرار الاعتزال لضغوط شديدة لإثنائها عن قرار الاعتزال، كما عانت من شائعات عديدة، ولكنها ظلت ثابتة على قرارها بالاعتزال والابتعاد نهائيا، وأصبحت تقضى أيامها فى العبادة من صلاة وقراءة قرآن، بالإضافة لمشاريعها الخيرية، وقد تعرضت العام قبل الماضي لأزمة صحية حادة نتيجة إصابتها بأنفلونزا شديدة، مما استلزم دخولها العناية المركزة، ولكنها استردت عافيتها وعادت لمنزلها، لتواصل حياتها الهادئة.