"هو أجمل اختراع للقضاء على الحزن" لعل هذه الجملة التي قالها العندليب الأسمر عبد الحليم حافظعن الزعيم عادل إمام، تلخص مشوار حياة هذا النجم الاستثنائي الذى استطاع أن يمنحنا السعادة والبهجة من خلال مشواره الفني الذى امتد نحو 50 عاما.
لم يأت تميز عادل إمام على مدار حياته الفنية من قبيل الصدفة، كما أنه لم يعتمد على الجاذبية والوسامة التى استند عليها بعض أبناء جيله، لكنه امتلك من الذكاء الفنى ما جعله يتربع على عرش الكوميديا حتى الآن، ليظل الزعيم الذي صنع بهجة جيل بأكمله، ولايزال.
وفى ذكرى ميلاده الـ74 نعيش مع الزعيم أهم محطات حياته التي أهلته لأن يكون "صاحب السعادة" في قلوب محبيه.
حي الحلمية لم يولد عادل إمام وفي فمه ملعقة من ذهب، فلم يكن ابنا لأسرة غنية، أو يشغل أفرادها المناصب العليا، بل كان ابنا لعائلة بسيطة نزحت من قرية صغيرة قرب المنصورة، وجاءت للقاهرة في أوائل الثلاثينات، فكان والده صول بالشرطة، أما والدته فكانت سيدة بسيطة لا تعرف القراءة والكتابة، وكان عادل ابنهم الأكبر، بالإضافة لعصام الأوسط، ثم الابنة الصغرى إيمان.
ولد عادل إمام في 17 مايو عام 1940 في حي السيدة عائشة، وعاش هناك بضع سنوات، حتى انتقلت أسرته للحلمية التي شهدت فترتي صباه وشبابه، ولم تكن الحلمية مجرد مكان يعيش فيه، بل مثلت جزءً مهمًا في حياته، فكما يقول في حوار قديم " في الحلمية كنت عايش وسط الناس، أما ولية حاتولد نجري نجيب الداية، لما تحصل حريقة ندخل فيها ونطفي النار لغاية ما تيجي عربية المطافي، لما حد يعاكس بنت من بنات الحتة ناكله بأسناننا، ولما حد يموت ومعندوش مصاريف جنازة نجمع قرشين، كنت عايش تفاصيل حياة الناس اليومية".
معاملة قاسية
لم يكن عادل إمام طفلا مدللا، بل كان والده قاسيا في معاملته له بسبب شقاوته الشديدة سواء في الحي أو المدرسة، وكان الضرب المبرح جزاء لأي خطأ يرتكبه، فيقول " أبويا كان بيشتغل في البوليس، لو صوتي قلق ودانه ألقى الأقلام على وشي عدل مفيش فصال، وأفضل أعيط، وأصعب على أمي، وتقوله كفاية يا حاج، كفاية الواد حيسورق، مفيش فايدة".
أبو دم خفيف
التحق عادل إمام بمدرسة الحلمية الابتدائية، ولم يكن تلميذا متفوقا، فكان يكره المواد التي يدرسها، ماعدا مادة التاريخ التي كان يعشقها، وقد اشتهر في المدرسة بخفة الدم الشديدة، وتقليده لأصدقائه ومدرسيه، فيقول " كنت أترازل على خلق الله، واقلدهم بطريقة ساخرة، وأتعمد تلوين صوتي والاهتمام بالأداء وأنا أقرأ بعض النصوص أو القصص المقررة علينا، وقد تعلقت بهذه الطريقة من خلال الأستاذ مسعود مدرس اللغة الإنجليزية الذي كان يطلب منى أن أقوم بقراءة القصة، والتعبير عن حوار كل شخصية بطريقة مختلفة، وكان الأستاذ مسعود من أوائل اللذين لفتوا نظروا إلى موهبة التمثيل، وشجعني عليها بشكل غير مباشر، لمجرد أنه كان يضحك جدا من طريقة أدائي".
وعلى الرغم من أن عادل إمام كان يثير ضحك من حوله، إلا أن ذلك سبب له ألما نفسيا في البداية، لأنه تصور أن الناس تضحك عليه وليس منه، تضحك من شكله، ولا تضحك من ذكائه وظرفه، ولكنه أدرك بعد فترة أن ذلك لم يكن صحيحا، وكانت نقطة التحول في هذا الأمر، عندما تلقى تحية من الجماهير التي تجمعت في إحدى ساحات حي الحلمية، حيث وقف عادل يؤدي شخصية عسكري بريطاني من جيش الاحتلال يطارد أبطال المقاومة، وذلك من أجل رفع الروح المعنوية للشعب في أعقاب العدوان الثلاثي عام 1956، فيقول "**كان العسكري خائفا ومرتجفا ومثلت هذه الشخصية وأعطيتها جرعة ضخمة من الخوف، جعلت جمهور الساحة الشعبية يغرق في الضحك.. في هذه المرة سمعت لأول مرة صوت الضحك والتصفيق على شخصية اخرى غير شخصيتي الحقيقية".
شيوعي ومتصوف**
التحق عادل إمام بمدرسة بنباقادن الثانوية، وكان والده يحلم بأن يحصل على الشهادة الثانوية بمجموع كبير، ليكون مهندسا أو طبيبا، ولكن هذا لم يحدث، حيث كان لعادل اهتمامات أخرى غير الدراسة، مثل شلة أصدقائه، القراءة التي كان يعشقها، حلم الوقوف على المسرح خاصة بعد نجاحه في أداء شخصية الجندي الإنجليزي.
السياسة أيضا شغلت جزءً من اهتماماته في تلك الفترة، حيث انضم لحزب شيوعي، وقد حكى ذلك قائلا " فى المرحلة الثانوية اشتركت في حزب شيوعي من خلال صديقي عادل بيومي، وكانت له اهتمامته السياسية التي تأثرت بها، لأنه كان يجلس بجواري في الفصل، وانضممت لحزب العمال والفلاحين الشيوعي، برغم أني في وقتها لم أكن أفهم معنى كلمة شيوعية، ولكني لم أستمر معهم كثيرا بسبب الاسم الحركي، حيث كان معتادا أن يكون لكل عضو اسم حركي غير اسمه الحقيقي، وحدث أن اختاروا لي اسما حركيا هو عادل، وكنت أحب أن يكون اسمي الحركي مختلفا وغامضا، فقمت بتركهم" ، ومن الشيوعية إلى التصوف، حيث جاءت عليه مرحلة دخل فيها مرحلة التصوف، حيث كان ينتظم في حلقات الذكر التي تقام في الموالد، ويقرأ في كتب التصوف، كل هذا أدى لإهماله دراسته، فرسب عامين متتالين، وهنا فقد الأب الأمل في ابنه الأكبر على اعتبار أنه طالب فاشل، وقرر أن يكتفي بهذا القدر من التعليم، ويعمل في أي وظيفة بشهادة الابتدائية.
ابني حيكمل جامعة
على الرغم من أن والد عادل إمام كان له الكلمة الأولى والأخيرة في المنزل، ولم تكن زوجته تناقشه أو تراجعه في أي قرار يتخذه، إلا أنها في هذا الموقف لم تقف صامتة، حيث وقفت أمام زوجها لتقول له بصوت عال " ابني حيكمل جامعة يعني حايكمل جامعة" ومع إصرار الأم الشديد على أن يستكمل ابنها تعليمه، لم يكن أمامه في النهاية سوى الاستجابة لها، فوافق على إعادة ابنه للثانوية العامة للمرة الثالثة، وهنا واجهتهم مشكلة آخرى، لأن عادل استنفذ فرص التعليم النظامي في تلك المدرسة، فقرر الأب أن تنتقل الأسرة كلها إلى الإسكندرية، لكي يبتعد ابنه عن الأجواء التي يعيش فيها، وتلهيه عن المذاكرة والتركيز، والتحق عادل بالمدرسة الثانوية المرقصية، وحصل على الثانوية العامة بمجموع صغير أهله للالتحاق بكلية الزراعة.
زكي جمعة
في مسرحية مدرسة المشاغبين، كان هناك إفيه شهير لعادل إمام يقول فيه " المدارس باظت يا جدعان.. فين أيام رفاعة الطهطاوي وقاسم أمين وعلي مبارك وزكي جمعة.. مين زكي جمعة ده" ، الواقع أن زكي جمعة لم يكن مجرد اسم أطلقه عادل إمام، بل كان أحد الأشخاص الذين ساهموا في تكوين شخصيته الفنية، فعقب التحاقه بكلية الزراعة، حاول أن يركز في دراسته، ولكنه لم يستطع، فقد أصبح التمثيل مسيطرا على أحلامه، فبدأ يبحث عن فريق التمثيل بالكلية، والتقى بمحمد زكي جمعة رئيس فريق التمثيل بالكلية الذي ضمه لفريق التمثيل، ووقف بجانبه وسانده، فشجعه على القراءة والاطلاع، وتعلم منه كيف يقرأ في المسرح، وفي فن التمثيل، ولأعلام الكُتاب في القصة والرواية والمسرحية.
قدم عادل إمام عدة مسرحيات مع فريق التمثيل، أثبت فيها موهبته الكبيرة، مما جعل زكي جمعة يختاره رئيسا لفريق التمثيل، بعد حصوله على البكالوريوس.
بدأ فريق التمثيل -تحت قيادة عادل إمام- يقدم مسرحيات من الأدب العالمي لسارتر وتشيكوف، ومن الأدب المحلي، وكانت تلك الفترة المدرسة الحقيقية التي تعلم من خلالها فن التمثيل، وبدأ يدرك أن الفن ليس موهبة فقط، بل دراسة وخبرة إلى جانب الموهبة.
معايا عسلية
في تلك الفترة، كان عادل إمام يبحث عن فرصة لاحتراف التمثيل، وفي أحد الأيام فوجىء بزميله وصديقه صلاح السعدني يقول له أن فرق التليفزيون المسرحية تطلب وجوها جديدا، واقترح عليه أن يتقدما بطلبين للالتحاق بالمسرح، وبالفعل تقدما للامتحان في لجنة واحدة مكونة من الفنانين محمد توفيق و محمود السباع و عبد المنعم مدبولي، وكانت المفاجأة أن نجح صلاح وسقط عادل، لأنه قام بتمثيل مشهد تراجيدي من مسرحية بعنوان ثورة الموتى، وقد أثار بأدائه ضحك اللجنة، ولما التقى بعد ذلك بمحمد توفيق سأله إذا كان لا يصلح للتمثيل، فأجابه قائلا " تصلح.. بس ابعد عن التراجيدي، ودور على مشهد تاني كوميدي" وبالفعل استمع لنصيحة محمد توفيق، والتحق بالمسرح في دفعة أخرى جمعت بينه وبين سعيد صالحو جورج سيدهمو الضيف أحمد.
كانت أول أعمال عادل إمام في مسرح التليفزيون دورا صغيرا لا يتعدى دقيقة، حيث اختاره المخرج حسين كماللأداء دور بائع عسلية في مسرحية ثورة قرية، فكان يقول جملة واحدة " معايا العسلية بمليم الوقية" ثم يضيع في الزحام، ويختفي من المسرح، ولا يظهر مرة آخرى.
ده لسه عيل
أعتقد عادل إمام أن الحظ ابتسم له، وأنه سيشارك في العديد من المسرحيات بعد ذلك، ولكن ما حدث أنه تم فصله من مسرح التليفزيون، لأنه كان من بين مسوغات التعيين شهادة المعاملة من الخدمة العسكرية، ولأنه لم يحصل عليها، لأنه لايزال طالبا جامعيا، والخدمة العسكرية مؤجلة إلى ما بعد التخرج، تلقى خطابا بالفصل من المسرح، وانهارت آماله، لكنه ظل يتردد على المسرح ليعيش في الجو الفني.
في تلك الأثناء، ابتسم له الحظ مرة آخرى، عندما قابل مديرة المسرح فايزة عبد السلام، التي عرضت عليه أن يقوم بدور وكيل محامي في مسرحية أنا وهو وهىمن إخراج عبدالمنعم مدبولي، فوافق على الفور، وعندما شاهده أبطال المسرحية انقسموا في الآراء بشأنه، فقال منتج المسرحية سمير خفاجيأنه لا يصلح للدور، وقالت شويكار " ده لسه عيل" بينما وافق فؤاد المهندس على قيامه بالدور وقال " لا ده يصلح.. وأنا أعرفه عن طريق المسرح الجامعي حين كنت مشرفا عليه" ، وبالفعل قدم عادل إمام شخصية الأستاذ دسوقي بتميز شديد، وقال جملته الشهيرة " بلد بتاعت شهادات صحيح" ليكون هذا الدور بداية الطريق لعالم الشهرة والنجومية، حيث اختاره بعدها الفنان فريد شوقيالذي أنتج فيلم أنا وهو وهى لأداء نفس الشخصية، وكان أجره عن الفيلم 50 جنيها، بعدها انطلق يقدم العديد من الأدوار الصغيرة في بعض الأفلام مثل العقلاء الثلاثة و إجازة بالعافية و سيد درويش، ثم التقى المخرج فطين عبد الوهاب الذي اقتنع بموهبته الكوميدية، فقدمه في سلسلة الأفلام الكوميدية التي قدمتها شادية و صلاح ذو الفقار مثل مراتي مدير عام و كرامة زوجتي و عفريت مراتي، ومن الأفلام أيضا التي قدمها في تلك الفترة نص ساعة جواز و أضواء المدينة و لصوص لكن ظرفاء، كما اشترك أيضا في مسرحيات حالة حب و ذات البيجامة الحمراء و غراميات عفيفي، ومع بداية السبعينات وتحديدا عام 1973 كان موعد عادل إمام مع البطولة المطلقة من خلال فيلم البحث عن فضيحةللمخرج نيازي مصطفى.
إحنا حنتجوز
كان اهتمام عادل إمام في تلك الفترة منصبا على الفن والتمثيل، ولم يكن الزواج والحب ضمن اهتماماته، خاصة أنه مر في بداية مشواره الفني بقصة حب فاشلة مع فنانة، عندما رفضه والدها بسبب ظروف المادية السيئة، مما ترك جرحا في قلبه، وجعله ينسى التفكير في موضوع الزواج، حتى قابل زوجته ورفيقة عمره هالة الشلقاني، وقد حكى عادل إمام في كثير من حواراته عن قصة حبه وزواجه، فقال أنه في تلك الفترة كان يذهب كثيرا لمنزل صديقه المنتج سمير خفاجى في جاردن سيتي من أجل مسرحية مدرسة المشاغبين الذين كانوا يستعدون لتقديمها، وفي أحد الأيام رآها تطل من شباك الشقة المجاورة، فسأل سمير خفاجى عنها، فقال له " دي هالة عايشة مع ستها، دي بنت ناس أوي، دي من عيلة الشلقاني"، ومن هنا بدأ التعارف بينهم، وتعددت اللقاءات بينهم، وكان عمر هالة في ذلك الوقت 20 عاما، بينما عادل يكبرها بـ12 عاما، وعلى الرغم من أن عادل بدأ يشعر بالحب تجاهها، إلا أنه لم يفاتحها في أمر الزواج، حتى وجدها ذات يوم تقول له " يا عادل إحنا حنتجوز.. إحنا لبعض" ، وبالفعل تم الزواج، وكانت إمكانيات عادل إمام في ذلك الوقت ضعيفة جدا، فاضطر العروسان بعد كتب الكتاب إلى الفراق، ليبيت كل منهما في بيت أسرته، وظلا على هذه الحالة بضعة شهور، حتى عثر عادل على شقة في المهندسين. تغيرت حياة عادل إمام للأفضل بعد الزواج، وعاش حياة مستقرة وسعيدة مع زوجته التي أنجبت له أبنائه الثلاث رامي، سارة ومحمد.
رجب فوق صفيح ساخن
نجاح عادل إمام في فيلم البحث عن فضيحة أدى لترسيخ مكانته كأحد نجوم الكوميديا المتميزين على الساحة السينمائية، وقد توازى نجاحه السينمائي مع نجاحه المسرحي، فقدم في تلك الفترة مسرحية مدرسة المشاغبين التي حققت نجاحا كبيرا، وكان من أهم الأفلام التي قدمها في تلك الفترة شىء من الحب مع نور الشريفو سهير رمزي، و 24 ساعة حب مع حسن يوسفو سمير غانم، و ممنوع في ليلة الدخلة مع سهير رمزي وسمير غانم، و صابرين مع نجلاء فتحي ونور الشريف.
وعلى الرغم من أن تلك الأفلام حققت نجاحا، إلا أن نقطة التحول الحقيقية في شعبية عادل إمام كانت من خلال فيلم رجب فوق صفيح ساخن، الذي حقق نجاحا ساحقا، واستمر عرضه 36 أسبوعا متواصلا، وقد تزامن ذلك مع عرض مسلسله أحلام الفتى الطائر الذي جسد من خلاله شخصية الإنسان البسيط المظلوم الذي يحلم بأشياء بسيطة يحلم بها كل الناس العاديين. ولم يقتصر النجاح على السينما والتليفزيون فقط، إذ حقق نجاحا مماثلا من خلال مسرحية شاهد ماشافش حاجةالتي استمر عرضها 8 سنوات. لذا، يمكن القول أن عادل إمام استطاع في هذا التوقيت أن يفرض نفسه كأهم نجم على الساحة، وبعدها انطلق ليقدم أفلاما عديدة، أهمها شعبان تحت الصفر و إحنا بتوع الأتوبيس و رجل فقد عقله و انتخبوا الدكتور سليمان عبد الباسطو أمهات في المنفى.
أفلام جادة
على الرغم من النجاح الساحق الذي حققه عادل إمام في تلك الفترة، وتربعه على عرش الكوميديا سواء في السينما أو المسرح، إلا أنه لم يقتصر فقط على تلك النوعية من الأفلام، إذ قدم أفلاما جادة مع كبار الكتاب والمخرجين، وقد أثبت من خلال تلك الأفلام أنه ممثل شامل يستطيع تقديم جميع الأدوار، ومن أهم تلك الأعمال المشبوهالذي قدمه أمام السندريلا سعاد حسني، وأخرجه سمير سيف الذي كان رافضا في البداية لقيام عادل إمام بالدور، ولكنه بعد انتهاء التصوير، اعتذر له قائلا أنه أفضل من يقوم بالدور، هناك أيضا فيلم الغول الذي تعرض لأزمة مع الرقابة، التي صادرته في البداية ومنعت عرضه في مصر والخارج، وكتبت في مذكرة أن عادل إمام من خلال دوره يدعو إلى الثورة الدموية ضد أصحاب رؤوس الأموال، بل يعادي نظام الحكم ومؤسساته القضائية، ومن أفلامه المهمة أيضا الحريف للمخرج محمد خان، الذي يعتبره النقاد أحد أهم أفلام عادل إمام على مدار تاريخه.
مرتضى منصور
لا يمكن أن نشير إلى أبرز الأفلام التي أثارت جدلا في تاريخ عادل إمام دون أن نتوقف طويلا أمام فيلم الأفوكاتو، والذي قدم فيه شخصية المحامي حسن سبانخ، فعقب عرض الفيلم تقدم نحو 150 محاميا بدعوى ضد القائمين على الفيلم، فأصدر القاضي مرتضى منصور حكما بالحبس سنة مع الشغل لعادل إمام والمخرج والمنتج والموزع والممثل الذي قام بدور القاضي، ليصبح الفيلم قضية الموسم، خاصة بعد التطورات التي حدثت بعد ذلك، حيث أصدر المحامي العام لنيابات الجيزة قرارا بإيقاف تنفيذ الأحكام التي أصدرتها المحكمة، فأعلن مرتضى منصور استقالته. ولم يتوقف الأمر عند ذلك فقط، إذ اتهم عادل إمام في حوار صحفي مرتضى منصور بطلب رشوة منه، وهو ما اعتبره منصور سبا وقذفا في حقه، وحصل بمقتضاه على حكم بحبس عادل إمام لمدة 6 أشهر، وتعويض مليون جنيه، وبعد تدخل العديد من الشخصيات للوساطة بينهما، انتهت بتنازل مرتضى عن بلاغه في مقابل قيام عادل بنشر اعتذار له في الصحف.
رأفت الهجان
على الرغم من أن مرحلة الثمانينات شهدت تقديم عادل إمام لأهم أفلامه واكثرها نجاحا، إلا أنها شهدت أيضا اعتذاره عن أفلام مهمة في تاريخ السينما المصرية، فقام بها نجوم آخرين، وحققوا من خلالها نجاحا جماهيريا ونقديا، وفي حوار قديم لها تحدث عادل إمام عن أبرز الأفلام التي رفضها، ثم ندم على عدم قبولها فقال "يحدث أحيانا أن أرفض أفلاما ثم أندم عليها، فمثلا فيلم سواق الأتوبيس رفضته، ولما شاهدت الفيلم عجبني الأستاذ نور الشريف عمله بعظمة شديدة، أيضا فيلم الكيت كات لم أندم على أنني لم أفعله، لكني لما رأيت الأستاذ محمود عبد العزيز تأكدت انني لم أكن سأعمله بنفس الجودة، محمود عمله أحسن أكيد، وهذا ينطبق أيضا على فيلم البيه البواب، فقد قدمه الأستاذ أحمد زكي أحسن مما كنت سأعمله".
ولم تكن تلك فقط الأعمال التي رفض عادل إمام القيام بها، فقد رفض أيضا القيام ببطولة مسلسل رأفت الهجان، فعقب نجاحه في تجسيد شخصية جمعة الشوان في مسلسل دموع في عيون وقحة، عرض عليه المخرج يحيى العلمي بطولة مسلسل رأفت الهحان، فوافق في البداية، ولكنه طلب تغيير الأحداث، بحيث يبدأ المسلسل من لحظة القبض على الهجان عند الحدود المصرية الليبية، بدلا من موت البطل في بداية الحلقات، وقال أن موت البطل يضعف الخط الدرامي بها، ويحرم العمل من عناصر هامة مثل المفاجأة، اللهفة، التشويق، لأن الكل يعلم نهاية البطل منذ النهاية، ولكن يحيى العلمي و صالح مرسي لم يأخذا بوجهة نظره، فانسحب من العمل وقدمه محمود عبد العزيز.
شرفنطح
عندما تسأل أي من نجوم الكوميديا عن قدوتهم في هذا المجال، غالبا ما تكون الإجابة نجيب الريحاني أو إسماعيل يس، إلا أن الفنان عادل إمام كانت له وجهة نظر مختلفة في هذا الموضوع، فكانت لا تعجبه الكوميديا التي يقدمها إسماعيل يس أو نجيب الريحاني، وفي حوار له تحدث عن الكوميديا التي يقدموها قائلا " عندما ظهرت كان نفسي أعبر عن جيلي، عن كوميديا جديدة، مش كوميديا العبط والتخلف العقلي اللي كان بيقدمها إسماعيل يس، أو النمط الواحد اللي مابيتغيرش زي نجيب الريحاني" ، ويضيف "الريحاني لم يضحكني، حسن فايقلم يضحكني، الوحيد الذي كان يضحكني كان شرفنطح، فقد كنت أشعر أنه ممثل طبيعي". **
وحيد حامد **
على الرغم من تعاون عادل إمام مع كثير من الكُتاب والمؤلفين، إلا أنه يبقى للكاتب الكبير وحيد حامد بصمة خاصة لا تنسى في مشوار عادل إمام، حيث قدم له أهم الأعمال التي قدمها في حياته، وكانت بداية التعاون بينهم إذاعية من خلال مسلسل طائر الليل الحزين، ثم كانت أفلام الإنسان يعيش مرة واحدة والغول و الهلفوت و مسجل خطر. ومع أوائل التسعينات انضم لهذا الثنائي المخرج شريف عرفة ليقدموا أفلام اللعب مع الكبار و الإرهاب والكباب و المنسي و طيور الظلام و النوم في العسل، وقد تحدث وحيد حامد في أحد حواراته عن عادل إمام قائلا " كانت بداخلي شخصيات أريد تخيلها بشكل معين، وشعرت أن عادل إمام هو أقرب الناس لتقمصها وتحمل مسئوليتها بكفاءة، ورغم أن عادل إمام كان ممثلا كوميديا معروفا، إلا أنني كنت أشعر أنه يمكن أن يقدم التراجيديا بشكل جيد".
أفلام الشباب
مع نهاية التسعينات، ظهر ما يسمى بأفلام الشباب بأيطالها محمد هنيدي و علاء ولي الدين و أحمد آدم، التلاميذ السابقين لعادل إمام، إلى جانب ظهور جيل بمفردات جديدة على الساحة مثل أحمد السقا و هاني رمزي، وتزامن ذلك مع تراجع أفلام عادل إمام، فأدرك بذكائه الفني أنه لابد أن يغير من نوعية الموضوعات والأدوار التي يقدمها، ومن هنا بدأت مرحلة جديدة في حياة عادل إمام، فقدم أفلاما تناسب مرحلته العمرية، واستعان فيها بالشباب، ومن تلك الأفلام أمير الظلام و التجربة الدنماركية و عريس من جهة أمنية و بوبوس، وكان آخر أفلامه زهايمر.
الزعيم والرئيس
هل عادل إمام فنان السلطة؟ ربنا لم تثر علاقة فنان بالسلطة القائمة الجدل، مثلما أثارت علاقة الفنان عادل إمام بالأنظمة وتحديدا نظام مبارك، فعلى الرغم من قيامه ببطولة أفلام تفضح الفساد السياسي والاقتصادي في عهد مبارك مثل اللعب مع الكبار وطيور الظلام والنوم في العسل والإرهاب والكباب، إلا أنه كان دوما من المحسوبين على نظام مبارك، حتى قيل أن هجومه على التيارات الإسلامية في أفلامه، وخاصة الإرهابيكان لخدمة السلطة. تصرحات عادل إمام أيضا بشأن جمال مبارك وتأييده للتوريث قبل قيام الثورة، اعتبرها البعض دلالة على التأكيد أن عادل إمام فنان السلطة، فقد ذكر في حوار شهير مع مجلة "نيوزويك" الأمريكية قبل قيام الثورة أن من حق جمال مبارك ترشيح نفسه رئيسا للجمهورية، وقال نصا "إ نني أرى وللمرة الأولى شخصا يعد نفسه بشكل جيد لتولي هذه المنصب"، ولهذا عندما قامت ثورة 25 يناير، كان من أوائل الفنانين الذين تم وضعهم في القوائم السوداء للفنانين المعادين للثورة، ولكنه دافع عن نفسه في مواجهة اتهامات الانتماء للسلطة ومعاداة الثورة، فقال في حوار له " أنا بحب مصر ومغرم بها، وقد انخدعت في النظام السابق ورموزه مثل كل المصريين، ولم أتوقع كم الفساد الموجود في البلد"، مشيرا إلى أنه قدم أفلاما كثيرة تنتقد بشكل فاضح النظام السابق، والأوضاع التي يعاني منها الشعب، والفساد الذي كان موجودا في البلاد، قبل ثورة 25 يناير، وكان آخرها مرجان أحمد مرجان.
صاحب السعادة
طوال مشواره الفني، كان اهتمام عادل إمام منصبا على السينما والمسرح بشكل أساسي، بعكس الدراما التليفزيونية، فعقب تقديمه مسلسله دموع في عيون وقحة عام 1980 ابتعد عادل إمام أكثر من 30 عاما عن الدراما التليفزيونية، حتى عاد إليها عام 2012 بمسلسل فرقة ناجي عطاالله، وقد دفعه نجاح المسلسل لتكرار التجربة في العام التالي من خلال مسلسل العراف، وحاليا يقوم بتصوير مسلسل صاحب السعادة ليعرض في رمضان القادم.