هو فنان استثنائي بكل ما تحمله الكلمة من معنى، تميزه لم يأت فقط من نجاحه في الاحتفاظ بنجوميته لسنوات طويلة كان فيها القاسم المشترك لمعظم الأفلام الناجحة فى السينما المصرية، لكنها جاءت أيضا من احتفاظه بأخلاق القرية رغم نجوميته.
تاريخ طويل من الكفاح الفني عاشه شكري سرحان نوّع فيه بين الأدوار الرومانسية والتراجيدية بل والكوميدية أيضا، وحقق خلاله علامات مضيئة فى ذاكرة السينما لا يمكن نسيانها.
وفي الذكرى السابعة عشر لوفاته، نستعرض قصة كفاح فتى الشاشة الذهبي الذي استطاع بموهبته المتفردة وأداءه المتميز أن يصبح أفضل ممثل في تاريخ السينما المصرية.
أخلاق القرية
ولد الفنان شكري سرحان في 13 مارس عام 1925 في إحدى قرى محافظة الشرقية، لأب يعمل أستاذًا للغة العربية، وأم ربة منزل، وستة أشقاء عمل اثنان منهم في مجال الفن، وهما صلاح سرحان الذي قدم حوالي 15 فيلمًا، ومن أشهر أدواره دور شقيق صالح سليم الشرير في فيلم الشموع السوداء، وتوفي في أوائل الستينات عن عمر يناهز 41 عامًا، أما الثاني فهو الفنان سامي سرحان الذي اشتهر بأدواره الثانوية.
عاش شكري سرحان سنواته الأولى في القرية التي تعلم فيها العادات والقيم والأصول، وفي مذكراته التي نشرت في كتاب حمل اسم ابن النيل قال عن تلك الفترة " كانت نشأتي في القرية حيث التقاليد والقيم هناك مثل الماء والهواء، كنت أخرج من الجامع صباحا، وأنا في السابعة من عمري لكي أتوجه لحفظ القرآن الكريم عند الشيخ عبدالعاطي، وكان جميع الفلاحين حولي يعيشون على نمط واحد لا يتغير، حيث التقاليد والأصول والجذور".
بعد حصول شكري سرحان على الابتدائية، انتقلت الأسرة إلى القاهرة، وأقاموا في حي السيدة زينب، والتحق الابن بمدرسة الإبراهيمية الثانوية، وقد امتاز أثناء دراسته بكثرة الأنشطة التي يشارك فيها، فكان بطلاً رياضيًا في المصارعة والملاكمة وكرة السلة، وفي تلك الفترة فكر في الالتحاق بفريق التمثيل بوصفه أحد ألوان النشاط، وبالفعل قدم مع الفرقة العديد من المسرحيات، وفوجىء بحصول المدرسة على كأس المدارس الثانوية في التمثيل.
مطرود من البيت
على الرغم من سعادة شكري سرحان بالجائزة، إلا أن أسرته شعرت بالقلق والخوف من أن يؤثر التمثيل على مستقبله، فقام والده بنقله لمدرسة فؤاد الأول في العباسية رغم بعدها عن المسكن. وقرر شكري سرحان نسيان التمثيل بشكل مؤقت، والتركيز في دراسته، ولكنه لم يستطع أن ينفذ قراره، لأنه فوجىء بأعضاء فرقة التمثيل بالمدرسة الجديدة يلاحقونه للانضمام لهم، فاضطر في النهاية للموافقة، وقدم معهم العديد من المسرحيات، وبعد مرور 6 شهور حصل فريق المدرسة على كأس التمثيل، وفي حفل حضره وزير التعليم قام شكري سرحان بأداء دور مارك أنطونيو في مسرحية يوليوس قيصر، فقام الوزير بمنحه مجانية التعليم مدى الحياة.
بعد حصوله على الثانوية العامة، قرر شكرى سرحان الاتجاه للفن، وهو الأمر الذي رفضه والده بشكل قاطع، ومع إصرار الابن على دراسة الفن والاشتغال به، قام والده بطرده من المنزل، فلم يجد شكري سرحان سوى جامع السيدة زينب ليبيت فيه، ولكن هذا الوضع لم يستمر كثيرًا، إذ سرعان ما غير الأب موقفه بعدما وجدا إصرارا كبيرا من ابنه على الاشتغال بالفن، فأرسل في استدعائه من جامع السيدة زينب، ووافق على التحاقه بمعهد الفنون المسرحية مع شقيقه الأكبر صلاح، وكان أحد خريجي الدفعة الأولى من المعهد مع صلاح منصور، و فريد شوقي، و عبدالرحيم الزرقاني و حمدي غيث.
أنت مش نافع
عقب التخرج قدم شكري سرحان أدوارًا صغيرة في بعض الأفلام منها نادية مع عزيزة أمير و محمود ذو الفقار، و أوعي المحفظة مع تحية كاريوكا و محمود شكوكو، و جنة ونارمع عبد العزيز محمود و نعيمة عاكف، وفي نفس الوقت ألحقه زكي طليمات عميد المعهد بمسرح الدولة، الذي كان يضم أكبر تجمع من ممثلي المسرح بعد انضمام فرقة يوسف وهبي لهم، وفي تلك الفترة تقرر تقسيم الفرقة إلى قسمين، أحدهما تبقى في القاهرة، والثانية تقوم بجولة في الصعيد، وكان شكري سرحان ضمن المجموعة الثانية التي بدأت الجولة حتى وصلت المنيا، وهنا تلقى شكري سرحان برقية تخطره بضرورة العودة للقاهرة لتصوير أول بطولة مع نعيمة عاكف من خلال فيلم لهاليبو، فلم يعرف كيف يتصرف في هذا الموقف، وفي مذكراته حكى شكري سرحان عن هذا الأمر قائلا "احترت في أمري، عميد المسرح يوسف وهبي الذي يصاحب الفرقة في جولتها بالصعيد، لن يسمح لي على الإطلاق بالعودة للقاهرة، هداني تفكيري مع زميلي عمر الحريري سرًا على أن يقوم بدوري، إذا لم أستطع العودة للمنيا في ذات الليلة، ووعدته أن أبذل قصاري جهدي كي أعود قبل ميعاد ظهوري على المسرح، وسافرت للقاهرة وبعد الانتهاء من التصوير، توجهت فورًا إلى محطة الجيزة، ولكني لم أجد أي قطار يحملني إلى المنيا، وقبل أن أصاب بانهيار رأيت فجأة عربة سولار تسير في أول طريق الصعيد، وعرفت أنها متجهة للمنيا، وبعد رحلة شاقة وصلت إلى المسرح وأنا ألهث واجري بكل قوتي، ونجحت في الوصول ولم يكن دوري قد بدأ، ولكن أمري تم اكتشافه، قابلني يوسف وهبي والغضب يعلو وجهه، وقال لى أنت مفصول، ذهبت لاستسمحه فقال أنت مش نافع، شرحت له موقفي وأنها أول بطولة سينمائية لي، وأنها كانت فرصة ذهبية، فرد قائلا أنه بالرغم من قبول عذري، إلا أنه يؤسفه أن يقول أنني لا أبشر بشىء لا في السينما ولا في المسرح، وفي اليوم التالي ذهبت لاعتذر له مرة آخرى، فربت على كتفي قائلا، الكلام الذي قلته لك بالأمس أظنه درسا لن تنساه آبدا، أعطي الفن ليعطيك، ولا تتعجل أبدا الشهرة أو المال".
ابن النيل
بعد نجاحه في أداء دور البطولة في فيلم لهاليبو، قرر شكري سرحان الاستقالة من عمله في المسرح القومي، والتركيز بشكل كامل في السينما التي كانت تحتاج في تلك الفترة لدماء جديدة، فبدأ يقدم مجموعة من الأفلام منها بابا عريس مع نعيمة عاكف وإخراج حسين فوزي، و أنا بنت ناس مع المخرج حسن الإمام، ثم جاءته أول فرصة حقيقية من خلال فيلم ابن النيل للمخرج يوسف شاهين، الذي كان قد قدم فيلمه الأول بابا أمين، ولم ينل النجاح المنشود، وكان ابن النيل هو ثاني أفلامه، وقام شكري سرحان في الفيلم بدور حميدة الفلاح الطائش المتمرد على الأرض والزراعة، والحالم بالمدينة بكل ما فيها من أضواء، حقق شكري سرحان في هذا الدور نجاحاً لافتًا، وأكد من خلال الفيلم موهبته التي دفعت به إلى الصفوف الأولى في السينما، وأصبح فتى الشاشة الذي يقلده الشباب، وانتشرت في تلك الفترة موضة شكري سرحان، والتي تتلخص في تسريحة الشعر، والخصلة التي تتدلى على الجبين، ورفع أكمام القميص مثل الرياضيين.
فتى الشاشة الذهبي
أصبح شكري سرحان القاسم المشترك في معظم أفلام الخمسينيات، وقدم جميع أنواع الأفلام، الكوميدية والتراجيدية، سواء كانت بطولة مطلقة أو جماعية، وتنوعت أدواره ما بين الرومانسي الحالم، القروي الساذج، الشاب المكافح، الفتى الشرير، ومن أهم الأفلام الرومانسية التي قدمها في تلك الفترة، موعد مع الحياة أمام فاتن حمامة، و شادية و حسين رياض، وقام بأداء دور المهندس أحمد الذي يتفهم دوافع حبيبته المصابة بالقلب حين تحاول إبعاده عنها، وفيلم طريق الأمل مع فاتن حمامة و زهرة العلا، والذي قام فيه بأداء دور حسين الطيار الذي يتمسك بالفتاة الفقيرة سنية، ويحاول حمايتها والدفاع عنها حتى يتزوجها، ومع فاتن حمامة أيضا قد دورًا رومانسيًا من خلال فيلم الطريق المسدود، وكما قلنا سابقًا لم يقتصر شكري سرحان على نمط واحد من الأدوار، فنجده في فيلم شاطىء الذكريات، قدم دور الشقيق الشرير الذي يعتدي على فتاته، ثم يتركها ويهرب، وفي فيلم امرأة في الطريق مع هدى سلطان و رشدي أباظة و زكي رستم يقدم واحدًا من أهم أدواره، وهو حسنين الشاب المدلل الفاسد، وفي فيلم أنا حرة لـ صلاح أبو سيف يقوم بدور صاحب مجلة البعث الذي يكرس حياته للدفاع عن مبادئه التي يؤمن بها، وينبه بطلة الفيلم التي تقوم بدورها لبنى عبدالعزيز إلى معنى جديد للحرية، ومن أبرز أدواره في فترة الخمسينيات أيضا دور طه العجلاتي في فيلم درب المهابيل أول أفلام توفيق صالح.
شباب امرأة
لا يمكن أن نذكر أبرز أفلام شكري سرحان في مرحلة الخمسينات، دون أن ذكر فيلم شباب امرأة الذي يعد أحد أهم أفلامه على الإطلاق، حيث قدم دور "إمام" الشاب القروي الساذج الذي يرحل للقاهرة للالتحاق بالجامعة، لكنه يقع فريسة للمعلمة "شفاعات" صاحبة البيت الذي يسكن فيه، أجاد شكري سرحان في الدور، وأداه بشكل مميز، فاستحق عن جدارة جائزة التمثيل الأولى في المسابقة التي أقامتها الدولة للمتفوقين في صناعة السينما عام 1956.
انقلاب عسكري
عندما نذكر أهم الأفلام الرومانسية في السينما، فدائمًا ما يأتي في المقدمة فيلم رد قلبي، وقصة الحب الجميلة بين "علي" ابن الجنايني، و"إنجي" ابنة الباشوات، والتي كتب لها النجاح في النهاية بفضل ثورة يوليو التي أزالت الفوارق بين الطبقات، وعلى الرغم من أن شكري سرحان قدم دور أحد الظباط الأحرار، إلا أنه في الحقيقة كان من المعارضين لثورة يوليو، وفي حوار قديم له وصف الثورة بالانقلاب قائلًا أن فرض الحراسات والتأميم أضر بمصالح المواطنين، مضيفًا أنه كان من الصعب واللامعقول أن تدير مصر عقلية عسكرية بحتة، ورغم الرأي السلبي في حق الثورة، إلا أنه قال عن الفيلم " إن هذا العمل السينمائي الخالد قد أوضح إيجابيات الثورة، وتفاعلها المباشر مع أحداث الفوضى والفساد في مصر، وعلى النقيض أظهر أيضا الوجه السلبي للثورة، واتخاذها القرار الخطأ بتأميم ممتلكات الشعب".
مرحلة النضج
إذا كان من الصعب أن يحتفظ الفنان بالنجومية لأكثر من عشر سنوات، إلا أن شكري سرحان كان فنانًا استثنائيًا، حيث نجح في أن يظل فتى الشاشة في فترة الستينات، وقدم حوالي 45 فيلمًا، كان بعضها علامات في تاريخ السينما المصرية، مثل فيلم الزوجة الثانية مع سعاد حسني، و سناء جميل وصلاح منصور، والذي قدم فيه دور الفلاح "أبو العلا" المغلوب على أمره الذي يدفعه الفقر والخوف للسكوت عن جريمة زواج العمدة من زوجته، أدى شكري سرحان دور الفلاح على أحسن ما يكون، وكان من عوامل نجاحه في الدور اهتمامه بجميع تفاصيل الشخصية سواء ملابسها أو طريقة كلامها، ومن المواقف التي حدثت أثناء التصوير وتدل على اهتمامه الشديد بجميع التفاصيل، أنه كان يستعد لتصوير أحد المشاهد، فوجىء أنهم يحضرون له صديرى وجلباب نظيف جدا، فطلب منهم جلبابًا ممزقًا ليعبر به عن فقر الفلاح الذي يقدم شخصيته، ومن أفلامه المميزة أيضا في تلك الفترة اللص والكلاب لـ كمال الشيخ، حيث قدم شخصية "سعيد مهران"، واستطاع بفهمه العميق للشخصية أن يضيف بعدًا إنسانيًا لها، ويسهم في توضيح موقفها كضحية اجتماعيًا، كما قدم أيضًا دورًا مميزًا مع المخرج صلاح أبو سبف في فيلم لا تطفىء الشمس.
وفي نهاية الستينيات شارك في واحد من أهم الأفلام المصرية وهو المتمردون للمخرج توفيق صالح، وقام في هذا الفيلم بدور صعب ومركب، وهو دور الدكتور عزيز الذي آتى إلى المصحة مريضًا، ليجد العناية من أصدقائه الأطباء، ولكنه عجز عن تدبير دوائه بسبب الروتين والإجراءات، وعلى الرغم من ذلك تبقى مشكلته ضئيلة أمام ما يحدث أمام عينيه لمرضى العنبر المجاور الذين يتعرضون للموت كل لحظة، بسبب قلة الماء والدواء وسوء المعاملة.
ابن كليوباترا
لا يعرف الكثيرون أن شكري سرحان قدم أفلامًا عالمية مع مخرجين كبار، حيث اشترك في ثلاثة أفلام عالمية هم الفيلم الإيطالي ابن كليوباترا عام 1964 للمخرج الإيطالي "فيرناندو بلدي" وشاركه البطولة من مصر يحيى شاهين و سميرة أحمد، وقصة الحضارة للمخرج الإيطالي روبرتو روسيلليني أحد رواد الواقعية في السينما الإيطالية، بالإضافة لفيلم أسد سيناء للمخرج الإيراني فريد فتح الله منجوري.
رغم نجاح شكري سرحان في هذه الأفلام، إلا أنه لم يستمر طويلا في هذا الاتجاه، وفي حوار قديم له تحدث عن مشاركته في تلك الأفلام قائلا " لم أهتم ولم أسع للعالمية، فقد كنت مرتبطًا جدا بأهلي، وعندما تزوجت ارتبطت بزوجتي وأطفالي، ولم يكن هناك أي شيء في الدنيا يستحق أن أتركهم مهما كانت الإغراءات، أما بالنسبة للغة فأنا أجيد الإنجليزية واقرأ مسرحيات شكسبير، ولكني مثلت هذه الأفلام لأنهم طلبوني أولا، ولأن القصص كانت جيدة ومع مخرجين مميزين، ففيلم قصة الحضارة كان مقسما إلى 3 أجزاء منها جزء عن الحضارة المصرية القديمة، وقمت فيه بدور المهندس الذي بنى الهرم الأكبر، وكل ما يهمني هو أن أجيد عملي، كما استفدت فنيا من عملي مع مخرج مثل روسيلليني".
الفنان الملتزم
إذا كان شكري سرحان اشتهر في الوسط الفني بموهبته وأداءه المتميز، فقد كان معروفا أيضا بأنه فنانا ملتزما يتمسك بالأصول والقيم والتقاليد لأبعد الحدود، فعلى سبيل المثال أثناء قيامه ببطولة فيلم اللص والكلاب، طلب من المخرج أن يكتب اسم كمال الشناوي وشادية قبل اسمه، لأنهما سبقاه إلى عالم التمثيل، رغم أنه بطل الفيلم، وفي حوار له قال "لم أقبل آبدا أن يسبق اسمي من سبقوني من الأساتذة عماد حمدي، و محسن سرحان، وكمال الشناوي .. أنا الذي كان يطلب أن تكُتب أسماؤهم قبلي" ومن الحكايات التي تدل على تمسكه بالقيم والتقاليد التي تربى عليها في القرية، ما روته الفنانة هند رستم في حوار قديم لها فتقول " لا أنسى له موقفا شخصيا معي كان فيه نعم الزميل الشهم، وهو أنني كنت أمثل معه في رد قلبي، وكنا نجري بروفة لأحد المشاهد، وكنت مرتدية بدلة رقص لأني أقوم بدور راقصة، وجلست أتكلم مع عز الدين ذو الفقار عن كيفية ضبط الإضاءة، وما سنفعله في المشهد التالي" وأضافت "فوجئت بشكري سرحان ينادي على البنت اللي بتلبسني، وقال لها أطلعي هاتي لها روب، وعندما أحضرت البنت الروب، قلت لها مين قالك إن أنا عايزة روب، فقالت الأستاذ شكري هو اللى قالي، سعاتها شعرت بأن شكري ليس زميلا، بل هو أخ كبير، وأنني أخته، هو ده شكري سرحان برجولته وشهامته وأخلاقياته العالية".
هيرمين
على الرغم من الشهرة والنجومية التي حققها شكري سرحان على مدار مشواره الفني، إلا أنها لم تؤثر على حياته الخاصة التي كان عنوانها الالتزام، فلم يكن شكري سرحان مثل باقي نجوم جيله من حيث تعدد قصص الحب والزواج، حيث لم يتزوج الفتى الذهبي سوى مرتان، الأولى كانت في بدايات نجوميته، عام 1952، حين تزوج من الراقصة هيرمين، وهى راقصة أرمينية قدمت بعض الأفلام خلال خمسينيات القرن الماضي، مثل عريس مراتي، و عاشت للحب، و الدنيا لما تضحك، و قدم الخير، لم يستمر الزواج سوى سنتان فقط، وانتهى بالطلاق بسبب اختلاف الطباع، أما الزيجة الثانية فكانت عام 1965 من خارج الوسط الفني من السيدة ناريمان عوف التي أنجبت له ولديه صلاح ويحيى، واستمرت تلك الزيجة حتى وفاته.
زائر الفجر
مع بداية السبعينات، بدأ شكري سرحان يقدم نوعيات مختلفة من الأدوار تتناسب مع المرحلة العمرية التي وصل إليها، فقدم فيلم شىء في صدري مع هدى سلطان و رشدي أباظة، وزائر الفجر مع ماجدة الخطيب و عزت العلايلي، ويعد هذا الفيلم واحدًا من أهم الأفلام السياسية التي تناولت مراكز القوى أثناء حكم الرئيس جمال عبدالناصر، ثم عاد وكرر التجربة مرة آخرى في فيلم آخر يتناول مراكز القوى، وما أحدثته من فساد وقهر داخل المجتمع من خلال فيلم وراء الشمسمع رشدي أباظة، و نادية لطفيو محمود المليجي، وفي عام 1975 عاد للعمل مرة آخرى مع يوسف شاهين، وقدم معه فيلم عودة الابن الضال مع هدى سلطان ومحمود المليجي و هشام سليم، حيث قدم دور الأب المستبد القاسي على أولاده وأخوته وعائلته.
ومع بداية الثمانينات وسيطرة أفلام المقاولات والمخدرات على السينما، ابتعد شكري سرحان قليلا، ولم يقدم سوى أفلامًا قليلة أبرزها ليلة القبض على فاطمة مع فاتن حمامة وإخراج بركات، وكان آخر فيلم قدمه هو الجبلاوى عام 1991.
المسلسلات الدينية
رغم ابتعاد شكري سرحان عن السينما بشكل كبير خلال تلك الفترة، إلا أنه لم يبتعد عن الفن بشكل عام، حيث قدم أروع المسلسلات الدينية منها على هامش السيرة، و محمد رسول الله بأجزائه، و القضاء في الإسلام ، ولم يقتصر إبداع شكري سرحان على السينما والتليفزيون، إذ قدم عددًا من المسرحيات الهادفة على مدى مشواره الفني منها سيرك يا دنيا، ورجال الله، وآه يا ليل يا قمر.
أفضل ممثل
نال الفنان شكري سرحان العديد من الجوائز والتكريمات والأوسمة، مثل وسام الجمهورية من الطبقة الأولى في الفنون من الرئيس جمال عبد الناصر عام 1964، لكن تبقى أهم جائزة تكريم مهرجان القاهرة السينمائي الدولي عن مجمل مشواره في مئوية السينما المصرية، واختيار النقاد له كأفضل ممثل في تاريخ السينما، لأنه شارك في 17 فيلما من بين أهم 100 فيلم في تاريخ السينما المصرية.وبعد شهور من حصوله على هذا اللقب الذى استحقه بجدارة، أصيب بأزمة صحية أدت لوفاته، ليرحل ابن النيل والفتى الذهبي في 19 مارس عام 1997 تاركا مسيرة فنية حافلة وأعمالا خالدة.